فشل الداعون إلى «جمعة لم الشمل» في جذب حشود كبيرة في مصر أمس، بعدما رفضت قوى شبابية رئيسية تلبية دعوتهم. ويقول الداعون إلى التظاهرات إن هدفهم هو الجمع بين المتظاهرين في ميدان التحرير المناوئين لاستمرار المجلس العسكري في السلطة، وقوى أخرى تتظاهر في ميدان العباسية (شرق القاهرة) دعماً للعسكر. لكن غالبية الائتلافات الشبابية رفضت تلبية الدعوة واعتبرتها «مشبوهة»، كما رفضت قوى سياسية - في مقدمها جماعة «الإخوان المسلمين» والسلفيون - المشاركة فيها. وتظاهر أمس بضع مئات في ميدان التحرير في القاهرة، ورددوا الهتافات المعتادة التي تطالب برحيل جنرالات الجيش، كما شهد الميدان وجوداً مكثفاً للباعة الجائلين ولم يغلق أمام حركة سير السيارات. وكان عشرات المتظاهرين بدأوا التوافد إلى التحرير منذ الساعات الأولى للصباح. وأقام المتظاهرون منصة واحده توسطت الميدان، قبل أن يؤدي المتظاهرون صلاة الجمعة. وقال خطيب الجمعة في الميدان الشيخ جمعة محمد علي: «نرفض تسمية هذه الجمعة «لم الشمل» لأننا لا نريد أن نضع أيدينا في يد من يقول: آسفين يا ريّس»، في إشارة إلى مجموعة من النشطاء ترفض الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. وانتقد الشيخ علي الحكم القضائي الذي صدر أول من أمس بتبرئة 5 من ضباط قسم شرطة السيدة زينب في قضية قتل المتظاهرين. ووجه رسالة إلى القضاء قائلاً: «إن ثقتنا فيك لم تكن في مكانها الصحيح»، متسائلاً: «كيف تبرّئون (القضاة) خمسة ضباط أيديهم ملطخة بدماء الشعب المصري؟». وطالب الخطيب في ميدان التحرير وزارة الداخلية بإعادة هيكلة الوزارة، ورأى أن التعذيب وتلفيق القضايا ضد المواطنين ما زالا موجودين، وأن وزارة الداخلية وضعت الضباط الشرفاء في مناصب إدارية وجعلت «الضباط الفاسدين» يرأسون أقسام الشرطة. كما انتقد المجلس العسكري و«عدم جديته» في تحقيق مطالب الثوار، وطالبه بتسليم السلطة إلى المدنيين. في غضون ذلك، أعرب عمرو موسى المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية عن تفاؤله بأن العام 2012 سيشهد استكمال مقومات الدولة وبداية إعادة بناء مصر، مرجحاً حدوث توافق بين كل عناصر السياسة والشعب في مصر، بما فيها الأحزاب والجماعات والمجتمع المدني والأفراد. وقال موسى في كلمة بثها عبر الإنترنت: «إن الحركة الوطنية نحو إنقاذ مصر الجديدة ... مصر المستقبل ... تتطلب أن نقف كلنا سوياً وفق برامج وعمل قومي بعيد عن الفساد، وبعيد عن الهزل حتى يمكن أن نحقق ما نريد». وأضاف: «أثق بأن ما حدث في الأيام الأخيرة لن يتكرر بعد ذلك، ولن يتكرر سقوط شهداء، ولن يتكرر وجود المئات من الجرحى... ولن يتكرر الصدام والطوب والرصاص والفوضى التي جرت، ولا نستطيع أن نتحمل فوضى مثل تلك التي حدثت بل يجب أن نكون كلنا يداً واحدة نتقدم إلى الأمام». وطالب موسى المصريين ب «أن تقفوا وقفة رجل واحد لإعادة بناء مصر، وهو أمر ممكن لأن دولاً كثيرة قامت بالشيء نفسه ونجحت». ورأى أن الحديث في «توافه الأمور ... يمكن أن يقضي على أمل مصر». كما طالب ب «تجاوز كل المسائل البسيطة التي أدت ... إلى التوتر الذي جرى والصدام الذي رأيناه. وأطلب منكم أن نقف وقفة رجل واحد في 2012 ونتجاوز الأمور البسيطة، ونعلم أن مصر إن لم ننقذها بسرعة فلا نلوم إلا أنفسنا». على صعيد آخر، أطلت «الفتنة الطائفية» مرة أخرى على مصر، إذ وقعت مساء أول من أمس اشتباكات بين مسلمين وأقباط في إحدى قرى محافظة أسيوط، تبادل فيها الجانبان الرشق بالطوب والزجاجات الحارقة (المولوتوف) على خلفية نشر شاب مسيحي صوراً اعتبرها المسلمون «مسيئة للرسول». وأقدم مئات المسلمين الغاضبين على إحراق منازل يملكها أقباط في القرية الواقعة جنوبالقاهرة، فيما سقط عدد من الجرحى من الطرفين، قبل أن تتدخل قوات الشرطة والجيش لتفريق المحتجين. وكانت اشتباكات وقعت مساء بين المسلمين والأقباط في قرتي بهيج والعُدر التابعتين لمحافظة أسيوط، نجم عنها العديد من الإصابات السطحية بسبب التراشق بالطوب والحجارة بين الطرفين، على خلفية نشر طالب مسيحي يدعى مسعود عبداللاه رسوماً اعتُبرت مسيئة للرسول الكريم على صفحته على «فايسبوك»، الأمر الذي أثار مسلمي القرية الذين سعى بعضهم صباح أول من أمس إلى الإمساك بالطالب، لكن محاولاتهم باءت بالفشل. ومع حلول المساء اشتبكوا مع أقباط القرية وأضرمت مجموعات منهم النار في خمسة من منازل القرية، قبل أن تتدخل قوات الشرطة والجيش لتفريق المحتجين، ونقل أسرة الطالب إلى مكان آمن. وعلى صعيد الاحتفالات بأعياد الميلاد، أعلن حزب النور السلفي أنه لن يلبي دعوة الكنيسة لحضور قداس عيد الميلاد، على عكس موقف جماعة «الإخوان المسلمين» التي أعلنت في وقت سابق أنها ستحضر بوفد يرأسه نائب مرشدها العام محمود عزت. ويأتي ذلك فيما نظم أمس العشرات مسيرة احتفالية جابوا فيها ميدان التحرير وصولاً إلى كنيسة قصر الدوبارة في شارع الشيخ ريحان القريب من الميدان. وأعلن حزب النور السلفي الذي حل وصيفاً في نتائج الانتخابات أنه لن يشارك في قداس الميلاد واعتبرها مناسبة تتصادم مع العقيدة الإسلامية، الموقف نفسه تبنته الجماعة الإسلامية والتي تنخرط مع النور في تحالف إسلامي يضم أيضاً حزب الأصالة السلفي. وقال المتحدث باسم الحزب نادر بكار، إن الحزب لن يحضر احتفالات عيد الميلاد.