شريف عبدالمجيد فنان بمواهب عدة. يعمل كاتباً للسيناريو ومعدّاً لأحد البرامج الثقافية في القناة الفضائية المصرية، ويملك اهتمامات فنية بعضها متخصص، كفن التصوير الفوتوغرافي وكتابة القصة والعمل كمساعد مخرج مع شقيقه المخرج حلمي عبد المجيد، وهما أنجزا معاً برامج مهمة وأفلاماً تسجيلية ووثائقية. متخرّج من كلية التجارة الخارجية، ونال «جائزة ساويرس» في الإبداع التصويري والقصصي. أنجز مشروعاً فوتوغرافياً عن قصر سعيد حليم باشا (قصر شامبليون)، ويقول عنه ل«الحياة»: «هناك أنواع متعددة من التصوير، لاند سكيب وبورتريه، إضافة إلى الصورة التسجيلية التي توثّق لحدث أو حتى موقع، وأنا أميل إلى النوع الثالث، وأحب أن أصبغ فني بمفهوم (كونسبت) ليكون هناك ترابط حكائي أو روائي». ويضيف: «في تجربة تصوير قصر شامبليون، حاولت إدخال قصر حليم باشا، خصوصاً أنني تألمت للهجمة الخطيرة المفضية إلى تدمير ذلك الأثر التاريخي، وغيره من الأبنية الأثرية، لتشييد أبراج سكنية أو مولات تجارية... دخلت القصر خلسة في الليل، قفزت فوق الأسوار، وعلى مدار ست ساعات التقطت أكثر من 400 صورة، وولّفت معرضاً، وشاركتني الرؤية التسجيلية الفوتوغرافية لممرات وقاعات القصر، الفنانة الأسترالية ونيشل». في القاهرة والاسكندرية ساهم شريف في الحملة التي انطلقت على موقع «فايسبوك»، لمحاولة وقف هدم القصر، إذ شارك، مع ثلاثة آلاف فنان، وقت هدم قصر حليم باشا، في حشد المثقفين والرأي العام ضد هذه الخطوة، «خصوصاً أن معظم المصورين تناسوا دلالة فن الرسم على الجدران (غرافيتي)... وعندما لاحظت أن السلطة تمسح الجدران بغية إلغاء الذاكرة البصرية لثورة 25 يناير، قررت أن أسجّل كل الغرافيتي في القاهرةوالإسكندرية». يقول إنه عمل طوال شهرين لإنجاز معرضه، متنقلاً بين مناطق وسط البلد: الفلكي، محمد محمود، شارع منصور، ميدان عبد المنعم رياض، ميدان التحرير، كورنيش الإسكندرية ومنطقة الهرم: «سجلت رسوماً تسخر من أحداث كثيرة، عشية الثورة وبعدها، واكتشفت تلك الطاقة الإبداعية الهائلة التي كانت مخزونة لدى هواة الغرافيتي في مصر، من رسم على جدران الميادين، إلى طبع وجوه الشهداء والعسكر على أعمدة الكهرباء... وازددت إصراراً على نقل فنون الغرافيتي من خلال الفوتوغرافيا وجمعها في كتاب، بحيث لا يستطيع أحد أن يأخذها من الشعب المصري مرة أخرى». وينتظر شريف عبدالمجيد من رئيس هيئة الكتاب أحمد مجاهد أن يفي بوعده له وينشر كتاب الغرافيتي في الذكرى الأولى لثورة يناير. مراحل ثلاث وعن دلالة رسائل الغرافيتي في ظل انتشار وسائل الميديا المختلفة وتأثيرها، يقول شريف: «صوّرت أكثر من ألف لوحة غرافيتي، وهذا فن خارج نطاق الميديا لم تفرض السلطة الرقابية سيطرتها عليه بعد، وبالتالي فهو الأصدق فنياً في التعبير عن أحداث الثورة المصرية، بل أعتقد أنه من أبطال الثورة وسيثبت التاريخ ذلك». ويقول إنه قسّم الكتاب ثلاثة أقسام: الأول حيث الرسوم العفوية، من شباط (فبراير) 2010 وحتى نيسان (أبريل)، لفنانين غير معروفين، اكتملت شهرتهم خلال الثورة والتظاهرات المتكررة. القسم الثاني بدأت مع محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، إذ أصبح فن الغرافيتي احترافياً، وبات فنانوه يجسّدون الحسّ الشعبي في تلك اللحظة. أما القسم الثالث، فيرصد تحول الغرافيتي إلى أداة توثيق ثورية صار لها فنانوها ونجومها المشهورون، أمثال حسني التنين، البطل الأول لرسوم شارع محمد محمود، و «سيد باند الحزينة» مؤرخ موقعة شارع منصور وريحان، و «جنزيد» الذي تغلب على رسومه السخرية والصبغة الكئيبة بالأسود والأحمر الدموي، علماً أنه أيضاً قاد حركة الاحتجاج في منطقة التحرير والقصر العيني وصولاً إلى الهرم. من جهة أخرى، كتب شريف عبد المجيد السيناريو للعديد من الأفلام، مثل «دور البطولة» (روائي قصير، إخراج حلمي عبد المجيد)، «صورة على نص ونص» عن وكالة الغوري، إضافة إلى أكثر من 16 فيلماً تسجيلياً عن مساجد مصر (من إنتاج مجلس التعاون الخليجي). يقول شريف إنه يحب العمل على ما يسمّيه «السينما الروائية»، ويتابع: «فكرة الراوي أو الحدث أو الموضوع الدرامي المحكي قد تكون نابعة من خلفيتي الأدبية، إذ بدأت إبداعياً في مجال كتابة القصة، فقلت: لماذا لا أستثير رجل الشارع العادي للاشتباك البصري والحسي والفني في ما أقدمه، خصوصاً أن كل منتج فني، سواء كان فوتوغرافياً أو غرافيتي أو درامياً أو سينمائياً، يخرج من الشارع، بل إن الفنانين المعنيين ارتبطوا بالشارع وأحداثه أكثر من ارتباطهم بالمؤسسات الإعلامية».