من يصدق أن وزير النفط الإيراني يشارك اليوم في جلسة نقاش حول الأسواق النفطية إلى جانب نائب وزير الطاقة الأميركي ووزير دولة بريطاني ومديرة وكالة الطاقة الدولية ووزير النفط السعودي في منتدى الطاقة العالمي الذي تستضيفه الكويت؟ أكثر من 45 وزيراً للطاقة من الدول النفطية المصدرة النافذة من «أوبك» وخارجها ودول منتجة من الغرب إلى الشرق ومستهلكة ورؤساء شركات نفطية عالمية وحضور يعكس اهتمام العالم بموضوع النفط وأسعاره وأمن الإمدادات في أوضاع سياسية غير مستقرة. إن غالبية الدول في «أوبك» ترى أن سعر النفط الحالي غير مرتفع وأنه معقول على رغم أن معدله في الأيام الأخيرة كان أكثر من 110 دولارات للبرميل. فالدول النفطية الكبرى مثل السعودية التي تعلق أهمية كبرى على استقرار الأسواق والاقتصاد العالمي لديها الآن موازنات عملاقة لتلبية حاجات شعبها في قطاعات التعليم والشؤون الاجتماعية والعمل. فقد أقرت الحكومة السعودية زيادة أجور للموظفين في القطاع العام وقامت الكويت أيضاً برفع الأجور. ولا شك في أن الدول الخليجية الغنية تحتاج إلى تحسين أوضاع شبابها وإعطائهم فرص عمل للحد من البطالة بينهم، خصوصاً أنها يمكن أن تؤدي إلى التطرف والعنف. كما أن الربيع العربي فرض ضرورة ملحة لصرف مبالغ أكبر وفي شكل أفضل في الدول النفطية الغنية. فمستوى سعر النفط اليوم مناسب لهذه الدول التي تريد الإسراع بتطوير خطتها الاجتماعية. أما الدول المستهلكة فهي تتخوف من أسعار نفط تذهب إلى مستويات خارجة عن السيطرة. وسمعنا الرئيس أوباما يتخوف في خطابه أمام لجنة «ايباك» قبل لقائه بنيامين نتانياهو من عملية عسكرية إسرائيلية على إيران، لأن إحدى نتائجها ستكون ارتفاع أسعار النفط إلى مئتي دولار للبرميل. والدول الأوروبية التي فرضت حظراً نفطياً على إيران ضمنت تأمين حاجاتها قبل القيام بذلك لأنها تخوفت من ارتفاع كبير في أسعار النفط مما يزيد أزمتها الاقتصادية تفاقماً. وأكد ذلك رئيس شركة «توتال» الفرنسية كريستوف دو مارجوري أمس للصحافة في الكويت عندما قال إن «توتال» استبدلت كل الكميات النفطية التي توقفت عن شرائها من إيران وكانت أكثر من مئتي ألف برميل في اليوم بمصادر أخرى امتنع عن تحديدها. وواقع الحال أن الأزمة المالية التي اجتاحت أوروبا لم يكن لها علاقة بسعر النفط. إلا أن ارتفاعه إلى مستويات غير مقبولة يزيد الأزمة تفاقماً. ولا شك أن أسعار النفط ستبقى مرتفعة طالما أن هناك تهديدات إيرانية بزعزعة استقرار المنطقة وتهديدات إسرائيلية بعملية عسكرية على إيران. فالأوساط الرسمية في فرنسا على قناعة أن الاحتمال كبير أن تقوم إسرائيل بمثل هذه المجازفة التي لا ترغب بها لا الدول الأوروبية ولا الولاياتالمتحدة لخطورة تداعياتها على المنطقة والعالم وخصوصاً الاقتصاد في هذه الدول. والوزراء المعنيون بشؤون الطاقة الذين يجتمعون اليوم تحت سقف قصر «الريجنسي» في الكويت لديهم مصالح مختلفة وأحياناً متناقضة، ولكن انشغالاتهم بسعر الطاقة وأمن طرق النفط هي القاسم المشترك بينهم ولو أن نظراتهم إلى هذه السلعة مختلفة.