يقفل المعرض السياحي الدولي في برلين أبوابه اليوم بعد أن سجَّل المسؤولون عنه عودة النشاط إلى شركات السياحة العالمية والإقليمية والمحلية، خصوصاً في المناطق التي لم تتعرض إلى تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية المستمرة في الدول الصناعية في الدرجة الأولى. وشارك في المعرض الدولي 11 ألف عارض سياحي من 187 دولة، ويُتوقَّع أن يبلغ عدد الزوار 170 ألف شخص. وعُقد خلال المعرض نحو مئة نشاط سياحي شاركت فيها دول ومنظمات وشركات سفر وعاملون في قطاع الفنادق والمطاعم والمقاهي، إضافة إلى مستثمرين في المجال السياحي. وأعرب خبراء في السياحة عن اعتقادهم أن عام 2010 سيكون أفضل من العام الماضي، إذ انخفضت السياحة الدولية أكثر من ثلاثة في المئة، مشيرين إلى أن الحجوز التي تمَّت خلال الشهرين الأولين من هذه السنة والإشارات المقبلة مشجِّعة جداً. ونظَّمت «غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية» (الغرفة) و «مؤسسة معرض برلين» للمرة الأولى هذه السنة «الملتقى السياحي العربي - الأوروبي»، بالتعاون مع المفوضية الأوروبية في إطار الاتحاد المتوسطي. وشارك في الملتقى الأوروبي - المتوسطي الذي افتتحه رئيس الغرفة توماس باخ، ورئيس مجلس إدارة معرض برلين ريموند هوش، ونحو 300 ممثل عن الدول العربية والأوروبية المشاركة، وتحدث فيه عميد السلك الديبلوماسي العربي في ألمانيا السفير السعودي أسامة شبكشي، والأمين العام لمنظمة السياحة الدولية طالب الرفاعي، والوكيل البرلماني لوزارة الاقتصاد الألمانية المشرفة على السياحة إرنست بورغباخر. وناقش الملتقى مواضيع التعاون المشترك الذي تتيحه الشراكة الأوروبية - المتوسطية (أوروميد) في المجال السياحي وآفاقه. ويشمل التعاون المقترح التخطيط لمشاريع سياحية مشتركة مع بحث خطوات تنفيذها وتمويلها، والعمل على وضع سياسات ملائمة لدعم حركة السياحة والسفر بين المنطقتين، كما يدعم توجهات الدول العربية المطلة على البحر المتوسط لتوسيع البنية التحتية للسياحة وتحديثها، وتنظيم نشاطات التدريب والتأهيل اللازمة لتحسين الخدمات السياحية المقدَّمة. وواضح أن القطاع السياحي أصبح يلعب خلال السنوات الأخيرة دوراً متزايداً في اقتصادات الدول العربية المتوسطية ونموها، ويساهم في خلق كثير من فرص العمل، وتنشيط السوق الداخلية، والحصول على العملات الأجنبية. وتفتح مثل هذه الملتقيات المجال أمام الدول العربية لعرض منتجاتها السياحية الجاذبة للسياح، كما تؤمّن لرجال الأعمال العرب والألمان والأوروبيين فرص الاطلاع على مجالات الاستثمار في المشاريع السياحية. وركَّزت الندوة الأولى التي عقدت في الملتقى على معالجة موضوع «السياحة الأوروبية - المتوسطية بين المسؤولية والاستمرارية»، تحدثت فيها وزيرة السياحة الأردنية مهى الخطيب ووزير السياحة اللبناني فادي عبود والمديرة العامة لمنظمة السياحة القبرصية فوبه كاتسوريس. وقالت الخطيب إن حكومتها «تجهد لتشجيع الناس على العمل في قطاع السياحة وعلى البقاء حيث يعيشون»، مشيرة إلى أن السياحة تؤمّن العمل لأعداد متزايدة من الناس وتحارب العوز والفقر. وأضافت أن التحدي الكبير «يتمثَّل في تفهّم المجموعات المحلية أهمية السياحة حتى تتأقلم مع متطلباتها». وشدَّدت على ضرورة أن يأخذ القطاع الخاص الأمر بجدية، ويتعامل مع المياه والبيئة والطاقة على أنها مسائل أساسية للبلاد وللمجتمع ويحافظ، بالتالي، على استمراريتها. وأكَّدت الوزيرة في حديث إلى «الحياة» أن السياحة في بلدها «تشهد انتعاشاً ملحوظاً هذه السنة، إضافة إلى أن عام 2009 انتهى بصورة جيدة على رغم بداية سيئة بسبب الأزمة المالية الدولية، التي تركت تداعياتها على السياحة في العديد من الدول الأجنبية». وعزت التحسن إلى تنامي السياحة البينية التي سدَّت الثغرة التي أوجدها بعض الأسواق الغربية. وشدد عبود، وهو رئيس جمعية الصناعيين في لبنان منذ عام 1992، على أن السياحة في لبنان على رغم طبيعة البلد الجذابة «لا تزال في حاجة إلى تطوير بناها التحتية، وتنويع المنتجات التي تقدِّمها إلى الزائرين». وأشار إلى أن 1.850 مليون سائح زار لبنان العام الماضي، بزيادة 42 في المئة عن عام 2008، وأضاف أن نسبة عدد الوافدين ارتفعت في الشهرين الأولين من السنة الحالية نحو 22 في المئة عن الفترة ذاتها من عام 2009، وبلغ عدد السياح العرب نحو 700 ألف شخص. وقال ل «الحياة» إن الأمن «هو الموضوع الأهم للسائح، وهو مستتب في البلد حالياً»، لافتاً إلى أنه ينتظر «أن تكون السنة الحالية واعدة جداً». وأضاف أن ارتفاع عدد السياح «لا يعني أنه أصبح لدى الوزارة تصوّر وخطة عملية للسياحة لا بد من العمل عليها، خصوصاً أن حجم السياحة المنظمة من مكاتب السفر لم تزد عن ثلاثة في المئة من مجمل عدد السياح الذين زاروا لبنان». وأعرب عن رغبة وزارته في التكامل مع البلدان المجاورة مثل سورية والأردن ومصر، وفي الاتفاق مع شركات سفر ألمانية لترويج السياحة إلى بلده. وعُقدت ندوة تحت عنوان «أفضل الخطط العملية لتمويل السياحة في الدول المتوسطية» شارك فيها ممثل المفوضية الأوروبية في بروكسيل بيار دوسي، الذي قال ل «الحياة» إن السياحة «قطاع استراتيجي اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً، وهو القطاع الذي يقرِّب الشعوب ويساهم في تنامي التفاهم والتعارف ويبعد المواقف المسبقة إزاء الأقليات المتوسطية التي تعيش بيننا». وأوضح أن ملتقى برلين هو النشاط الأوروبي - المتوسطي الثاني من نوعه لتطوير التعاون في المجال السياحي، ويهدف إلى سماع ما تقوله الأطراف المعنية بالسياحة في القطاعين العام والخاص والعاملون فيهما». وأضاف أن المفوضية الأوروبية التي تعقد مؤتمراً وزارياً في برشلونة قريباً، تسعى للحصول على أفكار وتصورات واقعية من المعنيين تساهم في تعزيز التعاون المشترك.