على رغم اشتراك العالمين العربي والغربي، في خاصية سرعة انتشار الإشاعات بين الأشخاص، ومساهمة التقدم التكنولوجي في انتقال الإشاعات الغربية إلى العالم العربي والعكس صحيح، إذ تزخر مختلف المواقع والمنتديات العربية بإشاعات غربية مترجمة إلى اللغة العربية، بينما تترجم المواقع الأوروبية خصوصاً التي تعتبر الجاليات العربية والإسلامية الفئة المستهدفة بالنسبة لها العديد من الإشاعات العربية المترجمة إلى مختلف اللغات. إلا أن الأمر في أوروبا يظل أقل خطورة مما هو عليه الأمر في العالم العربي من حيث تبعات الإشاعة. وبينما يسهل التأكد من مدى صحة العديد من الإشاعات المتداولة في أوروبا، خصوصاً البالغة الأهمية كالإشاعات الطبية أو الخاصة بالأنظمة والقوانين، نظراً لتوافر مواقع إلكترونية حكومية مختصة بتوضيح جميع ما يتعلق بالأنظمة الأوروبية، إضافة إلى مواقع أخرى تدعمها جهات حكومية بالمعلومات الصحيحة، فضلاً عن إنشاء عدد من المتطوعين المختصين، من بينهم أطباء ومهندسون وخبراء في مختلف المجالات، مواقع إلكترونية مختصة لتأكيد أو نفي الإشاعات المتداولة، سواء الصحية منها، أو المتعلقة بالبيئة أو الاستشارات القانونية، وأيضاً بالسيارات والمحرات، وبينما تحظى بعض تلك المواقع برعاية بعض الشركات وتحصل أخرى على تمويلها من خلال الإعلانات المدفوعة، حصلت مواقع أخرى مختصة على موافقة الجهات المعنية لإتاحة الفرصة أمام المتصفحين الذين يؤمنون بأهمية الموقع وخدماته وتمكينهم من التبرع لدعم الموقع حفاظاً على استمراريته. وعلى رغم حرص الكثير من السعوديين والعرب على نشر ما يكتشفونه من حقائق معاكسة لما ساد أو شاع حول موضوع معين من خلال رسائل البريد الإلكتروني، أو إدراج تلك المواضيع في بعض المنتديات، لتعميم الفائدة، إلا أن ذلك لم يكن كافياً أو مقنعاً بالنسبة لمجموعة من الشباب السعوديين، الذين رأوا أن الاجتهاد في التحذير من أمر ما بعد الحصول على المعلومة بالصدفة أو حتى الاطلاع عليها في مرجع موثوق، قد يؤتي نتائج خطرة، وأمر من شأنه أن يحول مجهود الذين يتطوعون عن حسن نية لنشر وتعميم الفائدة، إلى مساهمة في نشر إشاعات متفاوتة الخطورة. وهو ما دفع تلك المجموعة إلى تأسيس موقع إلكتروني يهدف إلى التأكد من صحة الإشاعات المتداولة ومواجهتها بالحجج والحقائق العلمية. المشرف وأحد ملاك موقع «تأكد»، الذي يلخص اسمه الهدف الرئيسي له، اعتبر أن التطور التكنولوجي ساهم بشكل كبير في انتشار الإشاعات نظراً لسرعة تداولها، خصوصاً من خلال رسائل البريد الإلكتروني، وهو ما دفعهم إلى إطلاق «تأكد» وقال: «كان القائمون على الموقع يتلقون الكثير من الإشاعات على بريدهم الإلكتروني، وعلى رغم عدم صحة الكثير منها، إلا أن جميع تلك الإشاعات كانت تصلنا من أصدقاء همهم النصح والتحذير، وكنا دائماً نتمنى إيجاد وسيلة التوعية في ما يخص تلك المعلومات المغلوطة وتصحيحها، ومن هذا المنطلق أسسنا «تأكد». وعن الفرق بين الإشاعات في العالمين العربي والغربي، خصوصاً أن «تأكد» يتعاون مع الموقع الأميركي الذي أطلق عليه مؤسسه صحافي التحقيقات الشهير الأميركي ريك بوهلر اسم حقيقة أم خيال truthorfiction.com، المعني أيضاً بتوضيح حقائق الإشاعات، قال: «الإشاعات منتشرة في الغرب كما هي في العالم العربي، وقد تكون الفئات المتأثرة بشكل أكبر في الغرب هي فئات المراهقين وربات البيوت، وتختلف أيضاً نوعية الإشاعات باختلاف الاهتمامات، إذ تحظى الإشاعات الخاصة بالمشاهير باهتمام المراهقين بشكل خاص، بينما تجلب الإشاعات السياسية اهتمام شريحة أخرى، وهناك إشاعات غربية تنتقل للعالم العربي، ونجد أيضاً أن معظم المواقع العالمية التي تعنى بها هي مواقع أميركية». وعن الإشاعات التي يمكن اعتبارها الأكثر انتشاراً وأهمية من خلال ما يتوصل به موقع «تأكد» قال: «يصعب تحديد أهم إشاعة تناولها الموقع، إذ تختلف أهميتها من شخص لآخر، ولكننا لاحظنا أهمية الإشاعات الصحية والغذائية عموماً، وأهمية الإشاعات المتعلق بالسيارات بالنسبة لفئة الشباب». ويتضح من خلال الإشاعات والمواضيع المنشورة في موقع «تأكد»، أنه يعتمد على معايير تفوق بعض المواقع الغربية ذات التخصص نفسه، إذ بينما تكتفي بعض المواقع الغربية بالاتصال بالجهة المعنية لنفي أو تأكيد الإشاعة، أو اعتماد دراسة علمية معينة كدليل على صحة الإشاعة من عدمه، إلا أن موقع «تأكد» في الغالب لا يكتفي بدراسة واحدة، أو حتى جهة رسمية واحدة لتأكيد أو نفي الإشاعة، وهو ما يبرر بحسب المشرف على الموقع عدم مواكبة تأكد لرغبة معظم قرائه في ما يتعلق بغزارة المواد المنشورة، وقال: «نحاول قدر الإمكان التأكد بشكل كاف من حقيقة الإشاعة قبل طرح الموضوع، ولا نعتبر دراسة علمية واحدة دليلاً قاطعاً، خصوصاً أن عدداً من الدراسات العلمية، تلتها دراسات تفند ما جاء في الدراسة الأولى». وعن سر عدم رغبته في الإفصاح عن اسمه على رغم مرور عامين على تأسيس الموقع، وإطلاق النسخة الجديدة من «تأكد»، قال المشرف على الموقع ل«الحياة»: «نحن مواطنون سعوديون مهتمون بالشأن العام تطوعنا لتأسيس هذا الموقع، ونفضل في الفترة الحالية التركيز على تطوير الموقع، وتحقيق ما يمكن تحقيقه من طموح زوار الموقع، الذين يمكن القول إن نسبة مهمة منهم باتوا متصفحين منتظمين ومخلصين للموقع، ولا يتوقفون عن مراسلتنا، سواء لطلب التأكد من إشاعات معينة، أو لإبداء الآراء والاقتراحات، وما زال هناك الكثير مما نطمح إلى تحقيقه». وعن تمويل الموقع ودعمه، قال المشرف على «تأكد» في نهاية حديثه إلى «الحياة»: «منذ إطلاق النسخة الأولى من الموقع قبل عامين إلى إطلاق النسخة الجديدة منه، وإلى الآن، والقائمون على الموقع هم ممولوه وداعموه الوحيدون، وهو لا شك أمر يعوقنا ويؤخر تحقيق كل ما نطمح إليه من حيث تطوير الموقع، وتوظيف طاقم أكبر، إلا أن ما نحظى به من تشجيع من زوار الموقع، والذين من بينهم من تطوع للعمل كخبير للموقع، وأصبحنا نستشير بعضهم بعد التأكد من تمكنهم في اختصاصاتهم من خلال سيرتهم الذاتية، وأيضاً الدعم المعنوي الذي تلقيناه من بعض الجهات كهيئة الغذاء والدواء التي لم تتردد في الرد على أي من استفساراتنا، وتزويدنا بأي معلومات نحتاجها في إطار اختصاصاتهم، وكذلك الجمعية السعودية لطب العيون، وهي أمور تشجعنا على الاستمرار، على رغم الكلفة المادية العالية نوعاً ما».