أحدث إعلان الصحافي والمذيع التلفزيوني المرموق يئير لبيد استقالته من العمل في القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، تمهيداً لدخول المعترك السياسي على رأس حزب جديد، ردودَ فعل واسعة في الحلبة الحزبية، إذ رحب الوسط واليسار بهذه الخطوة، فيما تهكم منها اليمين، الذي اتهم لبيد باستغلال منصبه مذيعاً للتهجم على الحكومة وسياستها. ويخطط اليمين المسيطر على الكنيست الإسرائيلية (البرلمان) لسن قانون خاص يتيح للإعلاميين خوض المعترك السياسي فقط بعد عام من اعتزالهم هذا العمل، وهو ما سرّع خطوة لبيد، الذي أراد تفادي تطبيق القانون الجديد عليه. ورأى مراقبون أن مردّ قرار لبيد هو شعوره بأن الانتخابات العامة المقبلة المقررة قانونياً أواخر العام المقبل، قد يتم تقديمها إلى أواخر العام الحالي. ولبيد هو نجل الوزير السابق زعيم حزب «شينوي» العلماني المنحل يوسف لبيد، الذي عرف بعدائه للمتدينين واتهاماته لهم بأنهم يشكلون عبئاً على موازنة الدولة من دون أن يقدموا لها شيئاً. لكن لبيد الابن يتبنى أجندة اجتماعية، وإن وصفها البعض بالبورجوازية. وهو نال شعبيته الواسعة من تقديمه النشرة الإخبارية الأسبوعية في القناة الثانية للتلفزيون التي تحظى بأكبر نسبة مشاهدة، لعب خلالها دور المنتقد للوضع العام في إسرائيل، إضافة الى كتابة عمود أسبوعي في صحيفة «يديعوت أحرونوت» حاول فيه تقديم نموذج لما يسميه «الإسرائيلي المثالي» أو «الإسرائيلي العقلاني، المكافح من أجل لقمة العيش، الذي يحب دولته ويخدم في جيشها ويدفع الضرائب». وتوقعت استطلاعات سبقت استقالة لبيد من عمله، أن يحصل حزب جديد برئاسته يمثل تيار الوسط على 15-20 مقعداً في الانتخابات العامة، لكن مراقبين حذروا أمس من أن هذا العدد قد ينخفض في شكل لافت مع دخول لبيد المعترك السياسي، أو «الوحل» وفق توصيف أحد المعلقين، كما حصل في الماضي لعدد من الشخصيات بوزن لبيد، التي تنبأت لها الاستطلاعات فوزاً باهراً لم يتحقق في صناديق الاقتراع. ولفت المراقبون إلى أن لبيد لن يغير الخريطة السياسية التي يهيمن عليها اليمين منذ سنوات، إذ سيخطف المقاعد التي يحصل عليها حزبه من حزب «كديما» المعارض بزعامة تسيبي ليفني، الذي يمثل الوسط لكنه يعاني تراجعاً في شعبيته على خلفية الصراعات بين قادته. كما توقعوا أن يجذب لبيد إليه ناخبين من حزب «العمل» المحسوب على يسار الوسط، الذي توقعت استطلاعات الرأي أن يحسّن تمثيله في الكنيست مع انتخاب شيلي يحيموفتش، وهي أيضاً مذيعة سابقاً، رئيسةً للحزب المتمثل اليوم بثمانية مقاعد فقط. إلى ذلك، استبعد مراقبون أن ينجح لبيد في إقناع مصوتين من اليمين بدعم حزبه، وتوقع بعضهم أن يحظى لبيد بدعم الناخبين من الأشكناز الذين صوتوا في السابق لحزب والده واعتبروه واحداً من أفضل من مثّلهم، أو من حزب «إسرائيل بيتنا»، الذي يمثل المهاجرين الروس ويناصبون المتدينين عداء شديداً. ورحبت زعيمتا «كديما» و «العمل» بخطوة لبيد، لكن يحيموفتش أكدت أن الأخير «شأنه شأن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو وزعيمة كديما ليفني، يمثل قيَماً مناهضة لقيم الاشتراكية الديموقراطية التي يمثلها حزب العمل». ولم يفصح لبيد عن أجندته السياسية، لكن مستشاريه الرئيسيين هم من أصدقاء والده، بينهم رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت. أما مقالاته الأسبوعية، فأشارت إلى أنه وسطيّ. على صلة، أعلن والد الجندي غلعاد شاليت الذي كان في الأسر في قطاع غزة، نوعام شاليت، رسمياً خوضه الانتخابات الداخلية على لائحة حزب «العمل»، مبرراً ذلك بأنه يرغب بالتأثير في صورة المجتمع الإسرائيلي، وأن «العمل» هو «حزب اشتراكي ديموقراطي ونصير للسلام، لذا هو بيتي الطبيعي»، معرباً عن قناعته بقدرة يحيموفتش على التأثير في المجتمع الإسرائيلي.