اعتبر وزير الإسكان المغربي رئيس «حزب التقدم والاشتراكية»، نبيل بن عبدالله، أن «الربيع العربي» في المغرب يختلف عنه في بقية الدول العربية التي عاشت حراكاً اجتماعياً وسياسياً، وتباينت نتائجه من بلد إلى آخر وفق قدرة الحكومات الجديدة على الاستجابة لمطالب المواطنين في الإصلاحات وتحسين معيشة السكان. وأكد بن عبدالله في تصريحات إلى «الحياة» أن الرباط لديها مقومات قوية، تدعمها الملكية التي كانت سباقة إلى طرح دستور جديد وانتخابات مبكّرة، وجاءت بحكومة من مكونات كان بعضها في المعارضة، واستطاعت أن تدرج جملة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي الحوكمة والتدبير والشفافية ومحاربة الفساد، على رغم اختلاف الفرقاء حول طريقة تطبيقها. ولفت إلى أن تلك الإصلاحات سبقت الربيع العربي بسنوات، وقال «إن الوضع الإقليمي العربي يواجه صعوبات، كما أن شركاء المغرب الأوروبيين يعانون أزمات مالية واقتصادية، وكلها تنعكس سلباً على أداء الاقتصاد ووتيرة الإنجاز وحجم الإصلاحات، لكن الاستقرار الاجتماعي يساعد في جلب الاستثمارات وتعزيز ثقة المؤسسات المالية الدولية التي بادرت إلى دعم التجربة المغربية المتميزة»، في إشارة إلى دعم «صندوق النقد الدولي» الرباط بخط ائتمان مالي قيمته 6,2 بليون دولار، وتحصيل تمويلات من السوق المالية الدولية بلغت 1,5 بليون دولار، ونية دول مجلس التعاون الخليجي مساعدة المملكة بخمسة بلايين دولار في إطار اتفاق الشراكة الاستراتيجية. وأشار الوزير إلى أن أهم الإصلاحات المرتقبة في المغرب تشمل «صندوق المقاصة» لدعم الأسعار الأساسية، ومعالجة خلل صناديق التقاعد التي تعاني عجزاً مالياً كبيراً قد يطاول آلاف المتقاعدين. ولم يخفِ وجود خلافات بين الغالبية الحكومية حول طريقة معالجة تلك الصناديق، مشيراً إلى أن حزبه يعارض فكرة تحرير الأسعار وإنهاء دور صندوق الدعم لما لذلك من تداعيات اجتماعية كبيرة على الفئات الفقيرة والمتوسطة. وتقدر نفقات «صندوق المقاصة» هذا العام بحوالى 52 بليون درهم (ستة بلايين دولار) تمثل نحو خمسة في المئة من الناتج الإجمالي، وهي النسبة ذاتها المتوقعة في عجز الموازنة نهاية العام الحالي. تنافس حزبي ويعتقد محللون أن الخلاف بين حزب «العدالة والتنمية» الذي يقود الحكومة وغريمه «حزب الاستقلال» المشارك في الحكومة ويطالب بتعديلها، يؤثر في وتيرة أداء الاقتصاد المغربي، الذي يترقب تحقيق نمو بين 4,5 وخمسة في المئة للخروج من دائرة الانكماش التي عاناها العام الماضي وقلّصت النمو إلى 2,8 في المئة، في وقت كانت الحكومة وعدت بنمو يتجاوز أربعة في المئة. واعتبر بن عبدالله أن تلك الخلافات الحكومية تبعث برسائل ضبابية إلى الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين المحليين والأجانب، على اعتبار أن السياسة تشغل الساحة، بينما يجب أن تحظى الملفات الاقتصادية والاجتماعية بالأولوية لأنها سبب الحراك الاجتماعي.