توقع خبراء استمرار نمو الاقتصاد المغربي ليبلغ خمسة في المئة هذه السنة، على رغم التراجع المرتقب في بعض اقتصادات دول الربيع العربي، والأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو التي تمثل الشريك التجاري الأساس للرباط. وأجمعت تقارير صادرة عن صندوق النقد الدولي والمصرف المركزي المغربي و «المندوبية السامية في التخطيط»، على أن الاقتصاد المغربي صمد في وجه الأزمات الاقتصادية والتحوّلات الإقليمية، وامتلك مناعة ساعدته في تحقيق معدلات نمو تراوحت بين 4.6 في المئة وخمسة في المئة اعتماداً على قطاع الزراعة وصادرات الفوسفات والاستهلاك الداخلي، والاستثمارات الحكومية، ما مكّن الرباط من تحقيق تقدم في مناخ الأعمال والمؤشرات الاجتماعية فتراجعت معدلات البطالة إلى تسعة في المئة وتقلّصت نسبة الفقر في الأرياف إلى النصف. واعتبر صندوق النقد أن الأزمة الاقتصادية والمالية في دول الاتحاد الأوروبي سيكون لها تداعيات على الاقتصاد المغربي خصوصاً في مجال الصادرات والتدفقات الاستثمارية، وقد تؤثر سلباً في حجم النمو، لكن الإصلاحات المرتقبة في عام 2012 في المجالات المالية والاقتصادية والاجتماعية من شأنها تمكين الرباط من هوامش مناورة بعد التحكم في حسابات الاقتصاد الكلي، والتوجه نحو اعتماد منظومة جديدة لدعم الأسعار وتقليص نفقاتها إلى ثلاثة في المئة والتحكم في تكلفة الأجور عند مستوى عشرة في المئة من الناتج الإجمالي. أجور الموظفين وتستحوذ أجور الموظفين ونفقات صندوق المقاصة على نحو 140 بليون درهم (17 بليون دولار)، أي أكثر من ثلث الموازنة العامة في العام الحالي. وتعتزم الحكومة الجديدة، التي يعلن عن تشكيلتها قريباً، التحكم في تلك النفقات وتمويل بعض مصادر صندوق المقاصة عبر آليات ضريبية، لتحسين مداخيل الفئات الفقيرة وزيادة فرص العمل للشباب. ويبدو نمو الاقتصاد المغربي رهناً بثلاثة عوامل أساسية، هي استمرار الأنشطة الزراعية وسقوط الأمطار واستقرار أسعار المواد الأولية خصوصاً النفط والمواد الغذائية، وتحسّن الأوضاع في منطقة اليورو التي تستقطب 66 في المئة من صادرات المغرب. وأفادت مصادر من الحكومة الجديدة التي يقودها حزب «العدالة والتنمية»، بأن التحديات الاقتصادية والاجتماعية كبيرة وصعبة في بعض جوانبها، لكنها قابلة للتجاوز نظراً إلى ما حققه المغرب من إصلاحات مختلفة، جعلته أكثر دول المنطقة انتفاعاً من الربيع العربي، فأقر دستوراً جديداً وانتخب برلماناً وشكّل حكومة وحافظ على نمو اقتصادي مرتفع في زمن الأزمات.