شدد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري على أهمية المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، موضحاً أن المنافسة في الانتخابات البلدية في بيروت «لم تكن مع لائحة ولم تكن مع فريق سياسي بل كانت مع كل النوازع والغرائز مع كل الشعارات الطائفية والمذهبية ومع كل ما من شأنه أن يعرّض المناصفة التامة إلى خلل أو اهتزاز». كلام الحريري جاء خلال مشاركته الجامعة الانطونية الذكرى ال 14 لتأسيسها وعيد شفيعتها سيد الزروع، في احتفال أقيم في مقرها في بعبدا في حضور السفير البابوي المونسنيور غبريال كاتشيا والمطران يوسف بشارة وكذلك رئيس الجامعة الأب بولس تنوري الذي أثنى في كلمة على أداء الحريري. وأشاد الحريري بالجامعة، وقال: «تجسد قيمة العيش المشترك التي تعلمتها في مدرسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي جعلتها هدفاً ومقياساً لعملي السياسي والوطني». وأضاف: «العيش المشترك في لبنان الرسالة جزء من مجموعة قيم متماسكة يغذي بعضها بعضها الآخر، ويدعم بعضها بعضها الآخر، لتشكل في النتيجة، رسالة لبنان». وتوقف عند انتخابات البلدية في بيروت قائلاً: «لم تكن للائحة التي دعمناها أي منافسة تذكر. كانت هذه اللائحة تتنافس، وبكلام صريح، كنا نحن نتنافس، بما نمثله من إرث سياسي ومشروع سياسي مع كل ما يناقض العيش المشترك في بيروت، وبصفتها العاصمة، على امتداد الوطن». وزاد: «عندما أتحدث عن المناصفة، لا أعنيها تنازلاً عددياً من طائفة لأخرى، بل أتحدث عنها وأعمل لتكريسها بصفتها من واجبات المسلمين تجاه المسيحيين في لبنان، تماماً كما هي من واجبات المسيحيين تجاه المسلمين في لبنان، بغض النظر عن الأعداد، ليبقى لبنان... لبنان». وشدد على أن «ضرورة الحفاظ على قيمة العيش المشترك للحفاظ على لبنان، باتت اليوم تتعدى لبنان، ومن شأن نجاحنا في ذلك، أن يؤثر في عالمنا العربي، ولا أبالغكم القول، على العالم أجمع». وقال: «ففي وقت يشهد العالم كله، ردة خطيرة نحو الأصوليات، والانغلاق، والتزمت، والتعصب، والانعزال، يكاد وطننا الصغير، بمدنه وبلداته وقراه، بمؤسساته الوطنية والمجتمعية وبمؤسساته التربوية مثل جامعتكم، يكاد لبنان يمثل في نظري آخر واحات الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار والاختلاط ومد الجسور بين الأديان والثقافات والبشر»، موضحاً أن «هذا هو معنى العيش المشترك، الذي إذا فقدناه أو فرّطنا به، نفقد معه مساحة اللقاء، الذي قال عنه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في هذا المكان بالذات، بعد أيام من هجمات 11 أيلول (سبتمبر) الإرهابية، انه لقاء الدينين الكبيرين المسيحية والإسلام على أرض العرب وأرض لبنان العربية». وأكد أن «مسؤوليتنا جميعاً كبيرة جداً، اليوم، تجاه أنفسنا ووطننا والبشرية، التي إذا فقدت هذه الواحة، ستفقد مكان الأمل والرجاء، المكان الجغرافي والفكري الذي يمكنها أن تنطلق منه لتعيد صياغة نفسها من تصارع وتصادم مزعومين بين حضاراتها وثقافاتها وأديانها إلى حوار مرجو بينها». وقال: «هذه هي رسالة لبنان، وهكذا أنظر إلى لبنان الرسالة. وأنني متفائل». وأضاف: «هنا أتذكر أن أديرة الرهبان في لبنان هي التي صانت اللغة العربية، لغة القرآن الكريم، وهنا ألاحظ أن نظامنا الديموقراطي واحترامنا جميعاً لجميع الحريات العامة والخاصة، ينتجان مساحات جديدة ودائمة التجدد للقاء والاختلاط والحوار، وهنا أتأكد أن الحوار، هو كل شيء في لبنان، لأن كل شيء في لبنان، إنما هو حوار، ينتج عنه دائماً الفهم والتفهم، والاعتدال، والحداثة والمبادرة والوحدة، الوحدة الوطنية في سبيل الوطن والوحدة الفكرية والثقافية في سبيل البشرية جمعاء».