«العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    أهمية سريان صلاحية التأمين !    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 22.8 % في سبتمبر    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    روسيا تعزز جيشها بإعفاء المجندين الجدد من الديون    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    نهاية الطفرة الصينية !    انطلق بلا قيود    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    جينات وراثية وراء تناول الحلويات بشراهة    حرفيون سعوديون يشكلون تاريخ وحكايات المدن على الجبس    الاتحاد يعتلي صدارة الدوري السعودي للمحترفين عقب فوزه على الفتح    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    السلفية والسلفية المعاصرة    أمير الرياض يفتتح المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع في نسخته الثالثة    السلبية تخيّم على مواجهة الرياض والاتفاق    بيولي: اعتدنا على ضغط المباريات وهذه الحالة الوحيدة لمشاركة رونالدو    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    الجوال يتسبب في أكثر الحوادث المرورية بعسير    أمير القصيم يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    أمير الرياض يفتتح المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    موقف توني من مواجهة الأهلي والعين    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    التزامًا بتمكينها المستمر لأكثر من 25 مليون مستخدم نشط شهريًا    "البرلمان العربي" يرحب بإصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء كيان الاحتلال ووزير دفاعه السابق    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    " هيئة الإحصاء " ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 22.8% في سبتمبر من 2024    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    «وسم حائل».. فعاليات متنوعة وتشكيلات فنية    اقتصاد سعودي قوي    الأوركسترا السعودية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



8 كتّاب مصريين شباب اختبروا الكتابة الجماعية
نشر في الحياة يوم 09 - 07 - 2009

عليّ أن أعترفَ بدايةً أن هذا الكتاب قد دحضَ إحدى قناعاتي السابقة. دُعيتُ أكثر من مرّة للمساهمة في ورش كتابة لشباب المبدعين، وكنت أعتذر مشيرةً إلى أن الموهبةَ شأنٌ سماويّ لا تُمنَح، وأن فنونَ الكتابةِ شأنٌ فرديّ واشتغالٌ فردانيٌّ لا تُعلَّم؛ وإلا مُحيَتْ أسلوبيةُ وتفرُّد كلِّ كاتبٍ، فيصير لدينا كتيبةٌ مستنسخةٌ متماثلةٌ من الكتّاب. بين يدي الآن أولى ثمرات إحدى ورش الكتابة أقامتها مكتبة «كُتُب خان» في القاهرة. ثمانيةٌ من هواة الكتابة، بناتٌ خمسٌ وثلاثة رجال، هم مَن واصلوا جلسات الورشة التي استمرت قرابة عامين بصحبة الشاعر ياسر عبد اللطيف، ليخرج إلى النور هذا الكتابُ الجماعيّ الفاتن، الذي اختاروا له عنواناً مُشتقاً من موعدهم الأسبوعي في المكتبة: «السابعة والنصف مساء الأربعاء» صادرٌ عن مطبوعات «كتب خان». راودتْ فكرةُ ورشة الكتابة صاحبةَ المكتبة كَرم يوسف منذ افتتاحها في منتصف عام 2006.
وصادفتِ الفكرةُ حُلماً قديماً طالما راود الشاعر عبد اللطيف، كما يقول في مقدمة الكتاب، خصوصاً بعدما هاجر أغلبُ أصدقائه الذين بدأ معهم رحلة الأدب فافتقد، بفقدهم، ذلك الحسَّ التفاعليّ في الكتابة الذي يغذّي تبادل الأفكار والخبرات. تقدَّم للورشة بضعةُ وعشرون هاوياً، تم انتخابُ أحدَ عشر كاتباً، تقلصوا إلى ثمانية، هم الذين صمدوا وأنتجوا نصوصاً ترقى للاحتراف مع الوقت.
كان «المكان» موضوعَهم الكتابيّ الأول. ضاحية المعادي، موقع المكتبة، والمكان الأكثر إلهاماً لجيل الثمانين، ليس فقط بسبب طبيعته الرعوية الخضراء، والفيلات الزاهية والشوارع الضيقة المشجرة، ورائحة الياسمين التي تفوح من أرجائه، بل أساساً لكونه «المكان» البطل في أهم سلسلة للناشئة ظهرت في مصر والعالم العربي منذ أواخر الستينات وحتى التسعينات الماضية. ألغاز «المغامرون الخمسة» الأكثر شهرةً بقلم محمود سالم. لذلك لا غرابة أن يكون أولئك المغامرون الصغار «لوزة - تختخ - محب - نوسة - عاطف» القاسمَ المشترك في معظم نصوصهم حول المعادي. جميعنا، صغاراً، حلمنا أن نكون «سادس المغامرين الخمسة»، لنقوم معهم بمغامرة فنطارد اللصوص على الدرّاجات ثم نقدمهم للعدالة.
تباينتِ النصوصُ، تقول المقدمة، التي قُدِّمت من حيث الأسلوبية وامتلاك اللغة ودرجات التكثيف أو الإسهاب والمقدرة على شخصنة الموضوع. عملوا معاً، منذ الجلسة الأولى، على تنقيح النصوص وحذف المقاطع الضعيفة والإبقاء على المُشعّ المكثّف.
واستمر التدريب على «الحذف» بوصفه العملية الأصعب في الكتابة، فهي الملكة التي لا يمتلكها الكاتب إلا بعد دُربة طويلة مع الورق والقلم. ذاك أن التخلُّص من أسر غرام الكلمات التي نكتبها أمرٌ عسير في المراحل الأولى.
وعلى مدى الجلسات التالية راحوا يجربون كيف يتشعّبُ النصُّ إلى مناطقَ أخرى أكثر ذاتية، حتى، وما أن راح كلُّ نصٍّ يسلك مسلكه الخاص ويسبح في آماده البعيدة نائياً عن النصوص الأخرى، قرروا أن يعيدوا الحسَّ الجمعي باختيار تيمة جديدة للكتابة، للانطلاق منها إلى التمرين التالي.
وكان التيمة الأصعب، التي لا يجيدها إلا كبار محترفي الكتابة. آلية الاعتراف. كتابة شهادة اعترافية أمام المجهول، في محاولة لتعميق الطابع الفردانيّ الشخصي للنصوص لاستخلاص المزايا الأسلوبية لكل كاتب. ثم محاولة مراودة آلية «الكذب» الفني كضرورة حيوية من ضرورات جماليات الكتابة، إذْ تتكئ على إعمال الخيال، بوصفها إحدى أهم أدوات الكاتب عموماً. ذلك الكذب الذي يخرج بالنص من خانة سرد وقائع حقيقية نحو خانة الكتابة الإبداعية الخلاّقة. أثناء كل ذلك، كان على الشاعر ياسر عبد اللطيف ابتكار لغة جديدة تخلو من المصطلحات النقدية المعقدة كيما يتواصل مع كتّاب هواة جاؤوا من ثقافات متباينة، بعيدة من دنيا الأدب بتراكيبه المعروفة.
وكان عليه كذلك الخروج بالورشة من مفهومها القار في الأذهان كحلقة دراسية: معلّم وتلاميذ، فكانتِ الجلساتُ موائدَ مستديرةً تتبنى الحوارية أكثر مما تنهج إلى التلقين والتوجيه. يتبقى الآن أن نطالع بعضاً من النماذج التي قدمتها الورشة التي تراوحت أعمار كتّابها الثمانية بين الخامسة والعشرين والأربعين، وبعضهم كان يجيء من محافظات خارج القاهرة.
إبراهم السيد: «ما زلتُ كما أنا، منذ كنت في السابعة، ولداً نزقاً. قابلتُ ناساً كثيرين. أحببتُ وكرهت، وقعتُ ووقفت. ما زلتُ أحاولُ الحفاظ على توازني كالذي يسير على حبل، ليس رفيعاً وصلباً كحبل السيرك، لكنه أكثر سُمكاً وطراوة، يمنحك شعوراً لا يفارقك بالرخاوة. كنافذة مواربة، ليست مفتوحة تماماً، وليست مغلقة في وجه ما يجيء».
أميرة أبو طالب: «تسأل عامل البوفيه أن يجلب لها كوباً زجاجياً للشاي، تحضر الشاي وتستحضر درساً في تحضير الشاي عاشته مرة في يوم توقفت فيه العقارب.(...) في لحظة خاطفة تحرِّك كيس الشاي فتبدأ الملحمة: بركانٌ من النيران الحمراء تثور في جنون فتنبعث في كل جهة في عشوائية تدل على ميل الطبيعة للجنون. وتتمنى». حسام خلف: «لديّ عادةٌ اخترعتها مؤخراً.
سألتُ نفسي ماذا سأرى لو سِرتُ في كل شارع مُخالفاً اتجاه سير السيارات المألوف لي؟ جربت الفكرة فوجدتني أنظر إلى الموجودات والمباني واللافتات من زوايا جديدة وأمتع عيني بالتجديد! لا تنسوا حقوق ملكيتي الفكرية يا سادة».
خالد ربيع: «الوقتُ ما بين أذان الفجر وظهور أول ضوء من النهار هو الزمن الذي تتذكر فيه القاهرةُ براءتها. زمنٌ قصير هو، ولكنه مكثف ومشحون ورائق. يقف الناس فيه على خط مستقيم يجمعهم ما يسمى «ما بين بين»، أغلبهم يكونون نياماً، أنفاسهم البطيئة تشي بأنهم أحياء، وثبات أجسادهم يذكرنا بفداحة فكرة الموت». دينا الهواري: «يُضاء النور في قاعة السينما لإعلان الاستراحة ما بين نصفي الفيلم. أقلقني أن النور بدا عالياً أكثر من اللازم مما يسمح بأن يبدو وجودي واضحاً للجالسين في السينما حولي،..، هي تراكمات قديمة زودني بها الأهل عن بطلان ذهاب البنت وحدها للسينما». سمر أحمد: «مع مرور أيام الشتاء الباردة أعتاد الجلوس كعجوز متآكلة السنوات متلفحة متدثرة.
أشاهدُ أطرافي تزرق وتجف، أتذكر حرقة الجلسرين النارية في مواجهة جلدي للتخلص من الخشونة التي تحول أطرافي إلى حوافر متوحشة».
عبير مدحت أمين: «وبرغم علمي بتدخين ميرفت وعبير السجائر تسلل إليّ شعور غريب: الدخان محمّلاً بمشاعر كره وعيونهن تحمل نظرات لم أستطع تفسيرها، كأنها عيون أخرى تغيرت بتغير المكان».
نرمين إدريس: «فاكرة المولد؟ أرى الأنوار من بعيد فأعرف أنه مولد. أتسمر في مكاني معلنةً حالة اعتصام قد تستمر لأكثر من خمسة أيام إن لم يأخذني لأرى ماذا يحدث في المولد عن قرب. يؤكد أنه سوف يأخذني يوماً ما إلى أحد الموالد القاهرية الكبرى. أبدأ اعتصامي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.