أعلن مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي، أن عمالقة الصناعة المصرفية الأميركية الستة قادرون على تحمل خسائر ضخمة في حال تعرض الاقتصاد الأميركي لهزة عنيفة مفترضة، مستثنياً مصرف «سيتي بنك» أكبر ضحايا أزمة المال التي ضربت أميركا في خريف عام 2008، وواحد من المصارف الأميركية المتعثرة التي حصلت على استثمارات «إنقاذ» من صناديق ثروات سيادية خليجية. وأوضح المصرف المركزي، الذي نشر أول من أمس نتائج ثالث اختبار أجراه منذ الأزمة لقياس مدى جاهزية المصارف الأميركية للتعامل مع أخطار محافظها الإقراضية، أن خمسة من المصارف الكبرى، «بنك أوف أميركا» و«غولدمان ساكس» و«جي بي مورغان تشيز» و«مورغان ستانلي» و«ولز فارغو»، ستخرج من فترة الهبوط الحاد المفترضة بالحد الأدنى من الملاءة المالية، على رغم المضي قدماً في خطط زيادة توزيع الأرباح وشراء أسهمها. وشملت شروط الاختبار، الذي يغطي فترة من تسعة فصول متتالية تمتد من بداية الربع الأخير من عام 2011 حتى نهاية عام 2013، خسارة أسواق المال الأميركية نصف قيمتها في السوق وانهيار أسعار العقار بنسبة 21 في المئة (إضافة إلى 30 في المئة خسرتها منذ انفجار فقاعة الرهون العقارية الرديئة)، وكذلك ارتفاع نسبة البطالة إلى 13 في المئة، فضلاً عن تراجع النشاط الاقتصادي في أوروبا وآسيا. واستناداً إلى تقديرات مجلس الاحتياط الفيديرالي، تواجه المصارف الأميركية الرئيسة ال 19، خصوصاً العمالقة الستة خسائر بقيمة 534 بليون دولار، تتوزع في شكل غير متكافئ على محافظها من الرهون العقارية والقروض التجارية والإقراض الاستهلاكي. وكي تكون المصارف قادرة على تحمل هذه الخسائر الافتراضية، نصّت شروط النجاح في الاختبار على ألا تقل نسبة المستوى الأول من رأس المال (حقوق المساهمين) عن 5 في المئة. «سيتي بنك» يفشل وفي حال قرر «سيتي بنك» صرف النظر عن خططه لزيادة توزيع الأرباح على المساهمين وشراء أسهمه، التزاماً بتوصيات المصرف المركزي في هذا الشأن، فهو لن يضمن نجاحه في الاختبار فحسب بل سيكون وضعه أفضل قليلاً من «غولدمان ساكس» و «مورغان ستانلي» وحتى «بنك أوف أميركا» وهو المصرف العملاق الثاني الذي حصل على استثمارات إنقاذ من صندوقي الثروات السيادية الإماراتي والكويتي في ذروة الأزمة. وتزامن إعلان نتائج الاختبار مع التئام أعضاء لجنة السياسة النقدية لمجلس الاحتياط في اجتماع دوري صدر في ختامه بيان، حمل بصيصاً من التفاؤل بتحسن حركة النشاط الاقتصادي واستمرار السيطرة على التضخم على رغم ارتفاع أسعار الوقود الذي اعتبرته اللجنة «حدثاً موقتاً»، ما دفعها إلى إعادة التأكيد على الاحتفاظ بسعر الفائدة الرسمي عند مستواه الحالي الذي يتراوح بين صفر و0.25 في المئة حتى وقت متأخر من عام 2014. وعزا محللون القوة النسبية التي خرجت بها المصارف الأميركية من اختبار الأخطار الأخير، إلى نجاحها في التخلص من أجزاء مهمة من قروضها المتعثرة لا سيما الرهون العقارية الرديئة، واقتناص الفرصة التاريخية المتاحة أمامها للاقتراض بفائدة منخفضة، إضافة إلى الحد من نشاطها الإقراضي. واجتمعت هذه العوامل لتتيح للمصارف الأميركية الرئيسة ال 19 رفع متوسط المستوى الأول من رؤوس أموالها إلى نحو 10 في المئة. لكن وثائق الاختبار كشفت أن الصناعة المصرفية الأميركية لا تزال بعيدة من التخلص من أوزارها، لأن التراجع الحاد المتوهم سيرتب على سبعة مصارف رئيسة من بينها «سيتي بنك» و «ولز فارغو» خسائر تتراوح نسبها بين 7.4 و 9.7 في المئة من القيمة الإجمالية لمحافظها من الرهون العقارية. بينما تتراوح خسائر محافظ القروض التجارية لسبعة مصارف تشمل «سيتي بنك» و «جي بي مورغان» و «يو إس بانكورب» بين 8.1 و 10.9 في المئة. وفشل أي من العمالقة في تصدر لائحة الفائزين في اختبار الأخطار. وتصدى لهذه المهمة، أقله بسبب طبيعة نشاطه المصرفي، «بنك أوف نيويورك ميلون» وكذلك «أميركان اكسبرس» و«ستيت ستريت».