ما تعريف الناشز؟ سواء أكنت رجلاً أو امرأة ستجيب بثقة: هي المرأة التي قصرت في حقوق زوجها! هذا جزء من الإجابة، تستحق عليها «درجة سعودتك» كاملة.. أولاً، لأن النشوز فعل يأتيه الزوج، كما تأتيه الزوجة «واللاتي تخافون نشوزهن»، «وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً». وثانياً، لأنك حين تلتزم بالتعريف المائل كل الميل «التقصير في حقوق الزوج» وتحاول تعداد هذه الحقوق ستتسع القائمة من إحضار كأس ماء له أثناء متابعته لمباراة إلى خدمة أمه وأبيه وهو مسافر (سياحة خارجية)! على رغم أن باب الزواج في الفقه الحنبلي يفتتح عادة بعبارة واضحة «المعقود عليه في النكاح هو منفعة الاستمتاع» أي العلاقة الحميمة... وعليه فكل الخدمات المتبادلة بين الزوجين داخلة في إطار التواد والتعاون. أرجو ألا يتطوع أحد فيقول إن عمل المرأة في بيت زوجها في مقابل إنفاقه عليها، فالإنفاق شرط القوامة. والقوامة أن تكون له الكلمة العليا في قرارات البيت، وهذا امتياز تكفله النفقة للزوج، فإن لم ينفق سقطت قوامته «الرجال قوامون على النساء بما فضلنا بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم». إذاً فالنشوز محصور في الإخلال بالعلاقة الحميمة بين الزوجين، مما قد يستتبع الخيانة لا قدر الله، ولأن الزنا من الكبائر يحتاط الدين قبل وقوعه؛ لاحظوا اختيار مفردة الخوف في الحالتين، ومثلها «فإن خفتم ألا يقيما حدود الله». والخوف استشعار الخطر قبل حدوثه، ورصد المؤشرات الدالة على إمكان وقوعه مستقبلاً. «فإن خفتم» فليسارع المعني بالأمر في العلاج بالتأديب، بالصلح، ثم بالتحكيم لمساعدة الزوجين في تعديل مسار علاقتهما فلا ينشز طرف (يظهر ويرتفع) على الآخر. أما إن رجح لدى المعني أن لن يحسن أحد الزوجين أو كلامهما العشرة وجب التفريق بينهما برضاهما أو دونه. في العُرف السعودي لا يتذكر الجميع إلا آيات تأديب الزوجة مبرراً لامتهانها جسدياً ولفظياً ونفسياً متجاهلين أو جاهلين أن هذا التأديب لا يحل إلا في حالة امرأة، يخشى أن ترفض عشرة زوج غير ناشز أو باغٍ. والسؤال: كم ناشزٍ بعقال وغترة في السعودية؟ العقلية الذكورية استبقت السؤال فحشرته في باب ما لا ينبغي للمرأة أن تتحدث فيه. وإذا استشعرت زوجة بوادر نشوز في زوجها، كافحته بوصفات رفيقات، سيشعرنها أنها قصرت أو أهملت في حقه ثم يدفعنها لمزيد من التجمل مع التذلل، فتتجمل وتستبطن غضباً من عشيرها يفور في أوسط العمر أو أرذله بروداً عاطفياً لا شفاء منه. هل نؤدب الرجل الناشز؟ حاشا بأن أطالب بتكييف العقوبات ذاتها، فتعظه زوجته، وتهجره، ويأمر القاضي بضربه، سأتحدث عما قبل النشوز: من المهم التنبه للمنهج الخفي في كتب الفقه المدرسية، هذه الكتب تسود صفحاتها بحقوق الزوج، ثم تمر مروراً غير كريم على حقوق الزوجة، فتوحي بأن كل ما لها هو النفقة وأن يعدل بينها وبين زوجاته الأخريات متى وجدن، وعلى من أرادت فوق ذلك أن تحتال له حتى يجود بما يجود. لمصلحة الأسرة كلها يجب تقنين أصول العشرة بين الزوجين في شكل اشتراطات وعقوبات، توضح الحقوق تفصيلاً، وتشرح عقوبة من يؤذي زوجته جسدياً أو نفسياً، ومن يغتصبها باسم حقه في العلاقة الحميمة حين لا يعود فيها من الحميمية شيء. يجب اعتبار مدمن الأفلام الإباحية و متعاطي المخدرات ممن يخاف نشوزهما. ينبغي أن تنظم هذه الاشتراطات في تعليمات ملزمة للجهات التنفيذية والقضائية، فيشدد على الشرطة بالجدية في تلقي بلاغات الزوجات. ولنتذكر أنها إذ لا تسارع في خدمة امرأة سارعت قبل شهرين في الزج بامرأة في السجن إكراماً لولي سبق أن اشتكت أذاه دون أن يتحرك في تيجان العدالة ومقصاتها ما يقتص لها. يجب أن يعاقب القاضي حين تشكو له زوجة بعلاً ناشزاً فيضطرها لأن تخلعه. الخلع باب، والتفريق بسبب النشوز باب آخر، لكن القضاة السعوديين يصرون على تغريم من تطلب الطلاق ردعاً لأمثالها، وقد لا يعلم القاضي حين يرهق امرأة مروراً بمكتبه الجافي ثم يضطرها لأن ترد لزوج آذاها مهراً استحقته أن الله سيسأله حين ينشز الرجل ذاته على أخرى/أخريات. * كاتبة سعودية.