يمكن هواة ألعاب المَزارع وتشييد المباني، التمتع بأجواء تردّهم إلى منطقة الشرق الأوسط، عبر لعبة «الواحة السعيدة» Happy oasis. وتنقل هذه اللعبة العربية لاعبيها منذ اللحظات الأولى، إلى أجواء البداوة والصحراء والخيام والإبل والنخيل والواحات. وفي بيئة عربية صرفة، طوّرت مجموعة «أرامين غايمز» Aramin Games الأردنية اللعبة لتنافس الألعاب من الفئة نفسها، مع التشديد على أجواء الشرق الأوسط ومعطياته. ولم تتردّد بعض وسائل الإعلام في وصف «الواحة السعيدة» بأنها «فارم فيل» عربية، في إشارة إلى لعبة «فارم فيل» الكاسحة الشعبية على الإنترنت. واستطاعت «الواحة السعيدة» أن تحظى بخمسين ألف لاعب نشط، وفق إحصاءات «فايسبوك». لحية وغطاء للرأس وثوب فرعوني بألوان مستوحاة من رمال الصحراء، يبدأ اللاعب في «الواحة السعيدة» باختيار جنس الشخصية التي يريد أن تمثّله في اللعبة. وبعدها، ينتقي لها ملابس مستوحاة بمعظمها من البيئة العربية. فللرجل، هناك العباءة والثوب العربي بألوانه المُنوّعة، والبزّات العسكرية والأردية الفرعونية وغيرها. كما تعطى شخصية الرجل أنواعاً مختلفة من أغطية الرأس تتناسب مع تصميم الثوب الذي يختاره اللاعب. تشمل هذه الأغطية الحطّة والكوفية والطربوش والعمامة وخوذة الجُند وغيرها. ويمكن اختيار الشخصية بلحية أو مع شارب أو حليقة الذقن والشارب، أو مع ذقن قصيرة لها تصاميم مختلفة. وفي حال اختار اللاعب شخصية المرأة، يُضحي ممكناً جعلها ترتدي العباءة بتصاميمها المختلفة، وثوب المُزارعة، وبدلات الجيش النسائية، وملابس «كاجوال» الغربية بالجينز والبلوزة. كذلك يمكنها وضع غطاء الرأس، بعد أن تختاره من أنواع تبدأ بالمنديل الذي يُربط بطرق مختلفة، والحجاب والنقاب والبرقع، إضافة إلى الشال الذي يُلفّ على الرقبة. وتتصف لعبة «الواحة السعيدة» بالمرح، إذ تجعل لاعبها يعيش حياة الصحراء ويمارس أعمالاً تعتبر من مُكوّنات الحياة اليومية للبدو. وتضمّ قائمة المِهن الزراعة وجني المحاصيل، وتربية الدواجن والمواشي، وبناء الخيم والمباني الطينية والمساجد، وحفر الآبار، ونصب الحظائر وغيرها. وتضاف إلى هذه الأمور خيارات أخرى في تكوين شخصية اللعب وتفاصيلها، مثل العيون والفم ولون الشعر وشكله. ثم تبدأ اللعبة. وعلى غرار كثير من الألعاب الإلكترونية عن الزراعة، تباشر الشخصية الافتراضية التي اصطنعها اللاعب، زرع المحاصيل ورعايتها وحصادها، وإطعام الحيوانات الجائعة، وتنظيف المزرعة من الأنقاض والصخور والنباتات البريّة والأعشاب المضرّة وغيرها. وفور الاتنهاء من المرحلة الأولى، يختار اللاعب اسماً لأرضه. ويصبح بإمكانه التوسّع في المهمات المتنوّعة. وعند إنجازها، يضحي قادراً على شراء خيمة، والحصول على جمل، واقتناء دجاج وغيرها من الأمور. صحيح أن اللعبة موجهة للعرب لكنها متوافرة أيضاً باللغة الإنكليزية. ومع ذلك، يبدو أن الواجهة العربية مليئة بالأخطاء اللغوية التي كان أجدر بأصحاب اللعبة تداركها، إضافة إلى أن لغة اللعبة تميل للركاكة أحياناً، فتسمي النخلة مثلاً، شجرة تمر! تمتاز هذه اللعبة برسومها الجميلة ذات الألوان الجذابة، كما أن الحركة فيها سلسة، لكن الأوامر التي تعطى للشخصية تنفذ ببطء. تناسب هذه اللعبة الصغار والمراهقين، فهي أقرب إلى الرسوم المتحركة، والمهمات المطلوب تنفيذها بسيطة عادة ولا تتطلب جهداً ذهنياً كبيراً. الخبرة والهلال والفلافل تحتوي اللعبة أكثر من «عدّاد» لمساعدة اللاعب على تجاوز مراحل اللعبة المختلفة. هناك «عدّاد الخبرة» الذي تزيد النقاط فيه كلما أنجز اللاعب مزيداً من الأعمال. ومع زيادة النقاط، يرتفع مستوى اللعبة. وبدل أن تكون الخبرة على شكل نجوم كما في كثير من الألعاب المماثلة، فإنها تتخذ في «الواحة السعيدة» شكل هلال. ويظهر «عدّاد الطاقة» على هيئة نقاط ماء. ويحصي هذا العدّاد ما ينجزه اللاعب من مهمات في الواحة الخاصة به، مثل إطعام الحيوانات، وجني المحاصيل، وجمع المكافآت من المباني وغيرها. والطريف أن اللاعب يمكنه أن يكسب الطاقة بشراء مآكل مثل الفلافل والكبسة والكُشَري والمنسف وغيرها. وهناك طرق مختلفة للحصول على الطاقة، مثل زيارة الأصدقاء، كما يمكن التزوّد بالطاقة عبر شرائها من السوق بنقود اللعبة. ويستعمَل «عدّاد الطعام» لشراء بعض المواد من السوق مثل الطاقة والمحاصيل والأشجار. ويستخدم «عدّاد الخشب» في شراء المباني والزينة، إضافة إلى استعماله في استكمال المباني والمنشآت. ويرصد «عدّاد المال» ما يملكه اللاعب من أموال يستطيع استعمالها في التسوّق. وهناك «عدّاد الشُهرة» الذي يظهر عند زيارة الأصدقاء، ويرتفع منسوبه مع تعدّد الزيارات. وتحتوي اللعبة أيضاً «عدّاد نقاط الواسطة»، وهي نقود الذهب المتداولة في اللعبة. وبفضلها، يستطيع اللاعب شراء مبانٍ وحيوانات ونباتات وطاقة وغيرها. ويستطيع اللاعب الحصول على المزيد من هذه النقود الذهبية عبر شرائها بنقود حقيقية من قسم مختصّ بالتعاملات المالية في اللعبة. كما يمكن اللاعب تجميع بعض النقود عبر المثابرة على اللعب، لأنه يحصل على رصيد إضافي من النقود الافتراضية كلما انتقل إلى مستوى أكثر تقدّماً في اللعبة. ... ومكافحة الإرهاب تعتبر «الواحة السعيدة» أول لعبة عربية إلكترونية تنطلق كبرنامج على موقع «فايسبوك» الاجتماعي. وعندما أُطلِقت هذه اللعبة من الأردن، أعلن مطوّرها الشاب الأردني سليمان البخيت أنها تهدف إلى مكافحة التشدّد عبر تصوير أبطال عرب خارقين يمثلون نماذج إيجابية للأطفال لأنهم يحاربون «الإرهاب». وتوقّع البخيت أن تساهم اللعبة في خلق نماذج إيجابية لدى مستخدمي «فايسبوك» العرب، وتقدم تجربة فريدة عبر نشر رسالة لمحاربة التطرف بواسطة التواصل مع الصغار. ولا تزيد هذه الرسالة المهمة عن كلمتين بسيطتين: «لسنا إرهابيين». ويعود سبب ابتكار اللعبة إلى تجربة شخصية خاضها البخيت. إذ تعرّض للضرب من قبل أربعة رجال أميركيين لكونه عربياً، وذلك بعد هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، حينما كان طالباً في جامعة مينيسوتا الأميركية. شكّلت هذه الحادثة نقطة البداية في حملة قادها البخيت عبر رواية القصص في مدارس محلية على طريقة حكايات علاء الدين. وذات مرّة، سأله طفل أميركي إن كان ثمة «سوبرمان» عربي. عندها أدرك ضرورة وجود مثال عربي خارق. وبدأ مشروع كتاب هزلي يهدف إلى إنشاء مجموعة من الشخصيات العربية، ومن بينها أنثى جيمس بوند وعميلة سرية أردنية تحارب التطرّف. وباع البخيت 300 ألف نسخة من كتابه الهزلي في الأردن. ثم قرّر تحويله إلى لعبة إلكترونية على موقع «فايسبوك». وظهرت «الواحة السعيدة». ويرأس البخيت مجموعة «أرامين»، وهي عبارة عن محترف افتراضي لإنتاج الكتب المصورة والألعاب الإلكترونية. وتعمد المجموعة لاستشارة مجموعة من الأطفال، في شأن الألعاب التي تبتكرها، قبل أن تصل بها إلى صيغتها النهائية.