أكدت المتحدثات في ملتقى «صناعة قائد 2012»، الذي انطلق أمس» برعاية إعلامية من صحيفة «الحياة»، أهمية المسؤولية الاجتماعية، وربطها في الإعلام الجديد. لافتات إلى ضرورة «ترسيخ مفهوم المواطنة في وسائل التواصل الاجتماعي». وتوصلن إلى «آليات حديثة تعمق مفهوم الممارسات الاجتماعية لخلق مسؤولية اجتماعية بدءاً من الأفراد، خصوصاً فئة الشباب، لما للمتغيرات من تأثير على الهوية الفكرية»، مطالبات بأهمية أن يكون «للساحات الجامعية حضور تربوي أكثر في الخريطة الاجتماعية، لاستنبات مقومات تنعكس إيجاباً. والسعي إلى إطلاق ميثاق أخلاقي لوسائل التواصل الاجتماعي الحديث». وأشارت المستشارة غير المتفرغة في مجلس الشورى آسيا آل الشيخ، خلال مشاركتها في أولى جلسات الملتقى، الذي عُقد بحضور حرم أمير المنطقة الشرقية الأميرة جواهر بنت نايف، إلى أن «الممارسات الحالية لأكثر الشركات السعودية تفرض مفهوم المسؤولية الاجتماعية، لخدمة المجتمع ككل، وخدمة المحتاجين»، مبينة أن هذا المفهوم «خاطئ، لأن المسؤولية الاجتماعية للشركات تجاه أصحاب المصالح لديها، وعليها أن تمارس مسؤولياتها تجاههم». وحذرت آل الشيخ خلال الجلسة، التي ترأستها المتحدثة الرئيسة المدير العام لمؤسسة «الملك خالد الخيرية» الأميرة البندري الفيصل، من «ممارسة المسؤولية الاجتماعية في شكل عشوائي، لخدمة المجتمع، مثل المبادرات غير المستدامة لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، أو إطلاق برامج تدريب من دون تمكين الشباب على كيفية إدارة العمل والتمويل والتسويق». أما عن المسؤولية القيادية؛ فنوهت إلى أن الشركات «تقرر بقيادييها كيفية وضع حلول للقضايا الاجتماعية والتحديات التنموية، للتركيز على كلمة مسؤولية وإضفاء طابع الاستدامة والالتزام». وطالبت بضرورة «ممارسة المسؤولية داخل مقر العمل، وداخل سوق العمل، وتنمية المجتمع الذي نعمل فيه، ومحاكاة احتياجاته، وتقليل الآثار السلبية، والمحافظة على القيم الثقافية». بدورها، أبانت مديرة «مؤسسة حضارة للاستشارات التطويرية» الدكتورة آلاء نصيف، أبرز التحديات أمام ترسيخ قيم المواطنة والمسؤولية، لافتة إلى أن «مسؤولية رفع الوعي الفردي تقع على الفرد ذاته، لأنه كلما ارتفع الوعي الفردي؛ ارتفع معه سقف الحرية الشخصية، كعلاقة طردية ومتلازمة، تحترم الحقوق الأساسية للأفراد، وتدرك أهمية الحيز المتاح للحرية الشخصية، فبالحرية يمكننا إعادة صوغ الضمير الفردي، وتحقيق المصالحة مع التاريخ، وإيجاد مساحة من الإجماع اللازم من خلال ترسيخ مفهوم المسؤولية الفردية والجماعية على حد سواء، والأخذ في الاعتبار وعي وإدراك وإمكانات الآخرين». وأوضحت نصيف، أن المسؤولية هي «اعتراف الفرد بمسؤوليته الشخصية، وعن اختياراته في الحياة، وغياب ثقافة المسؤولية يؤدي إلى أعطاب أخلاقية، وتردِّي في الحياة العامة، حتى لغة الانتقاد أصبحت جارحة وغير لائقة، وبتشبع أفراد المجتمع بقيم الحرية والمسؤولية، في شقيها المعرفي والعملي التطبيقي، نستطيع بلوغ المواطنة الفاعلة، القادرة على إنتاج فرد فاعل ومسؤول، وواعٍ بواجباته وحقوقه، لأن المواطنة هي حقوق وواجبات يمارسها الفرد بمسؤولية تجاه نفسه وتجاه الجماعة التي ينتمي إليها». فيما اعتبرت الباحثة في «كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري بينة الملحم»، خلال ورقة عمل قدمتها، الشباب الجامعي «طليعة التغيير والطموح». وربطت بين المشكلات التي تعود للصراع بينهم، وبين النظام الاجتماعي، وممارسات بعض المؤسسات الجامعية التي قد تشارك في إنكار وجودهم وإحباطهم، لافتة إلى أن «70 في المئة من المجتمع السعودي على الأقل هم من الشباب. وأشارت إلى أن الجامعات من «أكثر المساحات التربوية حضوراً في الخريطة الاجتماعية. وهذا ما جعلها مساحة صالحة لاستنبات مقومات مجتمعية إيجابية. وفي الوقت ذاته، يمكن للظواهر المجتمعية السلبية أن تبني فيها الفرص نفسها، وتسهم في تدميرها». وتضمنت ورقة الملحم، التي حملت عنوان «دور مواقع التواصل الاجتماعي في تفعيل المواطنة من خلال المسؤولية الاجتماعية»، كيفية تأثير هذه المواقع على «الفوران الشبابي، وصناعة الفكر»، مبينة أن «75 في المئة من مستخدمي «فيسبوك» هم من الشباب، و78 في المئة من هذه الفئة يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب إحصاءات العام 2010»، مردفة أن «الديمقراطية التي يتيحها «تويتر» و»فيسبوك» في تهيئتها للجميع سبل التعبير، من الضروري أن تكون مصحوبة بالمسؤولية، للحد من محاولات استغلال هذا الهامش الكبير، لضرب قيمة الحرية المسؤولة»، محذرة من «فقدان القواعد المشتركة لعيش حياة مشتركة، إذ تنتح مجتمعاً تائهاً، تتآكل فيه الثقة، وتزداد فيه فيروسات أهواء الفردية والاستبدادية والانعزالية»، على حد قولها. وأكدت في معرض حديثها، على أن «السعوديين في المرتبة الأولى عربياً، في استخدام مواقع الفيديو، ويشاهدون يومياً ما يزيد على 36 مليون مقطع على موقع «يوتيوب»، بمعدل 150 مليون دقيقة يقضيها المستخدمون على شبكة الإنترنت، وتتنوع المشاهدة بين المقاطع الترفيهية، والرياضية، والشخصية والتوثيقية». وحذرت من «ثقافة الخرافة التي تستدرج المجتمع إلى مناطق تختفي فيها ملامح العقلانية، التي تكثر في وسائل التواصل الاجتماعي، لما لها من تأثيرات سلبية على عقول البشر، وعلى مفهوم المواطنة». كما شاركت في جلسات الملتقى، مديرة المسؤولية الاجتماعية في شركة «روابي القابضة» هناء المعيبد، التي استعرضت حقائق حول الفقر، وتفشي مظاهره، والأمراض وغيرها، التي «تحقق انتشاراً واسعاً، من دون إيجاد حلول مُستدامة لها، لعدم تطبيق مفهوم الريادة الاجتماعية»، التي اعتبرتها «الحل، لأنها عبارة عن استثمار لإيجاد حلول ربحية لقضايا اجتماعية، تؤثر على المجتمع بفوائد تنموية».