وجّه رئيس الوزراء الليبي عبدالرحيم الكيب انتقادات ضمنية لاذعة لروسيا متمنياً «لو أنها كانت شعرت بمعاناة الليبيين خلال الثورة»، ومتعهداً في الوقت نفسه احترام أي عقود لموسكو «طالما أنها لا تخدم النظام السابق». وأعطى الكيب دعماً قوياً لاعتماد اللامركزية في ليبيا، كما تحدث عن استراتيجية من ثلاثة أعمدة لاستيعاب العناصر المسلحة داخل الدولة. وقال الكيب في محاضرة أمام معهد كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن أمس إن الشعب الليبي «كان تمنى لو شعرت روسيا بما كان يعانيه خلال الثورة». وسأل: «هل كانوا مدركين لما يجري على الأرض وتجاهلوه ... أو هل أنهم لم يكترثوا على الإطلاق أو أنهم لم يعرفوا ما يجري وكانوا ساعين وراء أجندتهم الخاصة؟». لكنه أضاف: «هل كنا سعداء بموقفهم؟ الجواب هو قطعاً لا». واعتبر أن إبرام العقود التجارية مع الحكومة الروسية متاحة «شرط أن لا يخدموا النظام السابق»، مضيفاً أن الثورة الليبية «كانت مكلفة ... ونحن اليوم لا نريد حتى أن نشم رائحة النظام السابق». ورداً على سؤال ل «الحياة» حول رؤية حكومته في موضوع اللامركزية، قال الكيب إنه يؤيد هذا التوجه وإن اعتماد النظام السابق للمركزية كان عمداً لمنع إنتاج مؤسسات دولة فاعلة. وتحدث عن صياغة قانون جديد يوزع ليبيا على «محافظات» والقيام بإجراءات أخرى تعطي مناطق بنغازي (عاصمة الشرق) وسبها (كبرى مدن الجنوب) تمثيلاً حقيقياً في الدوائر الرسمية، وأيضاً اعتماد اللامركزية في توزيع المشاريع الإنمائية والاقتصادية حول البلاد. وسمّى الكيب كلاً من إيطاليا وتركيا كبلدين يساهمان اليوم في دعم هذا التوجه. وفي سؤال عن «وضع الميليشيات» في ليبيا، رفض الكيب هذه التسمية أصلاً، وقال إن هناك «كتائب مسلحة إنما هي غير منقسمة مذهبياً وليست لها أجندات متفرعة». وتابع: «هم أبناؤنا ورجالنا»، مؤكداً أن الحكومة تسعى إلى تطبيق استراتيجية تستوعب الجميع. ولخّص الكيب الاستراتيجية بثلاثة بنود أولها من خلال وزارة الداخلية التي ستضم جزءاً من المسلحين إلى قوى الأمن، والثانية تتولاها وزارة الدفاع التي ستخرط جزءاً آخر من المسلحين في الجيش. أما البند الثالث فهو من خلال انخراط المقاتلين في مؤسسات تعليمية ومهنية داخل أو خارج ليبيا. وأعطى الكيب رؤية متفائلة عن مستقبل ليبيا بعد معمر القذافي، مشيراً إلى أن موقعها الجغرافي يخوّلها لعب دور كبير بين أوروبا والمتوسط وأيضاً مع القارة الأفريقية. وتحدث عن تحديات كبيرة أمام حكومته، أهمها إرساء المصالحة بين الليبيين، والتحضير للانتخابات في حزيران (يونيو) المقبل، ومن ثم وضع دستور جديد للبلاد يحترم وينصف كل التوجهات ويكون ركيزة لبناء دولة القانون. ونوه الكيب الذي التقى الرئيس الأميركي باراك أوباما، بالشراكة الليبية - الأميركية وفتح صفحة تعاون جديدة بعد أربعة عقود من التشنج بين واشنطن ونظام معمر القذافي. وفي جنيف (أ ف ب)، أعلنت لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة حول ليبيا الجمعة أنها ستسلم لائحة سرية تضم أسماء أشخاص يشتبه بارتكابهم جرائم أو انتهاكات لحقوق الإنسان في ليبيا إلى المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وأعلنت لجنة التحقيق في تقريرها النهائي أن المتمردين الذين قاتلوا قوات القذافي عام 2011 ارتكبوا جرائم حرب ويواصلون القيام بأعمال انتقامية تستهدف أنصاراً مفترضين للقذافي وأقليات. الجزائر ستساعد ليبيا على بناء جيش وشرطة وفي الجزائر (أ ف ب)، أعلن وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي الخميس أن بلاده مستعدة لمساعدة ليبيا على تشكيل جيش وشرطة، وذلك بعد ثلاثة ايام من زيارته ليبيا حيث التقى نظيره عاشور بن خيال. وقال مدلسي على هامش احتفال بمناسبة اليوم العالمي للمراة إن المحادثات مع المسؤولين الليبيين تناولت طريقة مساعدتهم على تشكيل جيش وشرطة، ومسألة أمن الحدود. وكان مدلسي اكد خلال زيارته ليبيا أن عائلة العقيد الراحل معمر القذافي التي لجأ قسم من أفرادها إلى الجزائر لم تعد قادرة على مس «شعرة» من الشعب الليبي. ولجأت عائشة القذافي وشقيقاها محمد وهانيبال ووالدتها صفية وعدد من أفراد العائلة إلى الجزائر منذ نهاية آب (اغسطس).