هل هي ضربة حظ أن تكون موظفاً في الجهة «سين»، وآخر يعمل في الجهة «صاد» في الوظيفة نفسها، لكنك تحصل على دخل حكومي أفضل منه؟ هل اسم أو مكانة الجهة تتيح بدلات أكثر؟ الإجابة عن السؤال الأول تعتمد على قناعاتك، وعن السؤال الثاني ليست بهذه البساطة، ففي كل مكان وفي كل قطاع حكومي أو خاص هناك تفاوت في الأهمية والدور يفضي إلى تفاوت في الأجور. في الحكومة توجد ثقافات عدة في العمل والتعامل، بناءً على طبيعة المكان، وعلاقته بالجمهور، جمهور المراجعين طالبي الخدمات ومنجزي المعاملات، الذين يتفاوتون بدورهم، وليس بالضرورة أن هيكل الجهة الإداري وعلاقته بالجمهور هو سبب تفاوت الأجر، هناك أحياناً أشياء بقيت كما هي لمدة طويلة على رغم تغير الحال. في القطاع الخاص يصل الموظف إلى المراكز التنفيذية إذا تدرج في وظائف عدة، ومرّ على أكثر من قطاع في المنشأة نفسها، في الحكومة أراها غالباً مسألة أقدمية، وهذه الأقدمية تجعل تطور وتيرة العمل أحياناً وفي بعض الجهات تظل شبه متوقفة، حتى لو رأيت أجهزة الكومبيوتر تتابع المعاملات وتخبرك أين أصبحت تزودك برقم تراجع به، تكتشف أن المسألة ليست إلا صلاحيات محددة لشخص واحد على رغم روتينية الخطوة، وعدم ترتب أي أشياء مهمة أو حساسة عليها في ما يتعلق بالمعاملة نفسها. الفكرة مباشرة هي أن يتم تدوير موظفي الحكومة، وحتى لا تلتبس الأمور المادية يحافظ كل على أجره وبدلاته، لكنه يجب أن يجرب مواقع أكثر، ليصبح لديه رؤية شاملة، خصوصاً في القطاعات المترابطة مثل البلديات والتجارة والصناعة، أو الأحوال المدنية والجوازات، المحاكم وكتابة العدل، المالية وأي جهة أخرى، الخدمة المدنية وأي جهة أيضاً، مع الحفاظ على سمات عامة، فالوظيفة العسكرية أو الديبلوماسية أو في أي قطاع سيادي لها خصوصيتها المفهومة، أتحدث هنا عن الجهات والقطاعات التنموية والخدمية التي لها علاقة يومية بحياة الناس. يكتشف المراجع للجهة الحكومية أن بعض الإدارات تدور في فلكها، لديها نظام وتريد أن تدور بقية الأنظمة حوله، وهذا ما يسميه الناس الروتين، وهو في الحقيقة اختلاف في الفكر الإداري، فالروتين هو الشيء يعمل بانتظام على الوتيرة نفسها، وما يحدث أحياناً ليس كذلك. إن تأهيل القيادات الإدارية التنفيذية في القطاع الحكومي لا يمكن أن يرتكز على المؤهل أو ثقة المسؤول الأعلى، إنه يجب أن يأخذ من القطاع الخاص سمة تنوع الخبرات، والتأهل عبر توسعة أفق التعامل الذي يتأتى من تنوع التعاملات. لدى بعض الجهات إرث إداري كبير، لكنها حظيت بوزراء ووكلاء تجاربهم متنوعة، ويحتاجون في المستويات الدنيا من الوظائف إلى فكر متنوع، أعتقد أن التدوير الحكومي المنظم والمكثف سيتكفل به. [email protected] Twitter | @mohamdalyami