في الشأن الإخباري والتحليلات السياسية يقال دائماً إن أضعف المعلومات هي تلك التي تتم نسبتها إلى «مصادر موثوقة» مرة والى أخرى «عليمة» أو مطلعة مرات. ففي الحالات كلها يظلُ الخبر من دون سند مقنع يمكن الرجوع اليه، مسألة تشبه إلى حد بعيد الاستشهاد بالأموات لتأكيد رواية ما. الأمر ذاته بدأنا نسمعه في فضائيات عربية عدة في الشأنين الثقافي والفني هذه الأيام، حيث يعمد بعض القائمين عليها الى حشد معلومات غير مسنودة ولا يمكن التحقق منها. ويجعل ذلك من تلك البرامج مساحة للشك والبلبلة، بل التشويه وإيقاع المشاهدين في التضليل. مشكلة هذه الفوضى أنها تقع في المساحات الثقافية والفنية، أي أنها لا تحظى بالضرورة بالاهتمام و «الملاحقة» من المعنيين، خصوصاً أن كثراً من الناس يعتبرون أن الشأنين الثقافي والفني ليسا بالأهمية التي للسياسة كي تتم ملاحقة أخبارهما وما فيها من معلومات. هي مرّة أخرى عودة للعلاقة الوثيقة بين الدراسة والتحليل وبين المعلومة، فمهما تكن براعة التحليل أو حصافة الدراسة، تظلُ ناقصة وعاجزة إذا لم تستند الى المعلومات الدقيقة التي ستكون في هذه الحالة العمود الفقري، والتي يبحث عنها من يطلب تلك الدراسة أو البحث. أكثر حالات الفوضى هي بالتأكيد في البرامج الفضائية الفنية، والتي تحولت أو تكاد الى مساحات بث لأخبار النجوم، وما يحيط بهم وبفنهم وحياتهم من إشاعات، ينطلق منها معدُّ البرنامج ومقدمه لتحقيق أعلى درجة من الإثارة. صحيح أن مقدم البرنامج يستند غالباً الى قصاصات ورقية من هذه المجلة الفنية أو تلك، ليقرأ تصريحاً من هنا، وخبراً من هناك، «لتأكيد» معلوماته، انما من دون أن يتمكن من تأكيدها لسبب بسيط هو أن تلك المجلات تعيش هي الأخرى الحالة ذاتها من فوضى المعلومات، وليست بالتأكيد مصادر موثوقة يمكن الرجوع اليها. هل البرامج الثقافية والفنية أقلّ أهمية حقاً من التحليلات السياسية والنشرات الإخبارية؟ المؤكد أن البث الفضائي العربي وبعد كل هذه السنوات لا يزال يعيش حالة من انعدام الوزن، حيث البحث عن «التسلية» ممزوجة بشيء من الإثارة الكاذبة، هو الأساس... وهدف كهذا يجده البعض مسوّغاً مقبولاً لأية نواقص أو ثغرات.