أعلن الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري أن عودته الى لبنان ليست مرتبطة بسقوط النظام السوري، بل بإصابته بكسور في ساقه في حادث تزلج في فرنسا، وأنه سيعود عندما يشفى. لكنه اعترف بوجود تهديد يشمل قوى 14 آذار. وجدد الحريري دعمه وتياره للثورة السورية وللنازحين السوريين الى لبنان، متهماً النظام السوري "بإشاعة أجواء بين السنّة والعلويين، والطائفة العلوية ليست مستهدفة". واعتبر أن روسيا أخطأت في موقفها الداعم للنظام السوري رافضاً سياسة النأي بالنفس التي اعتمدها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. واعتبر أن لبنان يضع نفسه بذلك في عين العاصفة. وإذ قال إن تهديد الاستقرار في لبنان يأتي من "حزب الله"، جدد موقف تياره بأن أي حوار يجب أن يكون حول سلاح الحزب. وأكد أن المحكمة ستكمل طريقها، "وما يحصل في الحكومة فيلم إيراني طويل، وبعد 14 شباط (فبراير) سيعودون للاجتماع". وقال الحريري في مقابلة أجراها معه تلفزيون "المستقبل" من باريس مساء أمس عشية الذكرى السابعة لاغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري: "لسوء الحظ كنت سأتوجه الى بيروت ولكن حصل الحادث وتأذيت كثيراً. أقطع عهداً على الجميع بالعودة عندما أشفى، التهديدات الأمنية كانت موجودة وما زالت، لكن هناك أموراً اكثر من ذلك جعلتني لا استطيع العودة سابقاً، ولكن اليوم سبب عدم عودتي هو إصابتي". وأضاف: "الموضوع الأمني موجود ومن يقتل رفيق الحريري يمكن أن يقتل سعد الحريري. ومن يقتل بيار الجميل يقتل أيضاً سعد الحريري. يوجد تهديد، لكن هناك تطورات عدة حصلت وفي الوقت المناسب سأنزل الى بيروت". وعن المتهمين بقتل والده قال: "المحكمة الدولية أصدرت قراراً اتهامياً ويجب أن يحصل دفاع عن المتهمين ونتمنى أن يسلموا أنفسهم، التهديدات موجودة بالنسبة إلينا في "14 آذار" وهذا نتعامل معه. هناك متهمون ولهم الحق في الدفاع عن أنفسهم وطالبنا مرات عدة بأن يسلموا المتهمين لكي تحصل محاكمة، من قتل رفيق الحريري استفاد إقليمياً، رفيق الحريري مشروع اعتدال وإنماء وإعمار، ربما تكون هناك أدوات ولكن يوجد أشخاص وراء هذه الأدوات، لا يمكن اتهام طائفة بكاملها". وقال رداً على سؤال: "مررنا بأزمة مالية، وكما حصلت أزمة مالية عالمية، وتعاملنا مع أزمتنا وأصبحت وراءنا. هناك تلفيقات، وبعدما قال السيد حسن نصرالله إنه يجلب أموالاً من إيران، يريدون اليوم القول إن هناك مالاً سياسياً يأتينا. المال السياسي هو عند حزب الله. وحديث السيد عن دعم من دولة غير مقبول. لكن المملكة العربية السعودية، وعلى مدى 50 سنة، لم تتوقف عن التبرع وإعطاء القروض للدولة اللبنانية". عن تيار "المستقبل"، قال: "في بعض الأماكن أخطأنا وفي أماكن أخرى أصبنا، نريد الوصول الى تيار سياسي يُنتخب فيه كل مسؤول، ولكن سيكون هناك خاسر ورابح وعلى الجميع القبول بالنتيجة، لا نقول إننا تيار لا يخطئ لكن الأهم إصلاح الخطأ". وأكد أن عودته "ليست مرتبطة بسقوط النظام السوري". وأوضح الحريري أن قوله إن الشعب السوري انتصر "ليس مغامرة ولا يمكن للإنسان أن يكون حيادياً أمام ما يحصل من مجازر والشعب انتصر لأنه نزل الى الشارع ويقول سلمية ويريد الحرية والكرامة. والنظام يواجهه بالمدافع". ورداً على سؤال عن عدم سلمية الثورة، قال: "في بعض الأماكن هناك انشقاقات للجيش السوري الحر وهم يدافعون عن المدنيين ولسوء الحظ بعض الأجهزة الأمنية التي تحمي النظام تقتل الناس". وعن سب دعوته الى الاعتراف بالمجلس الوطني السوري وإلى منطقة آمنة وسبب وضع نفسه في مقدمة الثورة السورية وإذا كان مكلفاً عربياً ودولياً، أجاب: "لا. في موضوع ليبيا صدر قرار عن مجلس الأمن بحماية المدنيين وكنت رئيس حكومة مُقالاً، وكنا سباقين. قرر القذافي أن يقتل شعبه والأسد يقوم بالشيء نفسه. وهذا يجب أن يتوقف. وفي مصر وتونس لم يحصل دم ولكن في ليبيا ذهبت الى أقصى ما يمكن أن يذهب إليه رئيس حكومة مُقال". وحين قيل له إن سورية شقيقة كبرى وجار وحليف ولها حلفاء في لبنان، أجاب: "لا يعني هذا أن لا يكون لدينا موقف". واعتبر أن الكلام عن أن التظاهرات في سورية سنّية، رد غير صحيح، وفي سورية وفي بلادنا، وفي لبنان سنّة أو شيعة أو دروزاً أو مسيحيين، نحن أقليات في بلدنا. نحن لبنانيون مثلما هم سوريون. إنها محاولة من النظام للقول إن هناك أقليات. المشكلة في سورية هي قمع الحرية من النظام. وحين تأتي الحرية سيذهب الناس الى صناديق الاقتراع. في جنوب أفريقيا قالوا إنه ستحصل حرب أهلية ولم تحصل. من يخسر مصلحته أن يروّج هذا الكلام. ومن يربح مصلحته أن يجمع كل الناس. وإذا سقط النظام، وبإذن الله سيسقط، ستقوم مصالحة. صحيح أن هناك دماء وأناساً قتلوا. بعض الأجهزة يجب أن تُنظّف. لكن هذا لا يعني أن يحصل كره بين الناس". وأضاف: "أنا إنسان. وإذا نزعنا الإنسانية من داخلنا لا نعود سياسيين نافعين". وعن مساعدة اللاجئين السوريين، قال: "هذا عمل الحكومة ونحن ك "تيار المستقبل" نقوم به في الشمال والبقاع، ثم يطلعون لنا بأن في عرسال التي هي مدينة الأبطال "قاعدة". فليكذبوا في مكان آخر. أحب ما علينا أن نرعى اللاجئين السوريين". وأكد أن من مصلحة النظام إشاعة أجواء بين العلويين والسنّة، "فالطائفة العلوية الكريمة موجودة في سورية مثلما هي في لبنان والعالم العربي. هؤلاء سوريون وهناك مجموعة تستفيد من اغتصاب حقوق الناس وتأخذ لجيبها البلايين من الناس. والطائفة ليست مستهدفة. وفي لبنان، في كل مرحلة من المراحل، استهدفت طائفة من الطوائف، لكن في النهاية الجميع استهدف". وقال إن لا معلومات لديه عن نية تسليح المعارضة السورية، وتمنى أن تتوحد المعارضة "وهذا ما يحصل، مشدداً على الحاجة الى دعم إنساني ولوجيستي وعلى أن العرب لاحظوا أن مبادرة بعد مبادرة، ليس هناك من نظام أخذ فرصاً مثل النظام السوري". وعن موقف روسيا قال: "هناك إجماع عربي كبير، ويجب أن تنظر روسيا إليه نظرة خاصة، وهي أخذت منحى النظام. وهذا خطأ. أنا صديق لروسيا وموقفها سيضعها في موقع لا ترغب فيه في المستقبل والنتائج لن تكون لمصلحة سورية لأن النظام فيها سيتغير". واوضح أن روسيا أبلغت وزير الخارجية الإماراتي أنها ستدرس قرار الجامعة العربية. وأضاف: "روسيا لديها حساباتها. ونشكرها على موقفها مع لبنان حول المحكمة وال1701 واعتداءات إسرائيل على لبنان ومن الاعتداءات على فلسطينيين". ورفض سياسة النأي بالنفس "وهذا موقف الرئيس ميقاتي، وصحتين على قلبه" ووصف اشتباكات طرابلس بأنها شي مفتعل "وأقول لإخواننا في طرابلس إذا كانت هناك حسرة في قلبكم على الثورة السورية لا تضيعوا الأنظار ولا تعطوا الفرصة لأي إنسان أن يزج لبنان في مكان ما ليبعد الأنظار عن الثورة السورية". وقال الحريري رداً على سؤال عن الثورات: "الناس ثارت لأنه خلال 40 سنة حصل قمع وبخاصة للاسلاميين، ولذلك وصلوا اليوم الى السلطة، ما يريحنا في المشهد الحالي أن الناس ذهبت الى صناديق الاقتراع واختارت بنفسها، وإذا لم تُلب مطالبها فبعد 4 سنوات ستغير اختياراتها، نحن في لبنان، تيار المستقبل وقوى14 آذار، نؤمن بالمناصفة وباتفاق الطائف وبكل مبادئ الشهيد رفيق الحريري، لدينا برنامج ويجب ان ننفذه، والديموقراطيات ستتطور. صحيح أن الربيع العربي يذهب في بعض المراحل إسلامياً لكن نحن أيضاً صار عندنا ربيع عربي واتجهنا الى الاعتدال وعندنا أيضاً رسالة يجب أن نوصلها الى جميع العرب والمسلمين". ورأى أن "لبنان يضع نفسه اليوم في عين العاصفة وعندما يسقط النظام السوري أين سيكون الشعب السوري من قرار لبنان اليوم النأي بالنفس؟ كنا نفتخر بالسير بالإجماع العربي ولكن لماذا اليوم لا نسير بالإجماع العربي؟" وسأل: "من يهدد الاستقرار في لبنان ولمصلحة من؟ تهديد الاستقرار يأتي من حزب الله، لبنان في هذه المرحلة إذا أراد أن ينأى بنفسه عن الوضع السوري قد يأتي أحد ليقول أريد أن أنأى بنفسي من القضية الفلسطينية. ولو كنت رئيساً للحكومة لكنت استقلت أو مشيت الى جانب الشعب السوري". وأضاف: "إذا سقط النظام السوري أين سيكون الشعب السوري في النأي بالنفس؟ هناك نظام جديد سيكون في سورية والدولة الجديدة ستقول لنا أنتم نأيتم بأنفسكم لأن بشار الأسد حليفكم. نحن امتنعنا عن التصويت في قضية إيران. لبنان رفض ولم ينأ بنفسه". وقال: "الشعب السوري وقف مع لبنان وعندما كان يُهجر الشعب اللبناني كان الشعب السوري هو من يستقبله وأي نظام سيأتي في المستقبل في سورية لن يحاسب اللبنانيين لأننا موجودون، وإذا سقط النظام ستكون هناك فرصة حقيقية للبنان بأن تكون هناك علاقة أخوية مع الديموقراطية الجديدة في سورية". أضاف: "لسنا نحن من أوقف الحوار الوطني، وليس في الوقت الذي يريد البعض يطالب بالحوار وحين لا يريده يرفض أن يحصل، الحوار يجب أن يكون حول السلاح وهذا الأمر ليس مرتبطاً بالطائفة الشيعية، وإذا حصل اجتياح لبنان إما ننتصر سوية أو نخسر سوية. لا شيء مستحيل واللبنانيون شعب عنيد ويفهم ولأنه كذلك سيتوحد أخيراً، عندما نخطئ نعترف بذلك لكن الآخرين لا يعترفون بأخطائهم ونحن لن نكرر أخطاء الآخرين". وأكد أن "هناك دستوراً يحدد تشكيل الحكومة وكيف تسقط، السيد حسن نصرالله وضع بنداً جديداً بأنه يحدد متى تسقط الحكومة، أنا لست ساعياً للسلطة، وكلام السيد حسن مؤسف عن المال السياسي، يتهموننا بالمال السياسي بينما السيد نصرالله قال إنه منذ 1982 يتلقى حزبه مالاً فماذا عن الجزء السياسي لهذا المال وماذا عن القوانين، ألا تمنع ذلك؟ رفيق الحريري كان يصرف من جيبه". وأضاف: "أتحدى اي شخص ان يظهر توقيعي على الورقة التي تحدثوا عنها في الدوحة. لم اكن اريد السلطة وكنت أعرف أن هناك كذباً من النظام السوري وبشار الاسد لم يكن صادقاً". وقال: "إن رئيس الحكومة يناور وهذا حقه لكن اللبنانيين يعرفون ما يحصل". وتابع قائلاً: "أنا لم أقل انني لن أحاور لكن هناك أموراً أساسية في البلد يجب أن تخضع لحلول جذرية وهي السلاح أولاً وثانياً وثالثاً. أنا أؤمن أنه في حال تعرض لبنان إلى اجتياح فسنحارب وندافع عن البلد جميعاً، إما ننتصر جميعاً أو لا". ورداً على سؤال قال: "موضوع "تفصيل البدلة" أتركه لغيري ولن أرد". (في إشارة إلى ما قاله نصرالله عن أنّ البعض "يفصّل بدلة" ويحضّر نفسه لتولي رئاسة الحكومة إذا استقال رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي). وسأل: "نحن في لبنان ما علاقتنا إذا دخلت إيران في حرب مع إسرائيل؟ حزب الله والسيد حسن نصرالله يأخذان البلد إلى مكان لا يريده اللبنانيون". وقال: "عام 2006 (إثر انتهاء حرب تموز وما ألحقته من دمار بلبنان) سمعنا "لو كنت أعلم.." (في إشارة إلى قول نصرالله لو كنت أعلم نتائج اختطاف الجنديين الإسرائيليين لما أقدم حزب الله على هذه العملية) بينما أنا نقلت له شخصياً رسالة واضحة من الرئيس (الفرنسي السابق) جاك شيراك ومفادها": "هذا المجنون (رئيس الوزراء الإسرائيلي عام 2006 إيهود) أولمرت سيشن حرباً يدمر لبنان في حال وقوع عملية اختطاف لأي جندي إسرائيلي". أنا عندما سمعت هذا الكلام من الرئيس شيراك عدت إلى لبنان وأبلغت الرسالة للسيد نصرالله. الآن أصبح الرئيس شيراك عدواً، لكن من منع أن يصنف "حزب الله" حزباً إرهابياً في أوروبا أليس الرئيس شيراك؟". ورأى أن "المحكمة الدولية ستكمل طريقها ولا أحد سيوقفها، حزب الله يريد السلطة ومستعد أن يقوم بكل شيء للبقاء في السلطة، ما يحصل في الحكومة فيلم إيراني طويل وبعد 15 شباط سيعودون للاجتماع". وقال: "لا أنطلق من موقع أنه بسقوط النظام السوري سنكون في موقع قوة. وللبنان فرصة أن يتفق اللبنانيون على تطبيق الدستور. هناك فرصة لأن نحسن علاقتنا مع السوريين. وفرصة لأن تكون لنا دولة ولأن يتصالح اللبنانيون بين بعضهم بعضاً ويبنوا دولة". وأضاف: "لا أخاف من المنافسة الناس تنزل الى صندوق الاقتراع ونحن نحترم ما تقرره... ولا أريد أن أحكي عن الحكومة هي تحكي عن نفسها. و2013 بعيدة، يخلق الله ما لا تعلمون". ورداً على سؤال قال: "الغدر شعرت به من حزب الله أكثر من الرئيس ميقاتي". وعن علاقته برئيس "جبهة النضال الوطني" وليد جنبلاط، قال: "جنبلاط صديق لا أنسى ما قام به بعد استشهاد رفيق الحريري. مهما مر الزمن وتغيرت المواقف في بعض المراحل، في 14 شباط 2005 كان في قريطم معنا في كل لحظة وفي السياسة أخالفه في أمور كثيرة. حتى لما عملنا مصالحة مع النظام السوري كنت مختلفاً معه بالأسلوب". وأضاف: "شرح لي الأسباب الموجبة (حين صوّت للرئيس ميقاتي في رئاسة الحكومة) وقلت له احترم هذا الشيء. كنا حلفاء بشرف نختلف بالسياسة ولن نهاجم بعضنا بعضاً اليوم. وأنا قلت موقفي من النظام السوري من البداية. هو بدأ الآن يقول موقفه بعد أن وجد أن الأمور لا تحتمل ومعه حق. أما مع الرئيس ميقاتي فالأمور حصلت في شكل مختلف ولا أريد الدخول في التفاصيل".