أكد مختصون قانونيون وشرعيون أن التشهير بأسماء المتهمين في قضايا الفساد يحد من التمادي من عمليات الفساد، بعد أن تثبت الإدانة عليهم بحكم قضائي، خصوصاً إذا كان في النظام التشريعي ما يتيح ذلك. وبيّن عضو مجلس الشورى القاضي بوزارة العدل الدكتور عيسى الغيث خلال حديثه إلى «الحياة» أن عقوبة التشهير تسهم في الحد من قضايا الفساد، موضحاً أن السلطة القضائية هي من تملك حق التشهير بناء على أنظمتها. واستشهد بقضايا الرشوة التي يشهر فيها صاحبها كعقوبة، استناداً إلى وجود هذه العقوبة في نظام مكافحة الرشوة في حد ذاتها، مشيراً إلى أن السلطة التنفيذية كالوزارات ليست مخولة للتشهير، إلا إذا أجاز لهم النظام وبضوابط شديدة من دون الرجوع إلى حكم قضائي. من جهته، قال عضو المجمع الفقهي الدولي البروفيسور حسن سفر ل «الحياة»: «إن الأصل في القاعدة الفقهية القضائية براءة الذمة حتى تثبت الإدانة، إلا إذا ثبت خلاف ذلك من جرم مؤكد كأن سرق أو انحرف في فساد ما أو استغل منصبه الوظيفي، فحينها يكون التشهير بحكم قضائي إذا رأى القضاء أنها العقوبة التي يستحقها الشخص». وشدد على أن لا تصدر هيئة مكافحة الفساد حكم التشهير على من تم ضبطهم في قضايا الفساد من دون تحرٍّ، إذ عليها إحالتهم إلى هيئة الرقابة والتحقيق والادعاء العام ليكون القضاء هو الفيصل. بدوره، أوضح عضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً، الدكتور إبراهيم الأبادي ل «الحياة» أن أحكام الرشوة والتزوير وغيرهما يصدر فيها حكم التشهير ويكون ذلك بحكم قضائي مشتمل على العقوبة والتي تصدر بعد أحكام قضائية قطعية لا تقبل النقض، مؤكداً أن عقوبة التشهير تسهم في الحد من القضاء على مظاهر الفساد. ومن الجهة القانونية، أفاد المستشار القانوني أحمد المالكي ل «الحياة» بأن عقوبات التشهير هي من العقوبات التعزيرية التي تدخل في نطاق السلطة التقديرية للقاضي الذي ينظر القضية، وهي عقوبة غير مقننة في النظام السعودي إلا في حدود ضيقة جداً، وردت في بعض الأنظمة وبضوابط وشروط معينة حرصاً على الحقوق الخاصة للمتهمين، كأن يجوز للهيئة الطبية الشرعية أن تحكم بعقوبة التشهير للمخالف لنظام مزاولة المهن الطبية ولائحته التنفيذية، ويجب أن تنص في ذلك على قرارها وأن يكتسب قرارها الصفة القطعية بعد الموافقة عليه من المحكمة الإدارية. وذكر أن أحد أسباب عدم تفعيل عقوبة التشهير في السعودية يعود للقيود النظامية التي وردت في نظام المطبوعات والنشر من عدم جواز النشر إلا بإذن الجهة القضائية المختصة. ودعا المالكي في نهاية حديثه إلى ضرورة إصدار تنظيم خاص ينظم نشر العقوبات في الصحف المحلية ويجيز تداول أسماء المتهمين في قضايا الفساد الإداري والسلب والنهب والاغتصاب وسرقة المال العام والخاص وقضايا الإرهاب ويحفظ للمتهمين حقهم في الحصول على التعويضات المناسبة لقاء التشهير بهم إذا ثبتت براءتهم بحكم قضائي نهائي.