باريس - أ ف ب - يبدأ أسبوع جديد من التقلبات في منطقة اليورو بعد خفض تصنيف تسع من دولها من بينها فرنسا، في تطور يشكل اختباراً حاسماً لدى الأسواق التي تخشى أصلاً شبح إفلاس اليونان بعدما عاد ليخيم على البلاد. وستحدد البورصات المالية اليوم عند افتتاح التداول ما إذا كان المستثمرون قد تأثروا بقرار وكالة التصنيف الائتماني «ستاندارد أند بورز» خفض علامات تسع دول. وبدت آثار قرارها الذي كان مرتقباً أساساً، محدوداً الجمعة على البورصات الأوروبية وكذلك في «وول ستريت» التي أغلقت على تراجع طفيف. وينعكس خفض العلامة المالية لدولة ما مبدئياً عبر رفع نسبة الفوائد التي تعيد فيها تمويل ديونها. وبالنسبة إلى فرنسا فإن الاختبار الحاسم مرتقب الخميس حيث تأمل باريس بجمع 7.5 إلى 9.5 بليون يورو من أصل 178 بليوناً من القروض المرتقبة هذه السنة. وهذه العملية ستكون الوحيدة الواسعة النطاق هذا الأسبوع باستثناء اقتراض على المدى القصير الاثنين مرتقب أيضاً من جانب فرنسا. فرنساوألمانيا واعتبر رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون أن خسارة التصنيف «AAA» لن تترك «عواقب مباشرة على الحياة اليومية للفرنسيين»، مؤكداً في مقابلة مع صحيفة «جورنال دو ديمانش» على المستوى «الضعيف تاريخياً» لنسب الفوائد المطبقة في فرنسا والتي هي دون ثلاثة في المئة. لكن ضربة ستاندارد أند بورز ألهبت الحملة الانتخابية للرئاسة في فرنسا، إذ أن توقيتها كان غير مناسب بالنسبة إلى الرئيس نيكولا ساركوزي المرشح المرتقب لولاية ثانية قبل اقل من مئة يوم على الاقتراع. واتهمه منافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند الذي يتصدر استطلاعات الرأي بأنه «خسر معركته» للاحتفاظ بعلامة «AAA» التي جعلها لفترة طويلة أولوية. وخرج ساركوزي عن صمته أمس معلناً انه سيعرض على الفرنسيين «في نهاية الشهر» إصلاحات للخروج من الأزمة. ومن دون الحديث في شكل مباشر عن خفض التصنيف الائتماني، قال «إنها تجربة ينبغي عدم التقليل من شأنها وعدم الإفراط في التهويل بها». وكان فيون أعلن أول من أمس أن «فرنسا تبقى بلداً آمناً» مالياً. وعبرت ألمانيا في نهاية هذا الأسبوع عن تضامنها الكامل مع شركائها الأوروبيين، مشددة في الوقت ذاته الضغط نحو مزيد من التقشف المالي. واعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أول من أمس أن خفض تصنيف تسع دول في منطقة اليورو يؤكد أن «الطريق لا يزال طويلاً قبل استعادة ثقة المستثمرين. لكن من الواضح أيضاً أننا نسلك في شكل حازم هذه الطريق للوصول إلى عملة ثابتة ومالية متينة ونمو مستدام». وقال وزير المال الألماني فولفغانغ شويبليه: «أننا مترابطون جميعاً في شكل وثيق الواحد منا حيال الآخر، ونحن معاً على الطريق الصحيح». وأثار قرار وكالة «ستاندارد أند بورز» انتقادات في كل أنحاء أوروبا تقريباً إذ اعتبرته المفوضية الأوروبية «مستغرباً» لأنه يأتي في وقت يبدو فيه أن خطر تفاقم الأزمة أصبح بعيداً. حتى الصحيفة الرسمية الناطقة باسم الفاتيكان «أوبسرفاتوري رومانو» استهجنت أول من أمس التوقيت «المشبوه». وإلى جانب فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، أصدرت وكالة «ستاندارد أند بورز» أحكاماً حساسة على كل قادة منطقة اليورو. وقال موريتز كريمر، مسؤول الوكالة لتصنيف الديون الأوروبية، إن «الجو السياسي في منطقة اليورو لم يكن في مستوى التحديات المتنامية التي خلفتها الأزمة». اليونان وتأتي هذه النكسة في توقيت غير مناسب على الإطلاق مع عودة القلق حيال وضع اليونان التي كانت مركز الأزمة منذ 2010. فالمصارف التي تخوض صراع قوة مع الأوروبيين حول شطب نصف ديون اليونان لها، تهدد بالعودة عن التزامها بإعادة جدولة طوعية للديون. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق فإن إفلاساً للبلاد لا يمكن ضبطه قد يحصل في نهاية آذار (مارس). والمحادثات التي علقت الجمعة ستستأنف الأربعاء غداة عودة الترويكا المؤلفة من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي إلى أثينا.