أبرم المرشحان في الانتخابات الرئاسية الأفغانية اتفاقاً تاريخياً لإعادة فرز ثمانية ملايين صوت، لتسوية الخلاف حول نتائج الاقتراع، بعد جهود ديبلوماسية قادها وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وأعلن كيري ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده السبت في مقر الأممالمتحدة في كابول، بعد ساعات من الانتظار، موضحاً أن عملية إعادة الفرز ستبدأ خلال 24 ساعة. وتعهد المرشحان الالتزام بنتائج عملية الفرز على أن يُعلن الفائز رئيساً، ويسعى على الفور إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية. وأول الأصوات التي سيعاد فرزها ستكون في كابول في حين ستنقل صناديق الاقتراع من أنحاء البلاد وسط إجراءات أمنية مشددة من قوة الحلف الأطلسي وقوات الأمن الأفغانية إلى العاصمة الأفغانية وستوضع تحت حماية أمنية. وتصافح المرشحان وكيري في نهاية المؤتمر الصحافي بعد التوصل إلى الاتفاق الذي أتى إثر مخاوف من اندلاع أعمال عنف إتنية جديدة. وأغرق المأزق في اختيار الفائز لخلافة الرئيس المنتهية ولايته حميد كارزاي، أفغانستان في أزمة سياسية ونسف آمال واشنطن في عملية سهلة لنقل السلطة في وقت تسعى إلى سحب قواتها من البلاد بحلول نهاية هذا العام. وأظهرت النتائج الأولية في الدورة الثانية من الاقتراع التي نشرت يوم الإثنين الماضي، تقدم المرشح البشتوني أشرف غني، لكن منافسه عبدالله عبدالله أعلن فوزه مؤكداً أن عمليات غش على نطاق واسع سلبت منه هذا الفوز. وقال كيري خلال المؤتمر الصحافي الذي تأخر عن موعده ست ساعات، إن «المرشحين تعهدا بالمشاركة والالتزام بنتائج عملية إعادة فرز الأصوات وسيتم التدقيق في كل الأصوات، أي بنسبة مئة في المئة». وأضاف أن «هذا أقوى دليل على أن المرشحين يرغبان في إضفاء شرعية على الاقتراع والديموقراطية في أفغانستان». وأوضح أن «الفائز سيعلن رئيساً وسيشكل على الفور حكومة وحدة وطنية». لكن عملية إعادة فرز الأصوات ستستغرق وقتاً. وأكد كيري أن كارزاي وافق على تأجيل تنصيب الرئيس الجديد المقرر في الثاني من آب (أغسطس) المقبل. وقال كيري: «احترمنا مطالب المرشحين وسيتم التدقيق في الأصوات وفقاً لأعلى المعايير الدولية». وغني خبير الاقتصاد السابق في البنك الدولي الذي تقدم عليه عبدالله بفارق كبير خلال الدورة الأولى في نيسان (أبريل)، دعا الأفغان إلى التحلي بالصبر. وقال: «سنحترم إرادة الشعب ولن نقبل بصوت واحد مزور». في المقابل، قال عبدالله إن الجانبين توصلا إلى «اتفاق تقني وسياسي». وأضاف: «آمل في أن يكون ذلك في مصلحة الشعب الأفغاني». وهنأ وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ المرشحين على «إعطاء أولوية لمصلحة الشعب الأفغاني». وقال: «آمل في أن تعيد عملية إعادة فرز الأصوات ثقة الأفغان بالعملية الانتخابية ونتائجها». وأثار إعلان عبدالله فوزه الاثنين، توتراً وحمل واشنطن على التحذير من أن العنف سيؤدي إلى وقف المساعدة الأميركية إلى أفغانستان. وكارزاي الذي يمنعه الدستور من الترشح لولاية جديدة، بقي حيادياً في الخلاف، لكن أنصار عبدالله اتهموه بدعم غني. وأعلن كارزاي دعمه للاتفاق بين المرشحين وترحيبه بذلك، وقال: «آمل في أن يعاد فرز الأصوات بنسبة 100 في المئة في أقرب فرصة». وطلب رئيس بعثة الأممالمتحدة في أفغانستان يان كوبيس السبت من المنظمات الدولية، أن «تسارع» إلى إرسال مراقبين يتولون التدقيق في كل بطاقات التصويت في الانتخابات الرئاسية الأفغانية. وعودة التوترات الإتنية في بلد لا يزال ضحية حركة تمرد «طالبان»، قد تحيي شبح الحرب الأهلية في التسعينات التي سبقت وصول الحركة إلى السلطة في 1996. ويحظى أشرف غني بدعم قبائل البشتون التي تشكل الغالبية في الجنوب، فيما يحظى عبدالله عبدالله بدعم الطاجيك في الشمال. وبعد 13 سنة على الغزو الأميركي في 2001 الذي أطاح نظام «طالبان»، يسعى الأطراف كافة إلى الحفاظ على المكاسب مثل نسبة التعليم وحقوق المرأة.