يصادق صندوق النقد الدولي قريباً على منح المغرب خطاً ائتمانياً وقائياً جديداً (ال بي إل) قيمته أربعة بلايين دولار، لتغطية أخطار ارتفاع أسعار الطاقة والصدمات التجارية الخارجية بسبب الأوضاع غير المستقرة في منطقة الشرق الأوسط. ويعوض القرض الجديد خطاً ائتمانياً مالياً سابقاً قيمته 6.2 بليون دولار كان مُنح للمغرب مطلع «الربيع العربي» وتنتهي صلاحيته مطلع آب (أغسطس) المقبل، لم تستعمله الرباط ولكنها اعتمدت عليه لتحصيل تمويلات دولية بشروط امتيازية. واعتبر صندوق النقد أن حاجة الرباط إلى التمويلات الخارجية قد تتراجع في السنوات المقبلة، مع انخفاض عجز الموازنة، وتقليص نفقات «صندوق المقاصة» الذي يدعم أسعار المحروقات وبعض المواد الغذائية. وأشار الصندوق إلى أن «تقليص قيمة الخط الائتماني إشارة إلى تراجع الأخطار المالية، والخروج التدريجي من دائرة الهشاشة». ويُنتظر أن ترفع الحكومة مجدداً أسعار المحروقات والكهرباء والماء الصالحة للشرب خلال الأسابيع المقبلة، ويتوقع مراقبون أن تكون الزيادة الأكبر من نوعها منذ بدء «الربيع العربي» لأنها ستطاول الطبقات الفقيرة والمتوسطة، لتمويل مشاريع استثمارية بنحو 50 بليون دولار ينفذها المكتب الوطني للماء والكهرباء. ويشترط صندوق النقد لدعم الرباط وقف دعمها المحروقات من أجل معالجة خلل الموازنة الذي يراوح بين خمسة وستة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ولفت الصندوق إلى أن إجمالي دعم أسعار الطاقة والمحروقات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ارتفع إلى 237 بليون دولار عام 2012، أي 8.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة، و22 في المئة من إجمالي موارد الحكومات. واعتبر أن بعض الدول المستوردة للطاقة تنفق على دعم الأسعار أكثر مما تنفق على قطاعات اجتماعية وإستراتيجية مثل الصحة والتعليم، ما رفع العجز المالي إلى 8.5 في المئة من الناتج المحلي. ويربط الصندوق بين ارتفاع معدلات البطالة في دول مثل مصر والأردن وتونس والمغرب، واستمرار دعم أسعار المحروقات على حساب الاستثمارات العامة وشبكات الأمان الاجتماعي. وقالت رئيسة الصندوق كريستين لاغارد «دعم الأسعار في شمال أفريقيا يشكل ستة في المئة من الناتج المحلي، وهو عبء مالي واقتصادي يصعب تحمله»، داعية إلى تحويل جزء من الدعم إلى الفئات الهشة في المجتمع. وتختلف الحكومة والمعارضة في المغرب حول تحديد الفئات المستهدفة بالدعم المالي، على رغم اتفاقها على ضرورة إصلاح منظومة دعم الأسعار وخصوصاً المحروقات التي تستأثر ب82 في المئة من إجمالي نفقات «صندوق المقاصة». وتوقع محللون ارتفاع أسعار الطاقة في السوق الدولية خلال الأسابيع القليلة المقبلة بسبب الأوضاع في العراق وسورية والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتنامي حالات العنف والتطرف وعدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة الممتدة من إيران إلى ليبيا. إلى ذلك توقعت المندوبية السامية في التخطيط أن يشهد الاقتصاد المغربي بعض الانتعاش خلال النصف الثاني من السنة، لينمو نحو 2.3 في المئة مقارنة ب1.7 في المئة خلال النصف الأول. ويُنتظر أن تشهد الأنشطة غير الزراعية تحسناً تدريجياً بفضل تطور أداء قطاع الخدمات الذي سيرتفع 3.2 في المئة مقارنة ب2.1 في المئة خلال النصف الأول. وتوقعت المندوبية استمرار تحسن الاقتصاد الوطني، بالتوازي مع الارتفاع المرتقب للطلب الخارجي الموجه للمغرب.