واشنطن، طرابلس أ ف ب، رويترز - أكد نائب رئيس الوزراء الانتقالي الليبي السابق علي الترهوني، أن على الحكومة الليبية تقديم فرص بديلة للمتمردين الذين شاركوا في القتال ضد نظام معمر القذافي تفادياً لأي زعزعة لاستقرار البلاد. وقال الترهوني أمام مركز للدراسات في واشنطن، أول من أمس، إن نزع أسلحة هؤلاء المقاتلين وإعادة دمجهم في الحياة المدنية يشكل أحد المفاتيح لتفادي تصاعد العنف في ليبيا. وأضاف الترهوني الذي تولى منصب نائب رئيس المكتب التنفيذي (الحكومة الانتقالية الليبية) بين نهاية تشرين الأول (اكتوبر) حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) ويشغل اليوم منصب مستشار حكومي في طرابلس: «عليكم إعطاء أفق للمستقبل لهؤلاء الناس». وطلبت الحكومة الانتقالية الليبية من هؤلاء المقاتلين تسليم أسلحتهم أو الانضمام إلى الجيش الجديد أو قوات الشرطة. وبرأي الترهوني، فإن هذه المقاربة لم تعد مناسبة. وقال: «لست متأكداً من ان هذه الطريقة هي الأفضل»، مضيفاً: «علينا رؤية حاجاتهم في مجال العمل والانكباب على مسألة تدريبهم». وتابع الترهوني: «غالبية الناس يرغبون في العودة الى حياة طبيعية، إلا ان المشكلة تكمن في غياب أي حل بديل لهم». وأضاف: «اذا ما بقيت هذه الميليشيات موجودة ومسلحة، فإن الحوار بينها وبين بقية القوى في البلاد سيصبح منقوصاً». وجاء موقفه في وقت دعا سكان في طرابلس الخميس الحكومة الليبية إلى نزع سلاح الميليشيات المسلحة المنتشرة في عاصمة البلاد بعد يومين من اندلاع أعمال عنف. وبعد اكثر من شهرين من أسر معمر القذافي وقتله، مازال حكام ليبيا الجدد يجدون صعوبة في بسط سلطتهم في الوقت الذي يرفض فيه قادة الجماعات المسلحة التنازل عن السيطرة على مقاتليهم وتسليم أسلحتهم. وقال مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا الاربعاء، بعد مقتل أربعة مسلحين في معركة بين جماعات مسلحة في أحد أشد شوارع طرابلس ازدحاماً في الثاني من كانون الثاني (يناير)، إن ليبيا تواجه خطر الانزلاق إلى حرب أهلية ما لم تكبح جماح الميليشيات المتصارعة التي سدت الفراغ الناجم عن سقوط القذافي. وقادت الميليشيات، التي تشكلت من البلدات المختلفة ومن مختلف المعسكرات الأيديولوجية الانتفاضة التي استمرت تسعة أشهر بدعم من غارات جوية لحلف شمال الأطلسي لإنهاء حكم القذافي الذي استمر 42 عاماً. لكنها في الوقت الحالي مترددة في إلقاء السلاح وتسريح مقاتليها. وتتنافس الميليشيات على النفوذ في ليبيا الجديدة، وتعتقد أنها حتى تحصل على نصيبها من السلطة السياسية عليها أن تحتفظ بوجود مسلح في العاصمة. وبدأ المجلس الوطني الانتقالي خطوات لتشكيل جيش كامل وقوة شرطة لتولي المهمة الأمنية من الميليشيات. لكن عبدالجليل أقر بأن التقدم بطيء للغاية. وطرابلس مقسمة حالياً إلى ما يشبه إقطاعيات متفرقة تسيطر على كل منها ميليشيا مختلفة ونادراً ما تشاهد الشرطة، عدا شرطة المرور، ولا يوجد أثر للجيش الوطني المشكل حديثاً. وعلى رغم أن وجودها في الشوارع انخفض كثيراً قرب نهاية الشهر الماضي، مازالت الميليشيات تسيطر على مجمعات أمنية كانت تستخدمها في السابق قوات القذافي. ويزيد وجودها في شوارع طرابلس ليلاً. ويوجد في طرابلس مجموعتان رئيسيتان من المقاتلين من أبناء المدينة يقود إحداهما عبدالحكيم بلحاج، وهو إسلامي قضى بعض الوقت في معسكرات «طالبان» في افغانستان ويدير حالياً الميليشيا من جناح في فندق فاخر في طرابلس. ويقود الميليشيا الثانية عبدالله ناكر، وهو مهندس الكترونيات سابق لا يخفي كراهيته لبلحاج. وهناك أيضاً ميليشيات من خارج العاصمة، حيث يسيطر مقاتلون من الزنتان وهي معقل لمناهضي القذافي إلى الجنوب الغربي من العاصمة على المطار الدولي. وانسحب معظم مقاتلي ميليشيا مصراتة وهي مدينة إلى الشرق من طرابلس من وسط العاصمة، غير أنها تحتفظ بقوات على المشارف الشرقية من المدينة. ويحدد المقاتلون الذين ينتمون إلى الأقلية الأمازيغية مناطقهم بأعلامهم ذات الألوان الأزرق والأخضر والأصفر. ويُضاف إلى تلك الميليشيات مجموعة أخرى من المقاتلين من شرق البلاد، المعقل الأصلي للتمرد ضد القذافي، وهم الأقرب إلى زعماء المجلس الانتقالي ويطمحون إلى تشكيل أساس الجيش الوطني الجديد، وهو ما يقلق منافسيهم. وغالباً ما يندلع العنف عندما يرفض مقاتلون الخضوع للتفتيش عند المرور عبر نقاط تفتيش تابعة لمجموعة منافسة أو عندما تحتجز جماعة مقاتلين من ميليشيا أخرى. وفي تونس (ا ف ب)، دعا ناشطون لحقوق الانسان الجمعة، الرئيس التونسي المنصف المرزوقي إلى عدم السماح بتسليم رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي، الذي قد يتعرض لعقوبة الإعدام ويحرم من محاكمة عادلة في بلاده على حد قولهم. وحذرت سونديس غاربوج رئيسة الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية، الصحافيين من أن «تسليم البغدادي المحمودي الى ليبيا سيعرضه لخطر التعذيب أو الإعدام خارج نطاق القضاء». ودعت المنظمات، وبينها الرابطة التونسية لحقوق الانسان، السلطات التونسية إلى «التحقيق في ادعاءات تورطه في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان». وقالت: «إذا تم العثور على ادلة كافية مقبولة لتورطه في جرائم بموجب القانون الدولي، ينبغي أن يقدم إلى العدالة مع ضمان شروط محاكمة تفي بالمعايير الدولية، أو إحالته على ولاية قضائية أخرى تستطيع ضمان ذلك». واعتبرت راضية النصراوي رئيسة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، أن «من غير المقبول أن تسلّم تونس بعد الثورة شخصاً مهدداً بالإعدام طالما امكانية هذا الحكم موجودة في ليبيا». وكان البغدادي المحمودي البالغ من العمر سبعين عاماً، شغل رئاسة الوزراء حتى الأيام الأخيرة من نظام معمر القذافي. واعتقل المحمودي في 21 أيلول (سبتمبر) على الحدود الجنوبية الغربيةلتونس مع الجزائر وصدر حكم بسجنه بناء على دخول البلاد بشكل غير مشروع. وقرر القضاء التونسي في تشرين الثاني (نوفمبر) السماح بتسليم المحمودي. وذكرت مصادر قضائية أن ليبيا تطلب تسليم البغدادي المحمودي بتهمة اختلاس اموال وحيازة اسلحة بصفة غير قانونية والتحريض على الاغتصاب خلال النزاع الليبي. وأكد بشير الصيد احد اعضاء هيئة الدفاع عن البغدادي، أن «المطلوب اليوم الافراج عن البغدادي حالاً، لأنه لم يبق هناك مبرر لبقائه في السجن» على خلفية عدم توقيع الرئيس التونسي بالانابة فؤاد المبزع مرسوم تسليمه، تاركاً هذا الأمر إلى خلفه المرزوقي. وكان المرزوقي قد وعد الإثنين خلال زيارة لليبيا بتسليم البغدادي للسلطات الليبية الجديدة اذا ضمنت له «محاكمة عادلة». وأشار الصيد إلى أن هيئة الدفاع عن البغدادي طلبت مقابلة الرئيس التونسي منصف المرزوقي ورئيس الحكومة حمادي الجبالي لطرح المسألة، «لكن لم تجد اذاناً صاغية». ويحتجز المحمودي في سجن قرب تونس العاصمة.