المراجعون، هو الاسم الذي يطلق على كل من له معاملة حكومية أياً كان نوعها، ومعظم الجهات الحكومية تمنح ما يسمى «تذكرة مراجعة»، ويبدو لي أن التسمية، أو التذكرة، أو كليهما معاً أحد أسباب ما نراه بطئاً في الإنجاز اليومي، ويراه بعض الموظفين نظاماً تفرضه الحاجة إلى الفول، والملحق الرياضي للصحيفة، ورسائل الجوال، أو غيره. لو بدأت الأجهزة الحكومية من مجرد تغيير الاسم، لأنه يوحي بالرجوع مراراً وتكراراً حتى المواطن عن طلبه، أو «يرجع» من الغثيان والإرهاق الذي يصيبه، وهو أيضاً يوحي بالتراجع سواء على مستوى صحة الفرد، أو على مستوى تفكير بعض الأجهزة الحكومية. لماذا لا يسمى المتعامل مثلاً، أو العميل، أو المستفيد، أو يمكن أن نسميه المتابع، ثم نعيد تسمية تذكرة المراجعة، وهناك أصل لغوي ونظامي، فأوراقه تسمى معاملة، أي أن هناك تعاملاً بينه وبين الجهة المعنية نتمنى أن يظل دوماً سلسلاً ومتناغماً. من خبرات ميدانية بسيطة، ومن تجارب محيطين حولي أجد فرحة غير مبررة في كل مرة يحصل فيها المواطن على رقم جديد وتاريخ جديد فهذا يعني انتقال المعاملة إلى الخطوة التي تليها، وينسى أن هذه الخطوة التي يفترض أن تتم في ساعات تمت في أسابيع لكنها فرحة المحتاج بقرب الفرج. هذه الأرقام والتواريخ لو استخدمت كمعيار قياس لفوجئ عديد من الوزراء والمسؤولين بانعدام الإحساس بالوقت لدى منسوبيهم، وهي أيضاً لو استخدمت إيجابياً لكانت أداة ثواب وعقاب للموظفين المعنيين بمتابعة أمور الناس. التقنية دخلت على الخط باستحياء في بعض الجهات فهي تتيح الاطلاع على خط سير المعاملة، لكن من النادر أن تتيح معرفة الإجراء الذي تم عليها، وهنا نجد شيئاً غريباً في بعض المعاملات، فهي تتماثل في الموضوع لكنها تختلف في الإجراء والمدة لمجرد أنها وقعت في يد موظف آخر حتى لو كان في نفس الإدارة. نلمس قدراً من تطور الأداء الحكومي الخدمي، لكنه قدر لا يواكب تطور الإدارة، والتقنية، والإمكانات المادية المتاحة في البلاد، وطالما أن الطرق مزدحمة في ساعات العمل النهارية بأصحاب الرحلات المكوكية، وطالما أن مواقف السيارات مكتظة فهناك دوماً بطء في كثير من الجهات لا يمكن تبريره. عندما تختفي هذه اللفظة، ومعها تندثر مهنة التعقيب، وخطابات التفويض وبعض أنواع الوكالات الشرعية، يمكنك التخمين أن الحكومة الإلكترونية باتت واقعاً على الأرض وليس افتراضاً في الشبكة العنكبوتية. وأخيراً فإن من التفاصيل الصغيرة في هذا الأمر أن المواطن الموظف الحكومي يخرج كثيراً ليراجع في معاملاته، فتتعطل لديه معاملات الآخرين، وأحياناً يكون أداؤه وتفاعله مع الناس انعكاساً للتعامل الذي يجده هو، وهذه من المفارقات الصغيرة العجيبة التي نتمنى ببعض الوعي وكثير من الحزم أن تنتهي. [email protected] @mohamdalyami