انتقدت المعارضة البرلمانية المغربية أداء الحكومة التي يقودها «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي، واصفة عملها ب «المخيب للآمال والبعيد من تطلعات المواطنين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية»، بعد مرور سنتين ونصف سنة من ولايتها التي تمتد خمس سنوات. وتناوب على منصة البرلمان ليل أول من أمس رؤساء الكتل البرلمانية التي اعتبرت أن الحكومة لم تحقق ما كان منتظراً منها في مجال تطوير مناخ الأعمال وجلب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وإيجاد مزيد من فرص العمل للشباب، وتحسين معيشة الطبقات الوسطى والفقيرة، التي تحملت عبء الأزمة الاقتصادية التي ارتبطت بتداعيات «الربيع العربي» والأزمة المالية العالمية. وتراجع النمو في المغرب من 4.8 في المئة خلال السنوات الأخيرة إلى 2.3 في المئة فقط خلال الربع الثاني من السنة، في حين تضاعفت المديونية واقتربت من 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وبات جزء من معالجة عجز الحسابات الكلية رهن الاستدانة الأجنبية. وأكدت مداخلات أن الحكومة حاولت إصلاح الأوضاع الاقتصادية والصناديق الاجتماعية عبر رفع أسعار السلع والخدمات الأساس، والإجهاز على الحقوق المكتسبة للعمال والأجراء، والاقتراض من الخارج لسد عجز الموازنة، والخضوع لتوصيات المؤسسات المالية الدولية التي ربطت بين دعم الاقتصاد ورفع الدعم عن الأسعار، ما دفع بنحو ثلاثة ملايين شخص إلى هاوية الفقر وزاد معدل الهشاشة إلى نحو 30 في المئة من إجمالي السكان. ويُنتظر أن ترفع الحكومة مطلع الشهر المقبل أسعار الماء والكهرباء لتوفير نحو 50 بليون درهم (6 بلايين دولار) من الاستثمارات التي يحتاجها «المكتب الوطني للماء والكهرباء» بين عامي 2014 و2017. ويتوقع مراقبون أن يلاقي القرار ردود فعل قوية من الفئات الفقيرة التي سيطاولها لهيب الأسعار مباشرة، بعدما كانت الزيادات في السابق تطاول الطبقات المتوسطة والعليا. وقال برلمانيون إن الحكومة ضخّمت الأرقام والمؤشرات لأسباب سياسية، ما كشفته المؤسسات الإحصائية الوطنية، التي اعتبرت أن أرقام النمو المتوقعة مبالغ فيها، والمعدلات المتوقعة وفق المصرف المركزي ستراوح نهاية السنة بين 2.6 وثلاثة في المئة، في وقت يحتاج المغرب إلى نمو يزيد على خمسة في المئة لمواجهة بطالة الشباب التي ارتفعت إلى معدلات مقلقة وباتت تمثل 20 في المئة من الفئة النشيطة، على رغم أن المعدل الوطني يقدر ب 10.2 في المئة الآن و9.4 في المئة نهاية عام 2013. واتهمت المعارضة الحكومة بتحريف المعلومات وتضليل الرأي العام عبر تقديم معطيات غير صحيحة، في محاولة سياسية لإخفاء فشل تدبير الشق الاقتصادي والاجتماعي، وهو الانتقاد الأعنف الذي تتعرض له حكومة بن كيران منذ تشكيلها نهاية عام 2011، في خضم الحراك الاجتماعي وتعديل الدستور المغربي. وقال رئيس فريق «الأصالة والمعاصرة» حكيم بن شماش «الحكومة عاجزة عن حل المشاكل والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، وتبرر فشلها باتهام الآخرين بعرقلة عملها». وأشادت الغالبية البرلمانية بحصيلة أداء حكومة بن كيران لمرور نصف ولايتها، واعتبرت أنها قاربت مجالات وقطاعات حساسة لم تجرؤ عليها حكومات سابقة، في إشارة إلى تقليص دعم الأسعار عبر خفض نفقات «صندوق المقاصة» ومراجعة وضع «الصندوق المغربي للتقاعد» الذي يعاني شحاً في الموارد في مقابل زيادة في النفقات، وإعلان الحرب على الفساد واقتصاد الريع. ورأى محللون أن تنامي الانتقاد للحكومة سببه تحميل الطبقات الوسطى والفقيرة كلفة الإصلاح الاقتصادي الاجتماعي الذي تقدر قيمته بعشرات البلايين من الدراهم، وتحميل الأجيال المقبلة عبء تسديد كلفة المديونية الداخلية والخارجية، من دون أن يحقق الاقتصاد الأهداف التي حددها خلال موجة «الربيع العربي» قبل ثلاث سنوات بتسجيل نمو نسبته سبعة في المئة، وتقليص البطالة إلى ثمانية في المئة والقضاء على الفقر والهشاشة عبر تحويل جزء من الفائض المالي إلى الفئات الأكثر حاجة في المجتمع. وقد يكون عدم تحقيق تلك الأهداف من الأسباب المباشرة لتزايد المعارضة ضد الحكومة، إلى جانب تراجع بريق «الربيع العربي»، وتراجع نفوذ «الإخوان المسلمين» في أكثر من بلد عربي، وتحفظ بعض العواصم الأوروبية على الخيارات الاقتصادية -الإسلامية لدول «الربيع العربي».