غداة إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في روسيا والتي أعادت رئيس الوزراء فلاديمير بوتين إلى الكرملين، أطلقت المعارضة إشارة بدء موجة جديدة من الاحتجاجات بعد تلك التي رافقت مرحلة ما بعد الانتخابات الاشتراعية نهاية العام الماضي، من خلال حشد أكثر من 150 ألف متظاهر وسط العاصمة موسكو. واعتقلت السلطات حوالى مئتي متظاهر في موسكو وسان بطرسبورغ، فيما ردّ رئيس اللجنة الانتخابية فلاديمير تشوروف بعنف على انتقادات البعثة الأوروبية لمراقبة الانتخابات التي تحدثت عن «خروقات شهدتها عملية الاقتراع، وعدم توفير فرص متكافئة للمتنافسين»، واتهم تشوروف مراقبي البعثة بأنهم «جواسيس لا يهتمون بسير الانتخابات بل بالتسلل إلى مخافر الحدود والمراكز النووية المغلقة ومراكز الصواريخ وباقي المنشآت الحساسة». وتحدى المتظاهرون تحذيرات وزارة الداخلية من «العبث بالقوانين»، ومنحها انصار بوتين ترخيصاً للاحتفال بفوزه في ساحة قرب الكرملين، اضافة الى نشرها عشرات الآلاف من عناصر الأمن في محيط الكرملين ومجلس الدوما واللجنة الانتخابية ومبانٍ حكومية أخرى وسط موسكو لمنعهم من الوصول إليها. وكان لافتاً انضمام أنصار أحزاب المعارضة الرسمية، مثل الحزب الشيوعي وحزب «يابلوكو»، إلى المتظاهرين، علماً أن الشيوعيين لم يشاركوا في الاحتجاجات السابقة. ورفع انصار المعارضة شعارات طالبت بإعادة الانتخابات وخروج بوتين من الساحة السياسية، واحتوت اخرى عبارات أكثر تشدداً دعت الى محاكمة بوتين وفريقه، وصولاً الى هتاف متظاهرين: «روسيا من دون بوتين». ولم يخفِ قادة المعارضة نيتهم توسيع رقعة الاحتجاجات الى كل المناطق. وقال القيادي المعارض اليكسي نافالني إن «السلطة لا تفهم إلا لغة واحدة»، مضيفاً: «لا نزال نلتزم سلمية الحراك الاحتجاجي، لكن اذا لم تصل اصواتنا الى السلطات فسنلجأ الى التصعيد ونرفع شعار احتلال الكرملين». وفيما اعلنت اللجنة الانتخابية نيل بوتين نحو ثلثي أصوات الناخبين (64 في المئة)، وحلول الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف ثانياً بنسبة 17 في المئة من الأصوات، رأى أنصار الرئيس ان النسبة «عادلة ونزيهة» وبينهم رئيس تحرير مجلة «روسيا في السياسة الدولية» فيودور لوكيانوف الذي استبعد في حديث ل «الحياة» حصول تغييرات سريعة في نهج بوتين على صعيد السياسة الخارجية «بسبب تراكم الملفات الخلافية مع الولاياتالمتحدة»، مرجحاً أن تمر العلاقات بين روسيا والغرب بمرحلة جمود طويلة. ورجح لوكيانوف بدء بوتين لدى تسلمه السلطة فعلياً مطلع ايار (مايو) المقبل، بإعادة ترتيب البيت الداخلي، «ما يمهد لتغييرات وإقالات قد تطاول قسماً كبيراً من فريقه، وتعكس حاجة الرئيس القديم الجديد الى عملية تجديد دم في الجسم السياسي الأساسي للبلاد. ويمثل ذلك المطلب الأساس لحراك المعارضة». وعلى رغم رصد المراقبين الاوروبيين والدوليين «اوجه القصور» في الانتخابات الرئاسية الروسية، ومطالبتهم موسكو بمعالجتها، أكد ناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون ان فوز بوتين «حاسم»، مشدداً على رغبة لندن في اقامة «علاقة بناءة مع روسيا». كذلك، أعلن وزير الخارجية الفرنسي الآن جوبيه ان فوز بوتين «ليس موضع شك»، مشيراً الى ان الرئيس الروسي «هو محاور فرنسا للسنوات المقبلة».