تعود الازمة السورية الى طاولة وزراء الخارجية العرب اليوم وغداً، خلال الاجتماعين اللذين يعقدهما الوزراء والامين العام للجامعة نبيل العربي مع المبعوث الدولي - العربي كوفي انان ومع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وكان انان وصل امس الى القاهرة حيث يجتمع اليوم مع العربي، كما سيلتقي ونائبه ناصر القدوة غداً عددا من وزراء الخارجية العرب الذين سيصلون إلى القاهرة عشية الاجتماع الوزاري العربي، ثم يتوجه إلى دمشق صباح السبت لبدء مهمته. وردت الخارجية السعودية على بيان الناطق باسم الخارجية الروسية في 4 الشهر الجاري، والذي «يتضمن اتهامات خطيرة للمملكة بدعمها للإرهاب في سورية». وجاء في البيان السعودي: «تعبر وزارة الخارجية عن رفضها واستهجانها الشديد لهذه التصريحات غير المسؤولة، والمجانبة لحقيقة حرص المملكة على التعامل مع الأزمة السورية وفق قواعد الشرعية الدولية وعَبر مجلس الأمن الدولي المعني بحفظ الأمن والسلم الدوليين، وهي الجهود التي للأسف تم إجهاضها وتعطيلها بالفيتو، معطياً بذلك نظام سورية رخصة للتمادي في جرائمه ضد شعبه الأعزل، وبما يتنافى مع الأخلاق الإنسانية، وكافة القوانين والأعراف الدولية». اضاف البيان: «لابد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن الاتهامات الروسية مبنية على افتراضات خاطئة يرددها إعلام النظام السوري، ورفضها المجتمع الدولي، والتي تزعم أن القاعدة ومجموعات مسلحة إرهابية تشكل العمود الفقري للمعارضة السورية. إن هذا التوجه الذي يعبر عن مساندة صريحة لنظام يرتكب ما يصل إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، قد يترتب عليه أن يصبح المساند له عرضة للمسؤولية الأخلاقية والقانونية الجنائية لاحقاً جراء هذا الموقف. والتاريخ وحده هو الذي يرد على اتهام تسليح الإرهابيين، ويشهد بما لا يقبل الشك على من هم الإرهابيون ومن وراءهم». وبرز امس موقف لافت في واشنطن، خلال جلسة استماع في الكونغرس حضرها وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا ورئيس هيئة الاركان الجنرال مارتن ديمبسي. اذ ركز بانيتا على الدور الروسي الذي يحظى «بالكثير من النفوذ والتأثير على الأسد» ويمكن أن تستخدمه موسكو «اذا شاءت بشكل يساعد على اطاحته». واشار الى التبادل التجاري والعسكري بين البلدين وأن روسيا «تملك مرفأ طرطوس في سورية». واكد أن الديبلوماسية الأميركية مستمرة في التواصل مع روسيا حتى بعد الفيتو في مجلس الأمن. فيما اكد ديمبسي ان الرئيس باراك اوباما طلب من مجلس الامن القومي اعداد تقرير عن «الخيارات العسكرية» في سورية. وتطرق الى الخناق المالي على النظام السوري واستبعد قدرته على حسم الأزمة أمنيا، مشيرا الى أن «التمرد يتسع ويفرض ضغوطاً جمة على الأسد». كما أكد أن واشنطن سترسل مساعدات انسانية وأخرى في مجالات الاتصالات للمعارضة. ويعقد وزراء الخارجية العرب بعد غد اجتماعا في مقر الجامعة، برئاسة نائب رئيس الوزراء الكويتي وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الصباح، يحضره وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف لبحث تطور الأوضاع في سورية والاستماع إلى رؤية موسكو خصوصا في ضوء تفاقم الوضع الإنساني والمعيشي في سورية. وسيعقد الوزراء جلسة تنسيقية تشاورية حول الوضع في سورية قبيل لقائهم لافروف الذي سيستمع لتقويم الجانب العربي لتطورات الأوضاع في سورية. وقال مندوب الكويت لدى الجامعة رئيس الدورة السفير جمال الغنيم إن الموضوع السوري مطروح على جدول أعمال الوزراء تحت بند «ما يستجد من أعمال» إلا أنه تم الاتفاق على رفعه للوزراء لمناقشته مفصلاً. في موازاة ذلك، قال وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو إن تسليح المعارضة سيفضي إلى تصعيد الصراع العسكري وإشعال حرب أهلية في سورية. ووجه الرئيس التركي عبدالله غل امس تحذيراً الى المسؤولين السوريين من «ان الطريق الذي يسلكونه هو طريق مقفل، وستكون نهايته مظلمة وبالغة اليأس، ولذلك فعليهم ان يصغوا الى جهود الاسرة الدولية التي اقترحت بعض المخارج للازمة. واذا لم يوافقوا على هذه الحلول اليوم فقد يكون الوقت متأخراً غداَ». فيما قال الرئيس فلاديمير بوتين ان مسألة منح اللجوء السياسي بشار الاسد ليست موضع بحث في روسيا. وكان رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني اجرى محادثات امس في انقرة مع المسؤولين الاتراك تركزت على آخر مستجدات الأوضاع في سورية. وفي نيويورك برز اتجاه أميركي - بريطاني «واقعي» في مجلس الأمن نحو اقتناص أي فرصة للتوصل الى اتفاق مع روسيا حول قرار سياسي يصدر عن مجلس الأمن في شأن سورية. وواصلت الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس، إضافة الى المغرب، بحث مشروع القرار الأميركي في جولة ثانية من المفاوضات خلف أبواب مغلقة، بعدما قدمت روسيا تعديلات على النص المقترح اظهرت تمسك موسكو بموقفها المبدئي في شأن مساواة مسؤولية المعارضة والسلطة في سورية عن العنف وإسقاط أي إشارة الى «النظر في إجراءات إضافية في مجلس الأمن في حال عدم التقيد بالقرار في حال تبنيه». ونقلت مصادر مطلعة «امتعاضاً صينياً مما بدا مساراً تفاوضياً أميركياً - روسياً موازياً لمفاوضات مجموعة الدول الست حول سورية». وقالت إن السفير الصيني لي باودونغ «رفع سقف التفاوض تعبيراً عن الاستياء»، ما بدا وكأنه «تقليل من أهمية الوزن الصيني في المعادلة الثنائية الروسية - الأميركية». وقالت المصادر إن هناك اختلافاً بين الرؤيتين الأوروبية والأميركية حيال سورية. وأوضحت أنه «فيما تتشدد الدول الأوروبية على مسألة إسقاط النظام السوري تعتمد واشنطن سياسة أكثر واقعية من خلال اتفاق تكون روسيا جزءاً منه». ولفتت مصادر غربية الى أن روسيا وإن كانت تسعى الى «تفريغ القرار من أي إجراء لكنها لم تعترض على الفقرات التي تتضمن الدعوة الى عملية سياسية يقودها السوريون وتشارك فيها الأممالمتحدة». ورأت المصادر في ذلك «إشارة من موسكو الى التخلي عن رفضها السابق للبعد السياسي لمشروع القرار المتعلق بسورية». وأكدت المصادر ان لافروف سيحضر الاجتماع الرفيع المقرر في مجلس الأمن الإثنين المقبل الذي أعدت له بريطانيا جيداً لفترة رئاستها مجلس الأمن الشهر الحالي، ما «سيشكل فرصة للوزراء الغربيين لبحث الوضع في سورية مع نظيرهم الروسي». وعلى الصعيد الميداني تواصلت امس عمليات الجيش في عدة مدن سورية، وتركزت بشكل خاص على بلدات في محافظة ادلب، فيما بدا ان القوات السورية تتجنب القيام بعمليات واسعة في مختلف المناطق في وقت واحد. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان عدداً من القتلى والجرحى سقطوا في بلدات وقرى كنصفرة وكفرومة ومعصران ومرعيان. كما قتل مجند في بلدة كفرنبل في المحافظة نفسها على ايدي قوات النظام. واعلن «المجلس الوطني السوري» انه رصد امس 42 دبابة و131 ناقلة جند وقوات عسكرية انطلقت من اللاذقية باتجاه بلدة سراقب في محافظة ادلب. وتخوف ناشطون من «عملية عسكرية كبيرة» في المحافظة التي توجد فيها عناصر منشقة. وطالب المجلس المجتمع الدولي والجامعة العربية والمنظمات الدولية بالتحرك السريع لمنع تكرار مجازر بابا عمرو «التي سقط فيها المئات من الشهداء»، واشار الى ان مدينة حمص تحولت الى «مدينة أنقاض تحت قصف آلة النظام العسكرية». وتكتسب محافظة ادلب اهمية استراتيجية بسبب وجود اكبر تجمع للمنشقين فيها، لا سيما في جبل الزاوية. كما انها مناسبة لحركة «الجيش السوري الحر» بسبب مناطقها الوعرة والمساحات الحرجية الكثيفة، وقربها من الحدود التركية، واتصالها جغرافيا مع ريف حماة الذي تنشط فيه ايضا حركة الانشقاق عن الجيش النظامي. وفي دمشق، انتشرت القوات النظامية السورية صباح امس في حي القابون ونفذت حملة اعتقالات، واقتحمت قوات عسكرية تضم ناقلات جند مدرعة ودبابات بلدة قارة فيما سمعت اصوات انفجارات في محيط مدينة يبرود في ريف دمشق.