ديبلوماسي بلا منزل؟ فكيف إذا كان سفير فرنسا لدى منظمة «يونيسكو»؟! لكن دانيال روندو لا يعير المسألة كبير اهتمام، اذ تكفيه غرفة خادمة على سطح مبنى في الحي الباريسي السابع لا تتجاوز مساحتها 10 أمتار مربعة، ما دامت الجمهورية لم توفر مسكناً لائقاً لسفيرها لدى منظمة الثقافة والعلوم، وما دام منزل روندو الريفي يكفي لاستيعاب كتبه، هو اليساري المتطرف وعامل المصنع، ولاحقاً الصحافي والكاتب والناشر والسفير. روندو عاشق حوض البحر المتوسط، بعدما كسر عزلته الريفية الطويلة، ومؤلف أربعة كتب عن أشهر حواضره: اسطنبول، الإسكندرية، طنجة وقرطاجة. لكنه لم ينه بعد كتابه الخامس المخصص لبيروت، تلك التي كانت له معها قصة أخرى. ففي أواخر ثمانينات القرن الماضي، كان روندو من أشد الشخصيات الفرنسية المؤيدة للعماد ميشال عون أثناء ترؤسه الحكومة، وقد أصدر كتاباً في عام 1991 بعد نفي عون الى فرنسا عنوانه «يوميات لبنان المتمرد»، صادرته السلطات اللبنانية لأسباب سياسية، ومنعت مؤلفه من دخول الأراضي اللبنانية. إلا أن روندو «تصالح» مع لبنان وحل ضيفاً عام 2009 على معرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت حيث وقّع كتابه «قرطاجة»، بعدما وصل على متن الباخرة «عوليس 2009» التي نظّم رحلتها ونقلت وفداً من الكتاب انطلاقاً من مالطا مروراً بتونس وقبرص. في غرفته المتواضعة، يعيش روندو في قلب عالم الثقافة والعلوم، وهو اذا كان بفطرته اليسارية مع الثورات، إلا أنه ليس معها بأي ثمن، فالنماذج التي يراها في «بحره» المتوسطي تدعوه الى الحذر وتأجيل اعلان فرحه بانتصار الشعوب.