كشفت حملة «السكينة» عن اعتزامها تنفيذ قياس علمي لمعرفة مدى تعاطف الشارع السعودي مع دولة العراق والشام الإسلامية «داعش» التي ظهرت أخيراً في العراق، وذلك بعد صدور نتائج استطلاع رأي عام للسعوديين على شبكات التواصل الاجتماعي تشير فيها إلى أن 92 في المئة من الفئة المستهدفة ترى أن «داعش» موافقة لقيم الإسلام والشريعة الإسلامية. فيما اعتبر مراقبون أن الأهم في الفترة الحالية التركيز على جذور التطرف والقيام بمعالجته ومحاربته. وقال مدير حملة السكينة التي تعمل بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة عبدالمنعم المشوح ل«الحياة»: «إن الحملة تعتزم في الفترة المقبلة العمل على قياس يدوي، يتم من خلاله التعرف على مدى تعاطف الشارع السعودي من عدمه مع ما جرى أخيراً في العراق، من إعلان «داعش» قيام دولة الخلافة»، موضحاً أنه سيتم «الاعتماد في هذا القياس على استهداف شريحة محددة، وفي فترة زمنية معينة، تراوح بين شهر وشهرين، وسيتم الإشراف عليه أكاديمياً، لاستيفاء الشروط المطلوبة». واعتبر أن ما نشر من إحدى المنصات الإعلامية المحلية من نتائج «غير دقيقة ومبالغ فيها»، مشيراً إلى أن النتائج «ليست مبنية على أسس علمية أو بحث يدوي مباشر»، لافتاً إلى أن «المفترض وجود إحصاء مواجه، ويكون دقيقاً ومبنياً على أسس علمية سليمة، شريطة أن يتم التوضيح كيف تم التوصل إلى هذه النتيجة النهائية»، مضيفاً: «وجدنا نتائج مبالغ فيها، إضافة إلى غياب الشريحة المستهدفة من خلال الاستطلاع، وما المنهجية التي تم البناء عليها وما الأدوات المتبعة ومدى موافقتها للمعايير العلمية البحثية»؟ مطالباً إياهم «بالإفصاح عن طريقتهم في هذا الاستطلاع». وأوضح المشوح أنه «من خلال الرصد النظري واليومي، نجد أن شرائح المجتمع المتنوعة ضد الأعمال والأفكار التي تقدمها هذه الجماعات»، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة «قيام المؤسسات العلمية والأكاديمية بدورها في هذه المرحلة، من خلال العمل على الإحصاءات والدراسات المحكمة في هذا الشأن». وكانت النتائج التي أعلنتها «ركين»، التي تعرف نفسها بوصفها «أول منصة سعودية متخصصة في الرأي العام السعودي»، خلصت إلى أن «92 في المئة يرون دولة الإسلام في العراق والشام «داعش» موافقة لقيم الإسلام والشريعة الإسلامية» فيما صوّت 71 في المئة على أنه «لا يوجد هناك فرق بين الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة». واعتبر 53 في المئة أن من سيطر على الموصل هم «الدولة الإسلامية». فيما اعتبر 35 في المئة أنه «تحالف بين فصائل مختلفة»، و11 في المئة رأوا أنهم «عشائر سنية». فيما حصل حزب البعث العراقي على نسبة مئوية واحدة. وعزا 87 في المئة أن سبب انسحاب قوات الحكومة العراقية هو «قوة الهجوم»، ورأى 8 في المئة أن هناك «خيانة من بعض قيادات القوات العراقية». وذكر الاستطلاع أن النسبة ترتفع عند من يعتقدون أن «داعش غير متطرفة» في الشريحة العمرية التي تراوح بين 25 و30 عاماً. كما ترتفع نسبة من يعتقدون أنها «غير متطرفة» ما بين منطقتي الرياض والقصيم. بدوره، اعتبر الباحث الشرعي بداح الدوسري أن هذه الاستطلاعات «تظهر الفهم الخاطئ للإسلام وتعاليمه لدى شريحة من السعوديين، وخصوصاً في ما يتعلق بأحكام الجهاد والقتال»، مطالباً في تصريح إلى «الحياة» أن يكون هناك «تسليط ضوء على مثل هذه النتائج بقصد تحليلها والعمل على وضع خطط لمعالجتها، وليس التقليل من شأنها وصرف النظر عنها»، محذراً في الوقت نفسه «من التراخي مع ما تسفر عنه مثل هذه النتائج، فهي وإن لم تلتزم معايير محددة، إلا أن عشوائيتها وانتشارها في الإنترنت دليل أن هذا الفكر حاضر ويتحرك بيننا، والأولى مواجهته لا صرف النظر عنه». وفي سياق متصل، رفض عضو في لجنة المناصحة تصنيف المنضمين للجماعات الإرهابية مثل «داعش» و«النصرة» باعتبارهم «مجرمين». وقال الشيخ عبدالله السويلم: «الشباب يرزحون تحت ضغوط عدة، منها الشرعية والشجاعة والغلو وضغط واقع يعيشه الشباب مع قلة التوجيه»، مضيفاً: «الشباب المنضمون لهذه المجموعات لا نصنفهم على أنهم مجرمون، فإن صنفناهم مجرمين آذيناهم وزرعناهم لنا خصوماً». وأضاف السويلم ل «الحياة»: «علينا أن نواجه الحجة بالحجة، والدليل بالدليل، ونوجه شبابنا التوجيه الصحيح، بعيداً عن تجريمهم، كي لا نزيد الأمر اشتعالاً». ودعا إلى التفريق بين أساس العمل وبين العامل، ولنفرق بين الجهاد ومذهب الخوارج، مذهبهم مذموم، والنبي صلى الله عليهم وسلم ذمهم، وأخبر أنهم كلاب النار، وأنهم أشر أهل الأرض، وغلوهم في جانب من جوانب العبادة، وكبيرة من الكبائر وهي استباحة الدماء، وما أخشاه من الإعلام الآن أن يتكلم عن موضوع مشروع وهو الجهاد، ويتهم به أناساً عملوا به في غير محله». وأوضح السويلم أن «الجهاد محبوب إلى النفوس، والشجاعة مجبولة – في الغالب – في شباب جزيرة العرب، ورثوها كابراً عن كابر، فالشجاعة متأصلة في نفوسهم، ولهذا هذب النبي هذه الشجاعة»، مضيفاً: «الشباب الآن يرون الصور الحية، يرون الظلم والتعدي على الآخرين، ولهذا نحن بحاجة إلى توجيه الشجاعة وليس ذمها، والعودة إلى جذور الجهاد وأصوله، ولنا في الحج مثال، فكان الحج سابقاً مقراً وموسماً للخلافات، فجاء الملك عبدالعزيز وهذّب الحج، فأصبح الحج متعة، لا يجد خصومة أو نزاعاً علمياً، لكن إذا وجّه الأمر استطعنا أن نحكمه، وهذا ما نحتاجه للجهاد».