لم تنته المواجهات بين المجلس العسكري والقوى الثورية في مصر بعد، لكن جبهة أخرى فتحها «العسكر» مع الغرب بحملته على الجمعيات المفوضة. ففي الداخل، ليس «التحدي الأمني» فقط هو الأبرز أمام الجيش، فهناك «معركة الدستور» المرتقبة بين العسكر والقوى الإسلامية الفائزة في الانتخابات البرلمانية التي تُستأنف مرحلتها الثالثة الثلثاء المقبل. وينتظر العسكر أسبوعاً مليئاً ب «الاختبارات الأمنية»، أولها احتفالات رأس السنة الميلادية مساء اليوم واحتفالات عيد الميلاد عند المسيحيين آخر الأسبوع المقبل، التي تصادف ذكرى حادث كنيسة القديسين الذي راح ضحيته العام الماضي عشرات القتلى والمصابين، وتحل وسط حال من الاحتقان الطائفي خلفتها نتائج انتخابات البرلمان وفوز الإسلاميين الكاسح فيها، فضلاً عن عنف طائفي في محافظة أسيوط في الصعيد على خلفية نشر شاب قبطي رسومات مسيئة للرسول على موقع «فايسبوك»، ما دفع مسلمين إلى مهاجمة الأقباط في قريته، ما خلّف عدداً من الإصابات، إضافة إلى الجدل الدائر حول رفض السلفيين (الكتلة الثانية في البرلمان الجديد) تهنئة الأقباط بأعياد الميلاد، لاعتبارهم أن ذلك الأمر غير جائز شرعاً. وفي هذا السياق، أصدر رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي قراراً بمشاركة قوات الجيش في تأمين الكنائس واحتفالات رأس السنة وعيد الميلاد بالاشتراك مع قوات الشرطة وشباب الثورة. ويرغب الجيش في إنهاء المرحلة الثالثة من الانتخابات بهدوء كما المرحلتين السابقتين. وستجرى الثلثاء والأربعاء في محافظات المنيا، القليوبية، الغربية، الدقهلية، شمال سيناء، جنوبسيناء، مطروح، قنا، الوادي الجديد. ومعروف أن تأمين المقار الانتخابية في سيناء لن يكون يسيراً في ظل المواجهات التي خاضتها السلطات الأمنية طوال الأشهر الماضية ضد جماعات العنف والتطرف هناك. وفي الأفق، ينتظر العسكر «معركة الدستور» ضد القوى الإسلامية التي ضمنت الفوز بغالبية مقاعد البرلمان، ويرغب المجلس العسكري في ضمان الاحتفاظ للقوات المسلحة بأكبر قدر ممكن من الاستقلالية في إدارة شؤونها، فيما تصر قوى الثورة على إخضاع الجيش للرقابة كما باقي مؤسسات الدولة. وفي الخارج، يواجه المجلس العسكري انتقادات جمة، خصوصاً بعد مداهمة السلطات الأمنية، في حضور ممثلين عن النيابة العامة، مقرات عدد من منظمات المجتمع المدني المصرية والأميركية، وإغلاق بعضها. واستغرب العسكر الحملة الغربية على رغم أن إجراءات قانونية اتبعت. وعبرت دول وجهات دولية عدة عن قلقها إزاء هذا الإجراء، واعتبرت المفوضة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون أن هذا «استعراض مقلق للقوة ضد مؤسسات المجتمع المدني، خصوصاً لأنه يأتي في خضم انتقال مصر نحو الديموقراطية». أما مفوضية حقوق الإنسان في الأممالمتحدة، فرأت أن «المداهمات ترمي إلى ترهيب النشطاء». واستدعت الحكومة الألمانية السفير المصري لديها للإعراب عن رفضها هذه المداهمات «غير المقبولة»، فيما أبدت واشنطن قلقها. لكن مصدراً عسكرياً أعرب عن رفضه هذه الحملة الدولية ضد مصر، وقال ل «الحياة» إن «ذلك شأن مصري داخلي، وأي جمعية مسجلة ومشهرة في الشؤون الاجتماعية تقبل تبرعات معلنة وواضحة وتعمل في النور، نحن نرحب بها، وإذا كانت هناك جمعيات تتلقى تمويلاً من جهات وأشخاص غير معلومين، فهنا نعرب عن أسفنا، ونتوقف، فما يتم في الخفاء غير مقبول». وأضاف: «كل العالم يعلم أن المنظمات الحقوقية تحصل على تبرعات، بشرط أن تكون عن طريق مشروع وأن تُصرف في طريق مشروع، أما إذا تم صرفه خطأ، فهذا خطر على البلد». وتساءل: «هل تقبل أميركا أو إنكلترا أو أي دولة في الاتحاد الأوروبي ذلك؟ وقال المصدر: «رئيس وزراء انكلترا ذكر علناً أنه يرفض أي عمل يتعارض مع الأمن القومي لبلاده، وتعاملت الشرطة بقوة مع المتظاهرين، كما رفعت الحكومة الأميركية دعوى قضائية وحصلت على حكم بفض تظاهرة بالقوة... هل يمتنع على الدولة المصرية أن تحمي البلاد من أي خطر يداهمها أو أي خروج على القانون؟».