الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    عبدالرزاق قنبر.. من تجارة «الأرزاق» إلى صناعة الخرسانة الجاهزة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    مركز الأطراف الصناعية في تعز يُقدم خدماته ل 416 مستفيدا خلال شهر نوفمبر الماضي    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    كاساس: دفاع اليمن صعب المباراة    حسين يقود العراق لفوز صعب على اليمن    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    حوار «بين ثقافتين» يستعرض إبداعات سعودية عراقية    5 منعطفات مؤثرة في مسيرة «الطفل المعجزة» ذي ال 64 عاماً    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    أوروبا تُلدغ من جحر أفاعيها !    مترو الرياض    التحذير من منتحلي المؤسسات الخيرية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    دراغان: مشاركة سالم الدوسري فاجأتنا وكنّا مرهقين    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل    إن لم تكن معي    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    القصيم تحقق توطين 80% من وظائف قطاع تقنية المعلومات    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية "أرويا"    المدينة المنورة: وجهة استثمارية رائدة تشهد نمواً متسارعاً    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    المملكة ترحب بتبني الأمم المتحدة قراراً بشأن فلسطين    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الأهلية ممر إجباري؟
نشر في الحياة يوم 21 - 12 - 2011

بعد تسعة اشهر على اندلاع الانتفاضة السورية، وبروز تصميم الحراك الشعبي على التظاهر والإصرار على اسقاط النظام، وبعد فشل الخيار الامني في وضع حد لهذا الحراك، يبدو ان النظام السوري حسم خيار الحرب الأهلية ممراً إجبارياً للقضاء على الانتفاضة وعلى استمرار النظام بصيغته الراهنة، بعدما ظهرت استحالة إدخال إصلاحات على بناه.
فهو يتقن النظام السوري بشدة إدارة الحروب الأهلية، هو الذي مارسها في علاقته مع الكيانات المجاورة، ولا سيما من خلال هيمنته على لبنان على امتداد ثلاثة عقود من الزمن. عندما يجري استحضار الحرب الاهلية اللبنانية ومقارنتها بما هو جار حتى الآن على الأرض السورية، يتبين وجه الشبه في هذه الادارة. أتقن النظام السوري في لبنان تسعير الصراع بين الطوائف، وعمل على اللعب على الوتر المذهبي لتجييش القوى بعضها ضد بعض، من دعم لهذه القوى الطائفية في مرحلة محددة، الى الانقلاب عليها واحتضان أخصامها، ومن شق الأحزاب وإدارة الانقسامات بين أطرافها والتدخل في شؤونها العامة والداخلية. كان متيقَّناً ان سبيل احتفاظه بالهيمنة على الوضع اللبناني يمر عبر الحياكة اليومية للصراعات الاهلية والمذهبية. لا نبرئ المجتمع اللبناني من تسهيل هذا اللعب ببناه، فقواه السياسية قدمت كل الممرات اللازمة لهذا الاختراق السوري لهذه البنى، حيث استعانت جميعها بالنظام السوري في تصفية صراعات بعضها مع بعض. من هنا، يمكن القول ان هذا النظام يدير حرباً أهلية اليوم في بلده، وهو يحمل ذخيرة تجربة في ادارة هكذا الحرب كَسِبَها في لبنان من جهة، ومن اللعب ايضا بالساحة الفلسطينية عبر ادارة الانشقاقات والانقسامات بين صفوفها والتصفيات في قياداتها.
يتحمل النظام السوري المسؤولية الأساس في انزلاق الانتفاضة السورية الى الولوج في نفق الحرب الأهلية، فمنذ اندلاع الانتفاضة، كان صريحاً في تصريحاته بأن سقوط العصبية الحاكمة سيعني تدمير البلد، وكان صاحب شعار «إما انا او الانهيار». ومنذ الأسابيع الأولى خاض معركة شرسة في التحريض الطائفي والمذهبي، فصوّر الصراع الدائر على أنه بين حركات إسلامية متطرفة، من سلفية ووهابية وتنظيم القاعدة، الهادفة الى الهيمنة على الأقليات العلوية والمسيحية والدرزية والأشورية، التي باتت مهددة في وجودها، بما يوحي لهذه الاقليات ان دفاعها عن النظام القائم هو السبيل الوحيد لضمان هذا الوجود من التطهير والتهجير. في المقابل، كانت الحركة الشعبية، ومنذ اليوم الاول للحراك، مصرّة على سلمية الانتفاضة، وعلى التأكيد على شمولها كل مكونات الشعب السوري (الشعب السوري واحد واحد)، وخاضت قواها نقاشاً صريحاً ضد اي عسكرة لها، بل كان هناك وعي شديد بأن التحول العنفي في مسار الحراك هو مطمح أهل النظام، ومقتل للمعارضة. واذا كانت الانتفاضة قد بدأت تشهد عنفاً ليست قواها بعيدة عن بعض مظاهره، من قبيل عمليات رد فعل على فعل «الشبيحة»، وبعض عمليات القوى المنشقة في الجيش، فإنما يجب ان تقرأ هذه الافعال على كونها اضطراراً وليس خياراً. لكن هذا الاضطرار لا ينفي ان منطق الحرب الأهلية والانخراط في بعض اشكالها قد بدأ يغزو قوى الانتفاضة نفسها، تعبئة وممارسة.
ما يزيد من خطورة تصاعد الحرب الاهلية، ان الحديث في شأنها لم يعد محلياً ومقتصراً على القوى الداخلية، بل انتقل ليصبح حديثاً عربياً وإقليمياً ودولياً. لم يكن بالامكان للتدويل ان يأخذ مكانه في حسم الصراع ضد النظام، على غرار ما جرى في ليبيا، لاسباب تتصل بطبيعة الوضع السوري أولاً، وبعجز القوى الدولية والعربية عن تأمين الغطاء الضروري لمثل هذا التدخل. وأمام تعنت النظام وإصراره على العنف وعلى تدفق شلال الدم المتواصل ضد الشعب السوري، يبدو ان تشجيع تصاعد الحرب الأهلية بات مطلباً دولياً وعربياً الى امد غير محدود. خلال الاسابيع الماضية تقاطعت التصريحات العربية والدولية، من الامين العام للامم المتحدة، إلى الإدارات الأميركية والأوروبية، على القول بدخول سورية نفق الحرب الاهلية. المقلق في هذه التصريحات ان القوى الاقليمية والدولية، وامام العجز عن ايجاد حلول لوقف العنف نتيجة مسلك النظام السوري، ترى في تشجيع اندفاعة الحرب الاهلية وتغذية قواها، كما جرى في الساحة اللبنانية سابقاً، خيرَ وسيلة لإنهاك النظام والانتفاضة على السواء، بما يؤدي الى تعريبٍ وتدويلٍ «يلقي القبض» على الوضع السوري ويخضعه لاتفاق دولي–عربي، على غرار ما جرى في اتفاق الطائف اللبناني. سيحتاج هذا المسار الى فترة زمنية غير قصيرة تتم فيها الجراحة، ويتحقق من خلالها تدمير الكيان السوري وتفتتيت وحدته الوطنية، وانهيار مجتمعه واقتصاده وتمزق نسيجه الاجتماعي وتعميق انقساماته الطائفية والمذهبية والإثنية. لعل الطريق اللبناني بات نموذجا يحتذى لحل الأازمة السورية.
* كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.