استعاد سعوديان، الحقبة الدلمونية، التي ازدهرت في سواحل الخليج العربي قبل نحو خمسة آلاف سنة، بطريقة «فنتازية»، عبْر تقريبها من الواقع المعاصر. إذ أبحر كل من تهامي عربي ورملاء الحلال، في هذه الحضارة العريقة، للتعرف على نمط الحياة، وكل ما يتعلق في الأزياء ووسائل التزيين والأختام الفردية، ليستخدموها في صناعة أشكال المنتجات الاستهلاكية التي يقبل عليها الناس حالياً، مثل المشروبات، والأجهزة الإلكترونية. وإمعاناً في «الفنتازيا»، اختار تهامي ورملاء اسم «بقايا تهرملون» لمجموعة منتجاتهما. وجاء النصف الأول من اسم المجموعة «ته» من «تهامي»، والذي يليه «رمل» من «رملاء». أما «لون»، فمن «دلمون»، ليعبر عن أصل الحضارة التي استحضراها من الماضي، تواصلاً مع الحاضر. وتستعرض رملاء، نتفاً من تاريخ هذه الحضارة، التي «قامت في جزيرة البحرين وشرق الجزيرة العربية، وعرفها السومري ب «أرض الفردوس»، و»أرض الخلود والحياة». وكان مركزها قبل نحو خمسة آلاف سنة، في جزر البحرين، وتاروت، في القطيف، التي سُميت «جنة دلمون»، لأنها كانت تحوي مقبرة دلمون، ومثلت مركزاً استراتيجياً مهماً، فهي حلقة الوصل بين بلدان الشرق الأوسط والأدنى». وأبان تهامي أن هذه الحضارة «امتدت على طول الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية، من جزيرة فيلكا الكويتية، حتى حدود حضارة مجان في سلطنة عمان، وحضارة أم النار في إمارة أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة. وعُرفت دلمون بهذا الاسم عبر التاريخ لأنها محاطة بالماء من كل ناحية». ويشرح تهامي، فكرة مجموعتهم الخاصة «تهرملون»، قائلاً: «استلهمنا هذه المجموعة من حضارة دلمون، وما تضمنته من روعة أختامها ذات الجودة الفنية العالية، المُصنعة في شكل استثنائي، والتي كانت تمثل سجلاً للحياة، وكعلامة تجارية للتوقيع على الاتفاقات. ولعل بعضها كان يستخدم كتمائم للروح. وفيما تفنن الأغنياء فيها، بالاستعانة بمتخصصين مهرة في صناعة أختامهم، صنعها الفقراء بأنفسهم، فبدت بسيطة ولكن رائعة، كأرواحهم». وأضاف «أردنا تقديم عمل يكون فنياً، بأسلوب دلموني، وكأنه من نسيج ذلك العصر، وصنعنا من هذه الأختام المحورة حلي، لنوضح أن لهذه المنتجات قيمة تفوق أو تقترب من قيمة الحلي الثمينة عند المستهلكين، إذ كانت الشعارات غنية وبارزة جداً في بعض أعمالنا. ولا تكاد تَبِين إلا بصعوبة في البعض الآخر، مستلهمين الفروق الطبقية بين أختام الأغنياء والفقراء في ذلك الزمان». وعن المعادن المستخدمة في صنع هذا النوع من الحلي، ذكرت رملاء، أنها «الفضة، النحاس، والأحجار الكريمة، التي تتداخل في بعض القطع، مثل الماس والعقيق»، مبينة أن الفكرة استلهماها من «أصحاب الخبرة، ومن الكتب، التي تجد إقبالاً محدوداً، من المهتمين في الحضارات القديمة». وذكر تهامي ورملاء، أن القطع المنتجة «نالت إعجاب الكثيرين. لكننا لا نستطيع التعميم، فالبعض لا يهتم في هذا النوع من المنتجات». ولفت تهامي إلى أن الفئة المستهدفة بالنسبة لهم هي «الطبقة فوق المتوسطة، أو المتوسطة»، مبيناً أن «القطع هي من الفئة المنفردة، المختلفة». وتتضمن الرسالة التي يسعى مؤسسا المشروع إلى بثها، من خلال هذا المنتج، أننا «نملك تاريخاً إنسانياً عريقاً، يجب أن نبرزه لأنفسنا أولاً، ثم للآخرين، ليس من أجل التباهي بما نملك فقط، بل من أجل التواصل الإنساني». وأضافا «سنكمل المشوار، ونبتكر قطعاً مختلفة، بذات الروح، لكن بأسلوب مختلف». واستوحى عربي والحلال، الفكرة، «بمحض الصدفة»، مبينين أنها انطلقت من خلال «نقاش عن الحضارات القديمة». وذكر تهامي أنه «على رغم محدودية الفكرة لدى البعض، إلا أن نقاشاً دار بيننا حول حضارة دلمون، هو ما دفعنا إلى التفكير في إنشاء هذه المجموعة»، لافتاً إلى أن النور الذي أشعل الفكرة «انبثق من كتاب مهمل، جاءني كهدية من أحد الأشخاص، وتضمن ذلك كنزاً من المعلومات عن دلمون وأختامها». والكتاب الذي أحدث فارقاً في مشوارهما «صوَّب من وجهتنا والتي بدأت من خلال العمل على مجموعة مستلهمة من الروحانيات، واستطعنا إخراج أول قطعة منها إلى النور». وأشارت رملاء إلى أن حضارة دلمون «أثارت حماسنا، وجعلتنا نستغرق في عمل متواصل لنحو شهرين».