كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس أن لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي نشرت قبل أسبوعين تقريراً غير مسبوق بلهجته الحادة اتهمت فيه إسرائيل بممارسة «أبرتايد جديد» (فصل عنصري) في الضفة الغربيةالمحتلة في كل ما يتعلق باستهلاك المياه تتجلى أساساً في منح نحو نصف مليون مستوطن في الضفة كمية مياه أكثر مما تمنح ل 2.3 مليون فلسطيني في المنطقة ذاتها، فضلاً عن قيامها بتحويل مجرى المياه إلى غرب الجدار الفاصل. وتابعت الصحيفة أن لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان كانت أناطت بوزير الزراعة السابق عضو البرلمان عن الحزب الاشتراكي جان غلاباني مهمة إعداد تقرير خاص حول مدى «التأثيرات الجيو سياسية» للمياه في مناطق صراع مختلفة في العالم، ولهذا الغرض قام في أيار (مايو) من العام الماضي بزيارة لكل من إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية والتقى في تل أبيب وزير البنى التحتية الإسرائيلية عوزي لنداو ومدير «سلطة المياه» أوري شاني. وتوصل غلاباني إلى الاستنتاج بأن إسرائيل تدير سياسة «أبرتايد جديد» في الضفة الغربية في كل ما يتعلق باستهلاك المياه، مشيراً بداية إلى أن استعمال مصطلح «دولة يهودية» «يؤشر إلى نوع من الأبرتايد على أساس ديني». وبعدما لفت إلى أن «مسألة المياه هي إحدى مسائل الصراع بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية» ذكر أن توزيع المياه بينهما ليس عادلاً إذ يحظر على الفلسطينيين الوصول إلى المياه الجوفية «فيما يبدو التوسع الإسرائيلي الجغرافي احتلال مياه سواء من خلال السيطرة على الوديان أو على المياه الجوفية». وتابع التقرير أن المياه «غدت سلاحاً في خدمة الأبرتايد الجديد». وقدم أمثلة ومعطيات كثيرة في مقدمها حقيقة أن 450 ألف مستوطن يهودي في الضفة الغربية يستهلكون مياهاً أكثر من المياه المتاحة لنحو 2.3 مليون فلسطيني في المنطقة ذاتها. وزاد أنه في سنوات القحط، تعطي إسرائيل الأفضلية للمستوطنين للاستفادة من المياه منتهكةً بذلك القانون الدولي. وبحسب التقرير فإن الجدار العازل الذي أقامته إسرائيل في السنوات الأخيرة للفصل بينها وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة أتاح لها السيطرة على موارد المياه والمياه الجوفية والتحكم بها وبالتالي تحويل مجرى المياه إلى الغرب، أي إلى المستوطنات الإسرائيلية غرب الجدار. كما اتهم التقرير جيش الاحتلال ب «هدم منهجي للآبار» التي حفرها الفلسطينيون في الضفة الغربية وبتفجير متعمد لمجمعات المياه في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة عليه قبل ثلاث سنوات. ويشير التقرير إلى أن معظم الفلسطينيين في الضفة الغربيةالمحتلة يقيمون في المناطق المعروفة ب A و-B لكن البنى التحتية للمياه التي يحتاجونها موجودة في المنطقة C التي تسيطر عليها إسرائيل وتقيد حركة الفلسطينيين فيها، «ونادراً ما يسمح الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين ببناء أو تطوير بنى تحتية للمياه»، وعليه فإن منشآت تطهير المياه التي خططت لها السلطة الفلسطينية مغلقة في وجهها على يد الجيش الإسرائيلي. وأضاف غلاباني في التقرير الذي تبنته لجنة الشؤون الخارجية أن إسرائيل تدعم ادعاءاتها «على أساس نظرية حقنا في الأرض»، لكنه يشير إلى أنه لم يفهم إذا كان القصد هو «الحق التوراتي على الأرض أم السيطرة على أرض وكأن ليس لها أصحاب». وزاد أن إسرائيل، وكجزء من رؤيتها الهادفة إلى السيطرة على المياه في الضفة الغربية، ترفض أي اقتراح للتعاون مع السلطة الفلسطينية في كل ما يتعلق باستهلاك المياه. واتهم المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية يغآل بالمور النائب الفرنسي غلاباني بأنه ضمّن التقرير كلمات شديدة اللهجة من دون موافقة أعضاء اللجنة، مضيفاً أن الأخيرين بعثوا برسالة رسمية إلى السفارة الإسرائيلية في باريس تنصلوا فيها من «المصطلحات المعادية لإسرائيل» التي وردت في التقرير. واتهم بالمور واضع التقرير بأنه «تعمد الإساءة لإسرائيل من خلال إخفاء حقائق كثيرة بمنهجية سافرة». وادعى أن إسرائيل لا تأخذ المياه من أراضي السلطة الفلسطينية إنما تعطي للفلسطينيين كميات المياه المتفق عليها في اتفاقيات السلام، «بل وأكثر» متهماً الفلسطينيين بعدم الإيفاء بالتزاماتهم «من خلال تمكينهم قراصنة من حفر آبار على نحو يضر بالطرفين».