اختارت «حركة العدل والمساواة» الدكتور الطاهر الفكي رئيساً موقتاً لها خلفاً لزعيمها الدكتور خليل إبراهيم الذي قُتل قبل أيام بغارة جوية سودانية. وقال الفكي في اتصال هاتفي أجرته معه «الحياة»، إن الحركة المتمردة في دارفور ستواصل السعي إلى إزالة نظام الرئيس عمر البشير «لإقامة دولة المواطنة مكانه»، وذلك ب «التعاون مع الجبهة الثورية السودانية» وقوى سياسية أخرى. وأفاد أنه كلّف قيادات الحركة مواصلة أدوارها في مواقعها المختلفة، معتبراً أن خليل «مات مرفوع الرأس» وأن حركته «متماسكة وستواصل السير على طريق» زعميها الراحل. واستهل الفكي حديثه الهاتفي مع «الحياة» بالقول: «أعزّي نفسي وإخواني في حركة العدل والمساواة وأسرة الشهيد الدكتور خليل ابراهيم، كما أعزّي المهمشين في السودان وأهلنا الغلابة والمساكين الذين كان الدكتور خليل يسعى من خلال حياته العامرة لأن يجد لهم المأوى والمسكن والمشرب والتعليم، ولم يطلب لنفسه شيئاً في هذه الدنيا الفانية». وقال إن «الدكتور خليل مات مرفوع الرأس من أجل قضية حملها، فترك لنا إرثاً كبيراً، وأطمئن أعضاء الحركة (العدل والمساواة) والشعب السوداني إلى أننا نسير على الطريق نفسه، وإن شاء الله نُكمل المشوار، كما أطمئن أعضاء الحركة والشعب السوداني إلى أن الحركة متماسكة عسكرياً وسياسياً، وأن القيادات العسكرية كلها أدت القسم مرة أخرى على أن لا رجعة حتى يتم تحقيق الأهداف أو يموتوا دونها». وقال الفكي الذي سيقود الحركة المتمردة حتى انتخاب رئيس أصيل قد يكون هو أو شخصية أخرى، إنه يحيي «كل الذين وقفوا معنا في هذه المحنة (اغتيال خليل)»، مؤكداً أن «حركة العدل تسعى بالتعاون مع الجبهة الثورية السودانية (تشكلت حديثاً وتضم حركات مسلحة دارفورية والحركة الشعبية في شمال السودان) وكل القوى السياسية الراغبة في العمل من أجل إزالة نظام (حزب) المؤتمر الوطني (الحاكم في الخرطوم)، واستبداله بدولة المواطَنة ودولة يجد فيها كل إنسان نصيبه وحقه بقدراته وليس بعرقه أو جنسه أو دينه أو قبيلته أو أي شيء آخر». وشدد على أن «المسيرة ستستمر، وكلفنا كل القيادات، سواء العسكرية أو التنفيذية، بمواصلة أدوراها بالتركيبة نفسها التي تركها الشهيد خليل، وسيستمر العمل كما كان. وإن شاء الله سنتواصل مع القوى السياسية السودانية (المعارضة) وكل الراغبين في تغيير إلى الأحسن من أجل الشعب السوداني». وسألته «الحياة» عن كيفية اختياره رئيساً للحركة فأجاب: «أجريت كرئيس للمجلس التشريعي (في الحركة) اتصالات واسعة مع القيادات العسكرية، وهذا جانب مهم، وهم (القادة العسكريون) بادروا إلى التشديد على أن الحركة مؤسسة ولا بد من الالتزام بالعمل المؤسسي. كما تكلمت مع معظم أعضاء المجلس التشريعي وأصروا بدورهم على المؤسسية. كما تكلمت مع أعضاء مكاتب الحركة، وشددوا أيضاً على المؤسسية وضرورة أن نثبت أن العمل المؤسسي لا ينتهي ولا يختفي بذهاب أحد». وأوضح أن دستور الحركة ينص على أن يتولى رئيس المجلس التشريعي رئاسة الحركة في حال غياب الرئيس، سواء بسبب الوفاة أو لأي سبب آخر، وعلى أن يتم عمل ترتيبات لاختيار رئيس جديد خلال 90 يوماً «وسأحاول أن يكون ذلك خلال هذه المدة، وأتمنى أن يوفقني الله لأعمل هذا في فترة وجيزة، وسأحاول بإذن الله الوصول إلى إجماع عام حول شخص واحد (رئيس) من الذين تختارهم حركة العدل والمساواة (تنتخبهم في مؤتمر عام)». وعن كيفية اغتيال خليل إبراهيم، قال: «إن الدلائل كلها تشير إلى أن العمل غير سوداني، لأن دقة التصويب المباشر على الدكتور خليل في العملية وهو على مسافة (بسيطة) من مكان تواجد الجيش، يدل على أن الفاعل قوى خارجية لديها القدرة على الطيران في الثالثة صباحاً والتصويب (بهذه الدقة)، والجيش السوداني ليس لديه الاستطاعة والقدرة لفعل هذا». وأضاف: «إننا خلال السنوات الماضية كنا تحت وابل النيران التي ترمي بها طائرات أنتونوف (سودانية من انتاج روسي)، وفي إحدى المرات رمتنا تلك الطائرات بنيرانها الكثيفة المتواصلة لمدة ستة أسابيع ولم يصب إلا فرد واحد بجرح بسيط. أما عملية اغتيال الدكتور خليل إبراهيم، فهي -كما تؤكد الدلائل- مرتبة ومدبرة من قوى أجنبية بالتعاطف مع قوى محلية، ولا داعي (الآن) لذكر الأسماء». وقال: «نحن كحركة لم نكن نتوقع في أي لحظة أن يصل مستوى (حزب) المؤتمر الوطني إلى هذا الدرك الأسفل في عمليات التصفية الجسدية. هم يظنون أن تصفية الدكتور (خليل) معناها تصفية القضية، لكن الصحيح عكس ذلك، وسيؤدي إلى دخول جماعات وأفراد في عضوية الحركة. وفعلاً في هذه الأيام انضمت أعداد كبيرة (من السودانيين) إلى الحركة، كما أن جيشنا متماسك، وسنعمل الآن على ازالة النظام (نظام البشير) وبالعمل المشترك مع «الجبهة الثورية» وكل القوى السياسية التي تريد التحرر من قبضة المؤتمر الوطني». والدكتور الطاهر الفكي (مواليد عام 1954) خريج كلية الطب في جامعة الخرطوم عام 1978، وهو من مدينة النهود في شمال كردفان الإقليم المجاور لدارفور. وكان الفكي قد عمل طبيباً في الخرطوم والنيل الأزرق، ثم في اليمن، وعاد إلى السودان وعمل في قسم التشريح وفي السلاح الطبي، ثم غادر إلى بريطانيا للدراسة، وكانت لديه آنذاك طفلة تعاني من مرض في القلب ما حال دون مواصلة مسيرته في لندن لبعض الوقت. لكن بعد وفاة ابنته عمل في مستشفى قرب لندن ومازال يعمل فيه. وكان قد انضم إلى «حركة العدل» منذ عام 2003.