بيروت، انقرة، جنيف - «الحياة»، ا ف ب، ا ب، رويترز - فيما توقع المراقبون مصيراً لادلب يشبه مصير حي بابا عمرو في حمص بعد سيطرة القوات السورية عليها، علمت «الحياة» في نيويورك ان الاممالمتحدة تلقت امس رد الرئيس السوري بشار الاسد على الاقتراحات التي كان قدمها اليه المبعوث الدولي - العربي كوفي انان خلال زيارته الاخيرة لدمشق، وهو رد يستدعي بدوره اسئلة وايضاحات. وكان انان لخص اهداف مهمته بثلاث نقاط: وقف اطلاق النار، تسهيل وصول المساعدات الانسانية وبدء حوار سياسي. في موازة ذلك، احكم الجيش السوري السيطرة على مدينة ادلب التي كانت في قبضة منشقين خلال الاشهر الماضية، بحسب مصادر متطابقة حكومية ومعارضة. وكان الجيش بدأ عملياته العسكرية في هذه المنطقة القريبة من الحدود التركية قبل ثلاثة ايام في مواجهة مئات من العناصر المنشقة التي انضوت تحت لواء «الجيش السوري الحر». وكانت ادلب بين المواقع الاولى التي سيطر عليها المنشقون منذ الصيف الماضي. وقالت مصادر في المنطقة قبل ايام ان ذخيرة المنشقين بدأت بالنفاد. وابدت مصادر معارضة امس مخاوف من ان تتعرض ادلب لمصير حي بابا عمرو في حمص بعد سيطرة القوات الحكومية عليه. وكان محققون دوليون قالوا إن القوات السورية ارتكبت «جرائم ضد الانسانية»، بينها القتل والتعذيب، بناء على أوامر من «أعلى مستوى» في الحكومة السورية. وسلمت اللجنة الدولية المؤلفة من ثلاثة أعضاء قائمة سرية باسماء المشتبه بارتكابهم جرائم ضد الانسانية الى مكتب نافي بيلاي مسؤولة حقوق الانسان في الاممالمتحدة. وقالت المنظمة الدولية إنها ستوفد مراقبين إلى الدول المجاورة لسورية لجمع أقوال شهود عيان عن «الأعمال الوحشية» التي ترتكب هناك. وقالت كيونغ وها كانغ نائبة المفوضة السامية لحقوق الانسان أن على مجلس الأمن الدولي درس إحالة سورية على مدعي المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق. فيما ذكرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إن نحو 30 ألف مدني فروا إلى بلدان مجاورة وإن ما لا يقل عن 200 ألف ربما نزحوا داخل سورية بسبب القتال. وذكرت الرابطة السورية لحقوق الانسان في بيان اصدرته امس ان قوات الامن السورية قامت بقتل ناشط في مدينة دوما بريف دمشق بعد ان علقته جريحا على شرفة منزله الى ان فارق الحياة. وطالبت الرابطة المجتمع الدولي بوضع حد لكافة «التجاوزات والجرائم المروعة» التي ترتكب بحق السوريين. واعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان موسكو تريد اقناع دمشق بقبول مراقبين دوليين مستقلين يتولون مراقبة وقف «متزامن» لاعمال العنف من الجانبين. واكد لافروف انه «يجب ان يتم هذا الامر بشكل متزامن. ولا يمكننا مطالبة الحكومة بمغادرة المدن والقرى في حين ان المجموعات المسلحة لا تقوم بالشيء نفسه». وقال ان «انسحاب القوات الحكومية من جانب واحد غير واقعي على الاطلاق. لن تقوم السلطات السورية بذلك، شئنا ام ابينا». ووجه رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم تحذيرا قويا الى النظام السوري، وقال «أن المهم جدا أن تعرف الحكومة السورية أن الوقت ليس متاحا لفترة طويلة وهم يقومون بما يقومون به من قتل لشعبهم». وقال في مؤتمر صحافي مشترك مساء أمس مع نظيره البلغاري بويكو بوريوما «اذا كان هناك أحد يعتقد ان نبدأ في هذا الموضوع من الصفر ونستمر أشهرا في محادثات فلا اعتقد أن لا العالم ولا العالم العربي ولا الشعب السوري يستطيع أن يصبر أكثر من ذلك»، وشدد على أن «انان يعرف أن الوقت قصير والأمين العام (بان كي مون) قال أمس إن الوقت قصير، لاتخاذ الجانب السوري قرارا سريعا بعمل ما يلزم أن يعمله». من جهة اخرى اعلنت السفارة الاميركية في انقرة عن زيارة قام بها مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي.أي.أي) ديفيد بترايوس الى تركيا وبحث فيها مع رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وقيادات في الاستخبارات الوضع في كل من سورية والعراق وأنشطة «حزب العمل الكردستاني». وأكدت السفارة الاميركية ان بترايوس اجتمع على مدى يومين بالمسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم أردوغان ومدير الاستخبارات الوطنية التركية حقان فيدان. ونقلت تقارير تركية أن الموضوع السوري تصدر المباحثات، في ضوء القلق المتنامي لدى الجانبين من الأزمة هناك، واستعداد تركيا لاستضافة مؤتمر مجموعة أصدقاء سورية في مطلع الشهر المقبل. كما كانت أنشطة حزب العمل الكردستاني على جدول المحادثات وفي ضوء تصعيد أنشطتها على الحدود التركية مع كل من سورية والعراق. وشددت مصادر ديبلوماسية غربية في مجلس الأمن على «رفض» أي محاولة من روسيا أو سورية أو من كليهما مجتمعتين لإسقاط البعد العربي في مهمة أنان. وتزامن ذلك مع نفي نائب انان، ناصر القدوة ما أشيع عن رفض السلطات السورية استقباله مؤكداً أنه سيبدأ علمه من جنيف بناء على مشاورات أجراها مع أنان والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي. وتوقعت المصادر أن يقوم أنان بزيارة لنيويورك الأسبوع الحالي. وأشار ديبلوماسي غربي في نيويورك الى أن «النظام السوري يحاول شق ولاية أنان الى اثنتين وفصل قسميها العربي والغربي». وأوضح أن «نجاح هذا المسعى سيضرب مشروعية مهمة أنان برمتها لأنه مكلف من الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقيام بمهمة الوساطة بناء على قرارات جامعة الدول العربية». وقال: «لهذا كان التشديد الغربي واضحاً في تصريحات وزراء خارجية الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وسواهم على ضرورة الإشارة الى قرارات جامعة الدول العربية». وقال رئيس مجلس الأمن الدولي السفير البريطاني مارك ليال غرانت إنه بدأ اتصالاته مع أنان والدائرة السياسية في الأمانة العامة للأمم المتحدة لتحديد موعد لأنان للمجيء الى نيويورك وإطلاع مجلس الأمن على حصيلة مشاوراته في دمشق والمنطقة. وفي الجانب الإنساني أبلغت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة فاليري آموس مجلس الأمن أمس أن البعثة المبدئية المشتركة لتقويم الوضع الإنساني في سورية ستبدأ عملها غداً الخميس بناء على الاتفاق الذي توصلت إليه مع السلطات السورية. وقالت مصادر مجلس الامن إن روسيا، من خلال زيارة وزير خارجيتها لنيويورك، والمواقف التي عبر عنها في الاجتماعات المفتوحة والمغلقة، لا تزال مصرة على مواقفها في شأن سورية «باستثناء تغير محدود في شأن ضرورة تعاون النظام السوري مع البعثة الإنسانية». وفي ما يتعلق بمؤشرات موافقة روسيا على دور الأممالمتحدة في العملية السياسية في سورية عبر موافقتها على مهمة أنان، قالت المصادر إن أي عملية سياسية أو حوار في سورية «يجب أن يستند الى قرارات الجامعة العربية، وهو ما يجب أن ينعكس في أي محادثات على مشروع قرار في نيويورك». وردت الولاياتالمتحدة امس على دعوة الحكومة السورية الى تنظيم انتخابات نيابية في 7 ايار (مايو). وقالت الناطقة باسم الخارجية الاميركية ان تنظيم الانتخابات «امر مثير للسخرية وسط اعمال العنف التي نراها في انحاء البلاد».