باريس - أ ف ب - بعد سنة على سقوط نظام زين العابدين بن علي، وانطلاقة «الربيع العربي»، يعرض فنانون، غالبيتهم من التونسيين، في «معهد العالم العربي» في باريس، أعمالاً إبداعية مختلفة، من صور وفيديو ورسوم جدارية تأثر أصحابها بأحداث سنة عربية غير عادية. تقول التونسية-الفرنسية مشكت كريفا، مفوضة معرض «تحرير... تونس بعد سنة»: «أردت أن أبرز نظرة فنانين وضعوا مفهوماً لما عاشوه ولتساؤلاتهم حول ما حصل خلال تلك السنة». تلفزيون يبث مشاهد للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وسمّاعات تنقل أصوات رحلة في سيارة أجرة يمتزج فيها حديث السائق بصوت الإذاعة وضجيج الشارع. إنه عمل بعنوان «لايف» للتونسية منى كراي التي تقول «هنا الكلام المتمتّع بالحركة والسرعة، وصورة عن الدعاية الرسمية، الثابتة والتي تشبه الوهم، مقطوعة ومعزولة عن الواقع». وعلى مسافة قريبة، تُرى منحوتتان للفنانة عائشة الفيلالي. أغصان شجر على قاعدة من الحديد الأسود علقت في آخرها قطع متنوعة: فثمة أقلام من جهة، وكرات صغيرة وأهلّة من جهة أخرى. وتوضح الفنانة: «الأقلام ترمز إلى حرية التعبير التي استعدناها ولا ننوي التخلي عنها». أما المنحوتة الثانية، وفيها براعم تنتهي بكُرة أو اثنتين أو ثلاث مع أهلّة، «فهي عن بروز الإسلاميين الذين يُبدون نسباً متفاوتة من التطرف». وهناك أيضاً مجموعة من الصور لجلال قسطلي بعنوان «روك ذو قصبة»، وهي عناصر تندرج في «تسلسل زمني بصري بين النصف الثاني من كانون الأول (ديسمبر) 2010 وشباط (فبراير) 2011» كما يوضح الفنان. وهناك أيضاً الرسوم على الجدران للفنانين «إس كاي-وان» و»مين-وان» وهو تعبير مديني عن التساؤلات المطروحة والحرية الجديدة في رسوم «ويليس فروك تونس»، وهي شخصية هرّ ظريف يعلق على الأحداث الراهنة في تونس، وجذب هذا الهرّ الذي صممته نادية خياري آلاف التونسيين عبر «فايسبوك» قبل أن تصدر ألبوماً في آذار (مارس) الماضي. الفنانون يأتون، في غالبيتهم من تونس إضافة إلى اللبناني علي شري الذي يعرض «لست مهووساً بإشعال الحرائق» المكتوبة بعيدان ثقاب محروقة و»إيموليشن كيت» (عدة إضرام النار بالذات) وهي مؤلفة من قارورة وقود وعلبة عيدان ثقاب. وهي أعمال تحيي ذكرى محمد البوعزيزي، البائع الجوال الذي أضرم النار في نفسه احتجاجاً على مصادرة عربته في 17 كانون الأول (ديسمبر) 2010 مشكّلاً شرارة الاحتجاجات في تونس. وهناك فنانون مقيمون في باريس، مثل الفرنسي-التونسي مراد سالم، الذي أنجز عملاً رمزياً حول الديكتاتورية والثورة بعنوان «السلطان والأميرة» والذي يؤكد: «من خلال هذه الثورة تقرّبت من بلد كان يخيفني بسبب الديكتاتورية القائمة فيه»، معتبراً أنه «من الرائع أن أرى أعمال الفنانين الآخرين الذين استلهموا من الثورة». وترى مفوضة المعرض الذي يستمر حتى الأول من نيسان (أبريل) المقبل: «كان جوهرياً تجنّب صور الصحافة التي رأيناها كثيراً وأن نظهر أن الفنانين تابعوا الأحداث كأطراف فيها، ولهم نظرتهم النقدية»، وتختم: «كان يجب تجنب الوقوع في الشاعرية الثورية لأنه، بعد مرور سنة عليها، لم نعد فعلاً في هذه الأجواء».