تميزت المشاركة العربية في معرض السياحة الدولي في برلين هذا العام بتراجع ملحوظ إن لناحية عدد الدول، ونوعية المشاركة والحصيلة، لا سيما في ضوء تراجع النشاط السياحي في عدد من الدول بسبب «الربيع العربي» وتداعياته. فقد غابت سورية واليمن تماماً عن المعرض، وحاولت ليبيا إثبات حضورها، في حين جهدت مصر للتأكيد بأن الأمن والاستقرار مؤمّنان، وأن لا تضييق على حريات السائح. وفي حين تتحدث تونس عن بوادر مشجعة لتجاوز أزمتها السياحية، وكذلك الأردن، عرضت عُمان ودول الخليج بعامة أرقاماً تصاعدية لأعداد السياح الوافدين إليها. وزراء عرب وعقد على هامش المعرض الملتقى السياحي العربي - الألماني ال 12 الذي نظمته «غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية» بالتعاون مع «المنظمة العربية للسياحة» و»المنظمة الدولية للسياحة» و»معرض برلين السياحي». والتقت «الحياة» في إطار الملتقى، عدداً من الوزراء العرب. وأوضح وزير السياحة المصري منير فخري عبد النور أن عدد السياح في مصر انخفض بنسبة الربع خلال العام الماضي. وقال «مصر تخرج من الأزمة التي استمرت سنة كاملة، ونعتقد بأننا نخرج أيضاً من الأزمة على المستوى السياحي». وكشف أنه اقترح على وزير السياحة اللبناني فادي عبود في الملتقى، التنسيق في مجال تشجيع المغتربين العرب في أميركا اللاتينية على زيارة الدول العربية. وكان عبود بحث مع نظيره الأردني نايف حميدي الفايز خلال لقائهما في الجناح اللبناني تعزيز التعاون بين البلدين. وقال الفايز «الأردن الذي شهد نمواً سنوياً في أعداد السياح وصل إلى 8,1 مليون سائح عام 2010، سجل العام الماضي تراجعاً إلى 6,7 مليون بسبب أحداث سورية». وتوقع أن يسجل العام المقبل نتائج عام 2010 ذاتها. وعرضت وزيرة السياحة الفلسطينية خلود دعيبس أبو دية ل «الحياة» الوضع الصعب والمعقد للسياحة في مناطق السلطة الفلسطينية وشرحت أن وضع فلسطين كمقصد ديني وتاريخي عالمي هو ما يدفع الكثير من الحجاج إلى زيارتها، إضافة إلى تزايد عدد السياح الأجانب. وتحدثت الوزيرة عن وصول مليوني سائح العام الماضي بزيادة خمسة في المئة عن عددهم عام 2010. وأشارت إلى أن السياحة هي «نافذة لفلسطين في ظل الحصار والتضييق على الحركة، إضافة إلى أن السياح يساهمون في تحسين دخل المواطنين وأوضاعهم. وذكرت أن المردود المباشر للسياحة بلغ عام 2011 نحو 900 مليون دولار. وبدت وكيلة وزارة السياحة العمانية، ميساء بنت سيف بن ماجد المحروقية، مرتاحة إلى الوضع السياحي في بلدها. وأشارت إلى أن السلطنة وضعت نفسها على خريطة العالم السياحية خلال انعقاد المؤتمر العالمي الثالث للسياحة الجيولوجية العام الماضي. تطوير البنى التحتية وقالت الوزيرة العمانية إن بلدها وفر «بنية تحتية سياحية متطورة واستثمارات متنامية ويعمل لتوسيع مطار مسقط ليستوعب 12 مليون زائر في السنة... كما سيرتفع عدد غرف الفنادق من 11700 حالياً إلى 20 ألفاً عام 2015». ولفتت إلى أن عدد السياح بلغ العام الماضي نحو مليونين بزيادة تصل إلى 17 في المئة. ولم يخف المسؤول عن إدارة التنشيط والإعلام في «الهيئة العامة للسياحة» في ليبيا زكريا أبو زيد، جمود الوضع السياحي لافتاً إلى أن شؤون القطاع السياحي تحتاج وقتاً وجهداً لإطلاقها. وأضاف أن السياحة في ليبيا «كانت موجودة قبل الثورة، إلا أن القوانين التي كانت تؤطرها لم تكن تخدمها ولم يتمكن القطاع الخاص من سد النقص الحاصل»، مشيراً إلى أن عدد السياح بلغ عام 2010 نحو 33 ألف شخص فقط. وأوضح أن «الهيئة العامة للسياحة والآثار» تأسست بعد الثورة وأن الحكومة تعمل لوضع استراتيجية عامة للسياحة ولزيادة التنسيق بين القطاعين العام والخاص. وأكد أبو زيد أن المواقع السياحية الأساسية «لم تتضرر خلال الحرب، إلا أن التخوف الأمني لا يزال موجوداً، والأمل هوبإعادة الاستقرار بعد الفترة الانتقالية الحالية». واعتبر أن الهدف من المشاركة الليبية في معرض برلين «هو التأكيد على أننا متواجدون على الساحة السياحية الدولية». وأعلن مدير مكتب السياحة التونسية في ألمانيا، محمد سعيدي، أن تونس سجلت تراجعاً في عدد السياح في السنوات السابقة كما في عام الثورة، بخاصة في السوق الألمانية. وقال «في حين بلغ عدد السياح الألمان في تونس مليون سائح عام 2000 انخفض العدد تدريجاً إلى 450 ألفاً عام 2010 وإلى 280 ألفاً عام 2011». وتابع «التراجع في عدد السياح تراوح ما بين 30 في المئة و40 في المئة في الأسواق السياحية التقليدية لتونس». ولفت إلى ظهور «بوادر طيبة وارتفاع في الحجوزات زاد 30 في المئة عنها العام الماضي» مشيراً إلى أن هدف العام الحالي تحقيق رقم عام 2010.