تشتدّ حدة التحذيرات التي يطلقها قادة التيار المحافظ في إيران، في شأن الانتخابات النيابية المقررة في آذار (مارس) المقبل، ما يؤشر الي حراك سياسي معقد ينتظر الأجواء الانتخابية، بعدما اتهمت مصادر محافظة الإصلاحيين بالائتلاف مع جماعة الرئيس محمود أحمدي نجاد، لخوض معركة الاقتراع ضد الأصوليين. ورأي الرئيس السابق لمجلس الشوري (البرلمان) غلام علي حداد عادل الذي عُيّن عضواً في لجنة تحكيمية للمحافظين، أن أمام إيران «استحقاقاً انتخابياً صعباً»، داعياً المحافظين إلي درس التهديدات والفرص المتاحة، «إذ ليس أمامنا سوى خوض هذه الانتخابات بلائحة واحدة، وهذا ما يدعو إليه» مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي. واعتبر حداد عادل، المقرّب من خامنئي، أن هذه الانتخابات تختلف عن سابقتها، لجهة تعدّد المنافسين وهم «الإصلاحيون وتيار الانحراف» الذي يُتهم بتزعمه اسفنديار رحيم مشائي، مدير مكتب نجاد. وسارعت القوي المحافظة إلى تشكيل ائتلاف «الجبهة الموحدة للأصوليين»، بقيادة رئيس «مجلس خبراء القيادة» محمد رضا مهدوي كني، للاتفاق علي لائحة انتخابية موحدة تنافس «جبهة استمرار الوحدة» المقربة من نجاد، والتي وجدت غطاءً دينياً في رجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح يزدي. وعلي رغم إقناع هذه الجبهة بإشراك مندوبين عنها في «الجبهة الموحدة للأصوليين»، إلا أن قاسم روانبخش المقرّب من مصباح يزدي، انتقد جبهة الأصوليين «التي تحمل تحديات كثيرة». ودعا رئيس البرلمان علي لاريجاني الذي يُعتبر من أقطاب الجبهة الأصولية، إلي عدم تصعيد الشأن الانتخابي ل»تقاسم الأسهم الانتخابية»، إذ رأي أن ذلك ينعكس سلباً علي الأداء التنفيذي للحكومة، على حساب الاهتمام بحاجات المواطنين. وتتحدث مصادر في طهران عن استعداد «جبهة استمرار الوحدة»، بالتعاون مع مسؤولين في مناطق موالية للحكومة، لتكثيف الجهود لنيل 150 من أصل 310 مقاعد في البرلمان، بعد رفع العدد من 290. وتستبعد المصادر اتفاقاً بين الائتلافيْن، بسبب اختلاف الأسس الفكرية والمنهجية لأعضائهما، ما يؤشر إلى مشاركة أربع لوائح انتخابية فاعلة، هي «الجبهة الموحدة للأصوليين» و»جبهة استقرار الوحدة» والإصلاحيون، إضافة إلي المستقلين. ويتزعم «جبهة استقرار الوحدة» النائبان روح الله حسينيان ومرتضي أقا تهراني، والوزراء السابقون صفار هرندي وكامران باقري لنكراني وصادق محصولي الذي اعتُبِر المموّل المالي للائتلاف، فيما يعمل وزير الخارجية السابق منوشهر متقي لمصلحة «الجبهة الموحدة للأصوليين». ووجّه مهدوي كني الذي يُعتبر من الرعيل الأول للثورة، انتقادات الى جماعة نجاد، من دون ذكرها، إذ اتهمها ب»الفوقية في عرض أفكارها». ويحاول أطراف في التيار المحافظ التقرّب من الإصلاحيين للمشاركة في الانتخابات، في مسعي قد يساهم فيه رئيس «مجلس تشخيص مصلحة النظام» هاشمي رفسنجاني. إذ تعتقد المصادر بأن التصريحات الأخيرة لخامنئي بضرورة قبول الآخر، تدخل في هذا الإطار، في وقت تجري قيادات إصلاحية مشاورات مكثفة لدرس إمكان وضع تصوّر للمشاركة في الاقتراع. لكن الثابت أن موقف الإصلاحيين سيعتمد علي مسألتين: موقف المرشد، وتطوّرات التحالفات الانتخابية التي يشكّلها المحافظون.