المدينة - القاهرة ماذا في طنجة، نداهة السينما العالمية؟ تكاد تكون هذه المدينة عالمًا بذاته، ولها حكايات مع السينما استدعت تأليف كتب لهذا الموضوع، ومن بينها كتاب «طنجة وتاريخها السينمائي» للكاتب والصحفي والدبلوماسي الفرنسي دانيال روندو. ودانيال روندو-الذي شغل عام 2008 منصب سفير فرنسا في طنجة- هو أحد «عشاق طنجة الكبار»، كما يبدي اهتمامًا خاصًّا بكل ما يتعلق بحضارة البحر المتوسط، من طنجة في المغرب والاسكندرية عروس المتوسط، وصولاً لبيروت وانتهاء بأسطنبول. غير أنه -فى هذا الكتاب- يتوقف أمام ظاهرة اهتمام السينما العالمية بطنجة، فيما يرصد حفاوة السينما الغربية دومًا بهذه المدينة المغربية التي جذبت بسحرها العديد من السينمائيين، ومن بينهم كافان لومبير الروائي والسيناريست والمخرج البريطاني الذي أفضى قبل رحيله عن الحياة الدنيا باعترافات لدانيل روندو. واختار روندو ذاته كلمة «اعترافات»، بكل ما تحمله من إيحاءات، وهو يحاور المبدع البريطاني الراحل والمتعدد الاهتمامات عن طنجة، التي وصفها بأنها «مدينة رائعة بلا زيادة أو نقصان». وكان قد جاء إليها للمرة الأولى في منتصف الخمسينيات من القرن العشرين، ليقع في هواها للأبد. وكان لومبير-الذي عمل في هوليوود- قد صنع فيلمًا عن المغرب عام 1955، بعنوان «سماء أخرى»، كما ارتبط بصداقة وثيقة بالكاتب الأمريكي بول باولز، الذي كان بدوره عاشقًا كبيرًا لمدينة طنجة. وعرف كافان لومبير في طنجة أيضًا الكاتب الأمريكي الشهير تينسي ويليامز، فيما أفضى -في سياق «اعترافاته» للكاتب لدانيال روندو- بأن بعض أقطاب السينما الأمريكية في هوليوود كانوا يعتبرون هؤلاء الكتاب والمبدعين- الذين وقعوا في هوى طنجة- «حفنة من المجانين». وقد ترجمت كتب لدانيال روندو، الذي عمل من قبل كرئيس لتحرير مجلة «ليبيراسيون»، إلى ست لغات، وله رواية «سير الزمن»، التي استغرقت كتابتها عشر سنوات، فضلاً عن أربعة كتب عن أربع مدن متوسطية، هي طنجة وقرطاج والإسكندرية واسطنبول. وفيما كان قد اعتبر تعيينه سفيرًا في مالطا البحر متوسطية «هدية من السماء»، يوضح دانيال روندو أحد أسباب اهتمامه بطنجة، وحضارة البحر المتوسط عمومًا بقوله: «البحر المتوسط هو عالمي.. وهو في أساس حضارتنا كفرنسيين.. الحضارة المتوسطية تسطع فيما وراء البحار، ويتعين الحفاظ على الفسيفساء التي تميزها».