تسير إدارة الرئيس باراك أوباما على خيط رفيع في سياستها حيال إيران من خلال محاولتها تفادي رفع حدة التشنج والانزلاق إلى مواجهة مفتوحة من جهة، مع التمسك باستكمال الضغوط والعقوبات الاقتصادية والتحذيرات من عواقب أي تصرفات طائشة في المنطقة أو تطوير سلاح نووي. وتعكس الأوساط القريبة من البيت الأبيض حرص المسؤولين الأميركيين على عدم الدخول في مواجهة عسكرية مع طهران اليوم، وهو كان الدافع الأساس في اختيار واشنطن قناة ديبلوماسية كما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» لإيصال رسالة إلى المرشد الأعلى في طهران علي خامنئي بأن إغلاق مضيق هرمز «خط أحمر». ورجّح مراقبون أميركيون أن تكون تركيا ووزير خارجيتها أحمد داوود أوغلو هو من حمل رسالة أوباما إلى خامنئي الأسبوع الماضي قبل أن يلتقيه نائب وزيرة الخارجية الأميركية ويليام برنز منذ يومين في أنقرة. ورأى المعلّق في صحيفة «واشنطن بوست» ديفيد أغناطيوس أن هكذا قناة غير مباشرة لم تعد كافية لتفادي «مواجهة مفتوحة» بين الولاياتالمتحدةوإيران، وعلى واشنطن اعتماد «قناة خلفية» مباشرة مع النظام الإيراني. ويقترح أغناطيوس أن تدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) القناة المباشرة، وأن تتواصل مع قائد فيلق القدس قاسم سليماني خصوصاً أن لديه اتصالاً مباشراً مع المرشد الأعلى في إيران. ويرى الكاتب أن هذه القناة ضرورية لتفادي إشعال فتيل أزمة وحرب طويلة بين الجانبين، إذ عكست تحركات الأسابيع الأخيرة من التهديدات بإغلاق مضيق هرمز والتلويح بعقوبات نفطية جديدة على إيران، ومن ثم اغتيال العالم النووي الإيراني مصطفى أحمدي روشن والحكم على مواطن أميركي في طهران بالإعدام، أن الإيقاع التصعيدي قد يخرج عن السيطرة في حال عدم تداركه ديبلوماسياً. وحاولت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع ليون بانيتا النفي في شكل قاطع أي دور أميركي في اغتيال العالم، لتهدئة الأجواء ونظراً لاستبعاد قيام «سي آي أي» بهكذا عملية في شمال طهران. ورجّح مراقبون أميركيون وقوف إسرائيل أو حركة «مجاهدي خلق» (التي تعتبرها واشنطن منظمة إرهابية) وراء عملية الاغتيال، ومن هنا كان اتصال أوباما برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الخميس الماضي. كما حمّل بانيتا رسائل حازمة لإسرائيل في زيارته الأخيرة لثنيها عن القيام بضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. وترى واشنطن في نهج العقوبات والضغوط السياسية الوسيلة الأفضل لردع طهران، وتأمل في عودة إيران إلى طاولة الحوار حول ملفها النووي. غير أن التعنّت الإيراني ودخول كل من الولاياتالمتحدة وفرنسا في مرحلة الانتخابات الرئاسية يفرض قاعدة وحسابات متغيرة لدى الجانبين، ويزيد من احتمالات المواجهة في ظل غياب الاتصالات المباشرة بين أميركا وإيران.