انقسم المشهد السياسي في إيران في شأن موقف الإصلاحيين من الانتخابات الاشتراعية المقررة الشهر المقبل، علي رغم تأكيدهم امتناعهم عن المشاركة فيها. يعتقد الأصوليون المحافظون بأن الإصلاحيين دخلوا الانتخابات في إطار «تشغيل المحرّك وإطفاء الأضواء»، لكن مراقبين يرون أن الإصلاحيين تركوا الخيار مفتوحاً لأنصارهم، في الإدلاء بصوتهم أو امتناعهم عن ذلك، بعدما أعلنوا عدم مشاركتهم في الاقتراع. ويستبعد الأكاديمي الإصلاحي صادق زيبا كلام، «موت» التيار الإصلاحي، كما يردد الأصوليون، معتبراً أنهم «نار تحت الرماد وتيار سياسي اجتماعي قوي». ويعتقد زيبا كلام بأن الإصلاحيين لم يقاطعوا الانتخابات، لكنهم لن يشاركوا فيها، أي أنهم لن يقدّموا قوائم انتخابية، ولن يساندوا مرشحاً معيناً، مشككاً في قدرة شخصيات إصلاحية على تمثيل التيار الإصلاحي في الانتخابات، وإقناع أنصاره بذلك. واستبعد نجاح «القائمة الديموقراطية» في إقناع الإصلاحيين أو أنصارهم، بالتصويت لها، متسائلاً عن مصلحة الإصلاحيين في المشاركة في الانتخابات، وفق نظرية «تشغيل المحرك وإطفاء الأضواء»، وعن فائدة ذلك للتيار الإصلاحي. كما أعرب عن اعتقاده بإمكان نيل الإصلاحيين غالبية الأصوات في المدن الكبرى، إذا شاركوا في الاقتراع، «لكن المهم عدم تحقيق انسجام في الوحدة الوطنية التي دعا إليها هاشمي رفسنجاني بعد انتخابات الرئاسة عام 2009». ونفي زيبا كلام إمكان حدوث ائتلاف برلماني بين الإصلاحيين و»تيار الانحراف» الذي يُتهم بتزعمه، اسفنديار رحيم مشائي، مدير مكتب الرئيس محمود أحمدي نجاد، بعد إعلان نتائج الانتخابات، معتبراً أن «الأصوليين يروّجون أفكاراً مشابهة». وأُعلنت ثلاث قوائم تنتمي إلى الإصلاحيين، هي «الجبهة الديموقراطية» بزعامة النائب مصطفى كواكبيان و»نقابة العمال» بزعامة النائب علي رضا محجوب و»الجبهة الشعبية للإصلاحات» بزعامة محمد زارع فومني الذي تمنى أن ينجح في لمّ شمل جميع الإصلاحيين في قائمة واحدة. لكن مصادر تتوقع ائتلاف «الجبهة الديموقراطية» مع «نقابة العمال»، في قائمة موحدة في كل المناطق الإيرانية. في غضون ذلك، أصدرت القائمة التي شكّلها النائب المحافظ البارز علي مطهري، المعارض لنجاد، أول بيان انتخابي، تحت اسم «صوت الشعب»، دعت فيه المواطنين إلى المشاركة في تظاهرة ذكري انتصار الثورة، والتي تصادف غداً السبت، مؤكدة مبادئ فصل السلطات وحق مجلس الشوري (البرلمان) في الإشراف علي الحكومة ورفض «الذهنية القبلية» في انتخاب المرشحين. أما «جبهة استقامة الثورة الإسلامية» التي يرعاها رجل الدين محمد تقي مصباح يزدي، والمؤيدة لنجاد، فأعلنت ترؤس مرتضي آقا تهراني قائمتها الانتخابية، بدل الرئيس السابق للبرلمان غلام علي حداد عادل الذي اكتفي بترؤس قائمة «الجبهة المتحدة للأصوليين». واتهم عضو «الجبهة المتحدة للأصوليين» مصطفي ميريان، «جبهة الاستقامة» بالسعي إلى «الاستفادة من شعبية الجبهة المتحدة والإمكانات المالية والإدارية لتيار الانحراف»، في إشارة واضحة الى ارتباط هذه الجبهة بالفريق المحيط بنجاد، بزعامة مشائي. وفيما أعلن وزير الاستخبارات حيدر مصلحي امتلاكه «وثائق دامغة» تثبت أن «العدو يحاول إشعال فتنة أثناء الانتخابات»، أكد الجنرال محسن كاظميني، قائد فرقة «الحرس الثوري» المكلفة أمن طهران، «استعداد وحداته لمواجهة أي ممارسات تحاول تأزيم أجواء الانتخابات».