في وقت هدد الجيش الوطني الليبي الذي يتم تشكيله حالياً بالتدخل لوقف الاشتباكات القبلية التي أوقعت عشرات القتلى في مدينة الكفرة جنوب شرقي البلاد، أقر رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل بارتكاب الحكّام الجدد لليبيا أخطاء، متهماً ميليشيات الثوار التي ساهمت في إسقاط نظام معمر القذافي برفض التخلي عن أسلحتها. وجاء موقف عبدالجليل في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» حذّر فيها أيضاً من أن بقايا النظام السابق ما زالت تشكّل خطراً وأن الحكّام الجدد لليبيا سيحتاجون إلى سنوات لتجاوز «التركة الثقيلة» من الفساد وانعدام الثقة بعد أربعة عقود من حكم القذافي. وقال عبدالجليل إن المجلس الانتقالي ارتكب أخطاء، لكنه انتقد أيضاً الثوار السابقين الذين شكّلوا ميليشيات قوية النفوذ والحكومات المحلية التي تم انشاؤها لتكون منافساً للحكومة المركزية في طرابلس والتي تولت السلطة بعد إطاحة القذافي. وقال: «كلاهما (الحكومة والثوار) يُلام... برنامج الحكومة لدمج الميليشيات بطيء، والثوار لا يثقون بها». وتستعد ليبيا لانتخاب مجلس تأسيسي في اقتراع متوقع في حزيران (يونيو) المقبل، وسيكون الأول من نوعه في ليبيا منذ عقود. وقال عبدالجليل: «ما تركه القذافي لنا في ليبيا بعد 40 سنة (من حكمه التسلطي) إنما هو تركة ثقيلة، وثقيلة جداً... إنها (تركة) ثقيلة جداً وسيكون من الصعب التخلص منها في سنة أو سنتين أو حتى 5 سنوات». واعتبر إن أقارب القذافي والموالين له ما زالوا يشكّلون خطراً لأن الدول التي لجأوا إليها ليس لديها السيطرة عليهم. ولم يُسمّ هذه الدول، لكنه قال إن مستقبل علاقات ليبيا مع جيرانها سيتحدد بناء على طريقة تجاوب هؤلاء مع مطالب الليبيين في شأن تسليم قوات النظام السابق التي لجأت إلى أراضي الدول المجاورة. ولجأت أرملة القذافي صفية وابنته عائشة وابناه محمد وهانيبال إلى الجزائر، في حين فر ابنه الساعدي إلى النيجر. وقال عبدالجليل في هذا الإطار: «علينا اتخاذ موقف قوي من الجيران»، في إشارة إلى طلب ليبيا من النيجر تسليم الساعدي بعد تهديده بانتفاضة ضد المجلس الانتقالي. وقال عبدالجليل أيضاً إن مناصري القذافي اخترقوا صفوف قوات الثوار بل شكّلوا حتى ميليشيات خاصة بهم. وأضاف: «بعد الثورة نسميهم (جميعهم) ثواراً». وعن الانتخابات المقبلة، قال عبدالجليل إن المجلس التأسيسي سيصدر قانوناً جديداً يمنع التمويل الأجنبي للأحزاب السياسية. واضاف انه لن يترشح للانتخابات الرئاسية ولن يسعى إلى دور سياسي في المستقبل، موضحاً «أننا سنصدر خلال 10 أيام تعليمات... تمنع تلقي تمويل من خارج البلاد». وتحدث عن المجلس الانتقالي، قائلاً «إننا ارتكبنا أخطاء عديدة... الديموقراطية واللجوء إلى التصويت لاتخاذ القرارات أديا في حالات كثيراً جداً إلى الوقوع في هذه الأخطاء». في غضون ذلك، هدد الجيش الوطني الليبي بالتدخل لوقف القتال المستمر منذ أيام في مدينة الكفرة في جنوب شرقي البلاد. وقال يوسف المنقوش رئيس أركان القوات المسلحة الليبية ل «رويترز» إنه تم التوصل الى اتفاق بين الطرفين المتقاتلين في الكفرة يوم الأحد، لكن اشتباكات «أكثر كثافة» وقعت يوم الاثنين. وقال إن وزارة الدفاع والجيش يحذران من انه ما لم يتوقف القتال فسيكون هناك تدخل عسكري حاسم لوضع حد للاشتباكات. جاء ذلك في وقت نقلت «فرانس برس» عن مصادر قبلية ان الاشتباكات أوقعت أكثر من 100 قتيل خلال الأيام العشرة الماضية. وصرح عيسى عبد المجيد رئيس قبيلة التبو للوكالة بأن 113 شخصاً على الاقل من قبيلة التبو و20 آخرين من قبيلة الزوي قتلوا في الكفرة منذ اندلاع القتال بين القبيلتين في 12 شباط (فبراير).