توقّع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد المغربي نمواً في الناتج الإجمالي يُقدر بنحو خمسة في المئة للعام الحالي كله، على رغم الظروف الدولية غير المساعدة التي رجّح أن ترفع عجز الموازنة من 4.5 في المئة إلى 5.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ليكون أكبر عجز يُسجل في عقدين من الزمن، نتيجة زيادة نفقات الأجور وتحمل التكاليف الإضافية لارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأولية في السوق الدولية. وأوضح الصندوق في تقرير أصدره حول المغرب عقب زيارة بعثة منه الرباط الشهر الماضي، أن «الحوار الاجتماعي» الذي عرفته دول عربية سيكلف الخزانة العامة للبلاد نفقات إضافية تُقدر ب 1.2 في المئة من الناتج المحلي، بعد تحسين أجور العاملين في القطاع العام، إذ ارتفعت كلفة الرواتب والمعاشات 0.2 في المئة إلى 10.7 في المئة من الناتج، فيما سترتفع نفقات دعم الأسعار الأساسية ومواد الطاقة والمحروقات إلى 5.5 في المئة من الناتج، ما سيترتب عنه عجز في الميزان التجاري وضغط على الاحتياط النقدي. وستنفق الرباط العام الحالي نحو 45 بليون درهم مغربي (5.7 بليون دولار) لرفع الأجور والحدّ من زيادة الأسعار بالنسبة إلى الفئات الفقيرة والمتوسطة عبر «صندوق المقاصة» الحكومي. وأبدى صندوق النقد ثقته في مستقبل الاقتصاد المغربي الذي حقق نمواً مضطرداً تراوح ما بين أربعة وخمسة في المئة على مدى عقد، متوقعاً مواصلة النمو بفضل الإصلاحات المرتقبة وتطبيق الدستور الجديد الذي صودق عليه في تموز (يوليو) وسينبثق منه برلمان وحكومة جديدين. ودعا الصندوق إلى تطبيق سياسة إنفاقية «عقلانية» للتغلب على مشكلات التوازنات على صعيد الاقتصاد الكلي، التي من شأنها العمل على تقليص العجز إلى ثلاثة في المئة من الناتج الإجمالي خلال السنتين المقبلتين، عبر خفض العجز بمعدل نقطتين (نحو 20 بليون درهم). وتستبعد الحكومة المغربية اللجوء إلى بيع أصولها، البالغة 30 في المئة من شركة «اتصالات المغرب» (مملوكة بنسبة 51 في المئة ل «فيفاندي» الفرنسية)، لتمويل عجز الموازنة، أو جزء منه، وتفضل تقليص النفقات الإدارية بنسبة 10 في المئة، وترشيد بعض المصاريف غير الضرورية، مع الإبقاء على الاستثمارات الكبرى في البنية التحتية. وأثنى الصندوق الدولي على النظام المصرفي المغربي ودور المصرف المركزي في السوق المالية وفي التحكم في معدلات الفائدة المرجعية، ما مكنّ البلاد من تمويل مشاريع القطاع الخاص وتأمين سيولة كافية للأفراد والشركات لدعم الاقتصاد ووتيرة النمو وحماية الاحتياط النقدي. وكان المصرف المركزي خفض الاحتياط الإلزامي للمصارف التجارية، ما ساهم في ضخ 45 بليون درهم محلياً وعزز السيولة ومنع أسعار الفائدة من الارتفاع. وقرر الاتحاد الأوروبي منح المغرب دعماً مالياً بقيمة 1.6 بليون درهم، لمساعدته على مواصلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والحقوقية المرتبطة بتطبيق الدستور الجديد، وتشمل تحسين وضع المرأة في المجتمع وتشجيع تعليم الفتاة الريفية وتأهيل الاقتصاد لتطبيق المرحلة الثانية من «الوضع المتقدم» مع دول الاتحاد، المعتمد منذ سنتين، بحلول عام 2013، وهو صيغة وسطى بين الانضمام الكلي إلى الاتحاد والشراكة التجارية معه.