وقّع السودان وجنوب السودان أمس «اتفاق إطار» في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا شمل تفاهمات في شأن المواطنة والحدود والإعداد لقمة تجمع رئيسي الدولتين عمر البشير وسلفاكير ميارديت لإقرار اتفاق نهائي لتسوية القضايا العالقة وخصوصاً النفط. وحوى الاتفاق وثيقتين في شأن المواطنة والحدود وتغيير منهج التفاوض من كاسب وخاسر إلى روح الشراكة وتشكيل لجنة وزارية من البلدين تشمل وزراء الخارجية والدفاع والداخلية لمناقشة بقية القضايا العالقة وعقد قمة بين البشير وسلفاكير في جوبا عاصمة الجنوب في أسرع وقت. وقالت وزيرة الدولة للإعلام سناء حمد إن الطرفين اتفقا على التوقيع على أسس عمل اللجان الفنية الخاصة بترسيم الحدود بين الدولتين على أن تبدأ أعمالها فوراً، موضحة أن الجانبين وقعا اتفاقاً مبدئياً في شأن الحريات الأربع (التنقل - الإقامة - التملك - العمل) وفق قاعدة المعاملة بالمثل بين البلدين. وأضافت أن الجانبين اتفقا على أن تبدأ اللجنة الوزارية المشتركة الخاصة بتوفيق أوضاع مواطني الدولتين في عملها فوراً. كما اتفق الطرفان على أن تبدأ اللجنة العسكرية المعنية بقضايا الأمن المتبادل برئاسة وزيري الدفاع في كل من البلدين بأعجل ما تيسر. وعن الخلاف على النفط أشارت حمد إلى اتفاق الطرفين على استمرار التفاوض في شأنه في وقت آخر وفق منهج جديد وتفاهم مشترك يلبي حاجة الدولتين ويكفل عدم تضررهما. وكان الوفدان في المفاوضات طرحا حلولاً مختلفة في شأن ملف المواطنة، وتقدم الجنوب بمقترح يقضي بتمديد مهلة توفيق أوضاع الجنوبيين في الشمال إلى فترة تمتد من 6 إلى 9 أشهر، لكن الخرطوم تحفظت عن ذلك. وأمهل السودان الجنوبيين المقيمين في أراضيه حتى 9 نيسان (أبريل) المقبل لتوفيق أوضاعهم بالحصول على جنسية أو وثائق تتيح لهم إقامة بطريقة مشروعة أو المغادرة إلى بلادهم. إلى ذلك، أعلن زعيم حزب «الأمة» المعارض الصادق المهدي عزمه طرح مشروع جديد أسماه «الشافي» لوقف الحرب بين الخرطوموجوبا «من أجل مصلحة البلدين»، بجانب طرح مبادرة لنزع فتيل الأزمة بين الحكومة وحملة السلاح في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان. ووجه المهدي انتقادات حادة إلى سلوك الحكومة السودانية، وأعلن انتظام حملة للتعبئة في كل أرجاء السودان وصولاً إلى إنشاء نظام جديد. وأعلن الزعيم المعارض تشكيل ثلاثة مراصد لمراقبة حقوق الإنسان والفساد والانتهاكات في مناطق الحروب، ووصف وسائل السلطات في محاربة الفساد بالسطحية، لافتاً إلى أن الطريق الرئيسية لمكافحته تكون من خلال العمل بمبدأ «من أين لك هذا؟». وحمل المهدي في ندوة عن الحريات العامة في مقر حزبه، وسط حضور كبير، في شدة على السلطات الأمنية بسبب ما اعتبرها انتهاكات للنظام العام والاعتقالات العشوائية، وسخر بحدة من «جبهة الدستور الإسلامي» التي تتألف من تنظيمات إسلامية واعتبر دعوتها إلى تبني دستور إسلامي أو إعلان الجهاد «كلاماً فارغاً» و «محاولات صبيانية» سبقتهم إليها الجبهة الإسلامية وسمّتها ب «ثورة المصاحف» أو «ثورة المساجد» ثم استولت على السلطة عبر انقلاب عسكري أطاح بحكمه في 30 حزيران (يونيو) 1989 وحمل الرئيس عمر البشير إلى السلطة. واتهم المهدي حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم برعاية الجماعات التكفيرية. وقال: «حزب المؤتمر الوطني يربّي العقارب والثعابين وستلدغه يوماً»، مشيراً إلى أن التكفيريين تناسلوا من أعماق التاريخ («الخوارج») وأعماق الجغرافيا ومناطق التأزم المذهبي. وقال إن حزبه يسعى إلى جمع الحكومة وجميع معارضيها لجهة التراضي الوطني ومعالجة مشكلات البلاد من دون الدخول في حرب جديدة. وأبدى تخوفه من إجازة قانون العقوبات والمحاسبة الأميركي الجديد على السودان، واعتبر أن إجازة القانون «إعلان حرب» أميركية مدنية وعسكرية على السودان. وتوقع أن تكون واشنطن أحد أطراف الحرب الجديدة على البلاد «وبالتالي لا بد من كبح ذلك السيناريو بإقامة مؤتمر دستوري قومي يحوّل السودان من دولة الحزب إلى دولة الوطن». وكان نواب أميركيون طرحوا على الكونغرس مشروع عقوبات جديدة على السودان يتبنى فرض عقوبات جديدة تشمل أفراداً بعينهم، وملاحقة المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية، ومنع من تفرض عليهم العقوبات وأفراد عائلاتهم من دخول الولاياتالمتحدة، وإبعاد الموجودين على أراضيها. وفي السياق ذاته، اتهمت «الحركة الشعبية - الشمال» الحكومة السودانية بحشد 45 ألف مقاتل من قوات الدفاع الشعبي التي تقاتل إلى جانب الجيش في مناطق القتال بجنوب كردفان والنيل الأزرق، وطالبت المجتمع الدولي بالعمل على تجاوز الخرطوم لإيصال المعونات الإنسانية إلى المدنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها. لكن القوات المسلحة السودانية كذّبت تقارير نشرتها وسائل إعلام غربية عن استخدام الجيش السوداني صواريخ بعيدة المدى تستهدف عبرها المدنيين في ولاية جنوب كردفان المضطربة. وأكد الناطق باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد سيطرة الجيش على مناطق في الولاية. وقال: «التمرد في ولاية جنوب كردفان يعطي الإعلام الخارجي معلومات كاذبة عن قصف القوات المسلحة مدنيين بالصواريخ بعيدة المدى». وأكد أن القوات المسلحة تستخدم أسلحة تكتيكية فقط وهي ذات الأسلحة التي يستخدمها المتمردون ضد الجيش السوداني. وأضاف سعد: «التمرد هو الذي قام باستخدام المدنيين كدروع بشرية في كافة معاركهم التي هزموا فيها مؤخراً»، مؤكداً أن «الوضع الأمني مستقر في الوقت الحالي في جنوب كردفان بفضل سيطرة القوات المسلحة على الواقع الميداني بالولاية باستثناء بعض الجيوب الصغيرة».