رأى البطريرك الماروني بشارة الراعي أن «الاصوليات الدينية تحوّل الربيع الى شتاء»، محذراً من أن «العنف والارهاب ينذران بشتاء مدمرٍ». ودعا، خلال ترؤسه امس قداس الدنح (الغطاس) في كنيسة السيدة في بكركي، المسيحيين والمسلمين في لبنان الى «الحفاظ على الكيان اللبناني الذي يؤلّفه المسلم والمسيحي معاً، والذي لا يقوم على العدد الديموغرافي، بل على ثقافتين مسيحية وإسلامية تشكّلان حضارة العيش الواحد المغتني بتنوّع التقاليد والقيم». واعتبر أن «هذا الكيان اللبناني يحفظه مبدأ المناصفة، وفقاً للدستور، الذي يعني بمفهومه التوازي العادل والمتساوي في المراكز والمسؤوليات، بعيداً من تقاسم الحصص بين النافذين». وشدد على أن «النصفين المسلم والمسيحي المتعاونين والمتضامنين يشكّلان وحدة الكيان اللبناني»، مذكراً بأن «الارشاد الرسولي «رجاء جديد للبنان» يدعو في هذا السياق، لأن يُوَسِّع مسيحيو لبنان ومسلموه نطاق تعاونهم وتضامنهم إلى سائر البلدان العربية، حيث يواصل مسلموها ومسيحيوها تاريخهم الطويل، ويبنون معاً مستقبل عيش وطني وتعاون، يهدف إلى تطوير شعوبهم تطويراً إنسانياً وأخلاقياً، ويبلغون إلى تحقيق خطوة مماثلة للكيان اللبناني في بلدانهم». ودعا الراعي «الذين يُمارسون الحياة السياسية الى ان يسهموا في إجراء تحوّلات تبلغ إلى مجتمع أفضل، وأكثر إنسانية وعدالة». وقال: «الحالة البائسة واليائسة التي وصلت إليها الممارسة السياسية عندنا، عطّلت القرارات على أنواعها، وتسبّبت بتفشّي الفساد، وبتصاعد الازمة الاقتصادية والمعيشية، وبتزايد الفراغات في الإدارات والمؤسسات بعدم ملء الشواغر وإجراء التعيينات، بسبب الحسابات الشخصية والفئوية، إنّما تدعونا للتطلّع إلى رجالات سياسية، يجمعون بين الايمان والحياة، ويُتمّمون واجباتهم، ولا يفصلون بين واجبهم نحو الدولة وواجبهم نحو الله، ويُحسنون الجمع بين موجبات العمل السياسي والمبادئ الاخلاقية، ويتفانون في سبيل الخدمة والخير العام، ملتزمين قضية السلام وحقوق الانسان وكرامة الشخص البشري ونموّه الاصيل والشامل». وشدد على أن «المسيحيين مدعوون في هذا الشرق اليوم إلى أن يقوموا بنهضة روحية وأخلاقية واجتماعية ووطنية. ويتعاونون، حيثما وُجدوا، مع مواطنيهم المسلمين المستنيرين الليبراليين في بناء الدولة المدنية الديموقراطية القائمة على حقوق الانسان والمساواة في المواطنة وسيادة القانون وأسس العدالة والسلام»، معتبراً أنه «هكذا يستطيع المسلمون والمسيحيون تحقيق «الربيع العربي الحقيقي» النابع من الداخل، لا المستورد من الخارج لأغراض سياسية واقتصادية واستراتيجية، التي غالباً ما تكون على حساب مصالحهم الوطنية». وأكد الراعي أن «الاصوليات الدينية، من أي جهة أتت، تحوّل الربيع الى شتاء، إذا لم تهدف إلى بناء دولة مدنية ديموقراطية بمفهومها المذكور. كذلك العنف والارهاب ينذران بشتاءٍ مُدمِّر». ودان بشدة «سلسلة المتفجّرات في العراق التي أوقعت العشرات من القتلى والجرحى الأبرياء»، مصلياً «من اجل أن يردّ الله قلوب الأشرار وأيديهم عن هذه الجرائم الاعتدائية على الله نفسه وعلى الانسانية جمعاء».