نجحت الاتصالات المكثفة التي جرت امس وأول من امس، في الحد من تفاقم التصعيد في المواقف في شأن المشادة الكلامية العنيفة التي حصلت خلال جلسة الأسئلة والأجوبة الستة للحكومة في المجلس النيابي اللبناني بين نائبي «حزب الله» نواف الموسوي و «الكتائب» سامي الجميل، على خلفية سؤال الأخير عن «أعمال حفر وإمدادات غير مشروعة لشبكة المقاومة في بلدة ترشيش». وأفضت المساعي الى تقديم اعتذار من الموسوي عن الكلمة النابية التي صدرت عنه، فيما سارع الجميل الى عقد مؤتمر صحافي في ساحة النجمة، اهدى فيه الاعتذار الى الشعب اللبناني، وتمنى ان يكون «بداية لنزول حزب الله من عليائه». وقال الموسوي، في تصريح وزعته العلاقات الاعلامية في «حزب الله» امس: «التزاماً مني بقيم الحزب وأدبياته، أتقدم من دولة رئيس المجلس النيابي الموقر الاستاذ نبيه بري وزملائي النواب بالاعتذار عن الكلمة النابية التي وردت في سياق ردي بالأمس»، مؤكداً «المضمون السياسي الكامل لما ورد فيه». أما الجميل فقال: «نحب ان نهدي اعتذار السيد نواف الموسوي الى الشعب اللبناني والى الديموقراطية في لبنان، ونعتبر ما حصل بالامس لم يحصل في حق نائب، ونحن لسنا موجودين هنا في هذا المجلس بصفتنا الشخصية، انما موجودون عن الشعب اللبناني، وبالتالي هذا الاعتذار اليوم هو للشعب اللبناني». وأضاف: «نعتبر ان هذا الاعتذار خطوة اولى لنزول حزب الله الى مستوى بقية اللبنانيين، ونتمنى ان تكون هذه الخطوة الاولى وليست الاخيرة لاعتراف حزب الله بالرأي الآخر، وأن يتقبل الرأي الآخر ويسمع له، ويعتبر ان من يقول له الحقيقة هو الذي يريد بالفعل مصلحة لبنان، والذي يقول ما في قلبه يجب ان لا يخاف، ويجب الخوف ممن يضمر شيئاً للآخرين». وتابع: «طالما ردينا اليوم الصباط (الحذاء) الى المحل، ولم يعد من أحذية في المجلس النيابي، أصبح في إمكاننا اليوم العودة الى الموضوع الاساسي، وهو لماذا حصل هذا السجال؟ اذ كنا نسأل الحكومة بأي حق وتطبيقاً لأي قانون يحق لمجموعة غير رسمية مد شبكات اتصالات، وحفر الطرقات العامة، وخلق مجموعة أمنية متنقلة على كل الاراضي اللبنانية لتراقب جميع اللبنانيين من دون أي وكالة من الدولة اللبنانية، ومن دون أي إذن من احد، وتتخطى صلاحيات كل الأجهزة الأمنية اللبنانية، نسأل: بأي حق تقوم مجموعة من الأشخاص والأفراد التابعين لمجموعة غير رسمية، بتوقيف اللبنانيين والتحقيق معهم، هذا السؤال كنا نتوجه به الى الحكومة». وزاد: «لا نريد ان يتم غض النظر عن الموضوع الاساسي، ونعود إليه لنتلقى الأجوبة عليه، لأن اللبنانيين، ونحن بصورة خاصة، قلقون ان يكون في شوارعنا وفي بلداتنا وفي كل المناطق اللبنانية مجموعات امنية تتحرك وتراقب، وقد تكون تتجسس على اللبنانيين، وذلك كله من دون أي إذن أو أي توكيل، وخروجاً على كل القوانين اللبنانية وعلى الدستور اللبناني ككل». وتوجه الجميل بالشكر الى الرئيس بري على «كل الجهد الذي بذله وقام به منذ البارحة واليوم، ونتمنى بعد ما حصل ان تعود الامور الى نصابها، ونعود لنتحدث بكل ما نريد ان نتحدث به في المجلس النيابي من دون ان نضطر الى ان ننزل الى هذا المستوى من التدني، وان شاء الله تكون هذه بادرة طيبة يتلقفها جميع اللبنانيين بشكل ايجابي، وننتقل منها الى حياة نيابية ديموقراطية سليمة». وعندما قيل له: هل انت راض عن الاعتذار، خصوصا انه لم يكن مباشراً؟ اجاب: «البيان أمام كل الناس، وهو جيد، وأصبح بين أيدي جميع اللبنانيين والنواب، واظن ان الرسالة وصلت واضحة امام الجميع». وذكرت وكالة «الانباء المركزية» ان «لقاء مطولاً عقد ليل اول من امس، بين رئيس حزب «الكتائب» الرئيس امين الجميل ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط في منزل النائب نعمة طعمة وفي حضور سامي الجميل. واكد الجميل وجنبلاط اهمية بذل المساعي الممكنة لتهدئة الاوضواع». ووصف عضو كتلة «المستقبل» النيابية محمد الحجار «ما حصل بأنه مسيء لصورة المجلس النيابي والمؤسسات الدستورية، التي يجب أن تعطي للشعب اللبناني صورة عن الديموقراطية الحقة، وبالتالي كلام الموسوي مسيء له بالدرجة الاولى، وأتصور إنها فورة غضب، وكلامه عن الأحذية لن يخيفنا، ولا يفيد المقاومة». ورأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» قاسم هاشم، أن «ما شاهدناه في المجلس النيابي أصبح وراءنا، وعلينا ألاّ نقف كثيراً عنده، ولكنه يعكس المناخ العام الذي ينبئ بالكثير من الخطر إذا استمرت الأجواء على هذا النحو، ما يدعو الجميع الى التعاطي بحكمة والتفتيش عن مساحة تفاهم». «اتهامات خطيرة وغير مسؤولة» وفي موقف آخر، ردَّ «حزب الله» في بيان على ما أدلى به بعض شخصيات «قوى 14 آذار» عن التفجير الذي استهدف قوات «يونيفيل» اعتبروا فيها الحزب مسؤولاً، ورأى «إن التصريحات خطيرة وغير مقبولة، كما أن الذين أدلوا بها يتصرفون من موقع أنهم جزء من مخطط استهداف المقاومين، ما يدفعهم إلى إطلاق هذه الاتهامات غير المسؤولة». واعتبر «ان ما قام به هذا الفريق ليس بالجديد، اعتدنا على معزوفة الاتهامات السياسية من دون دليل، إذ إن ما قاله وما يقوله هؤلاء لا يندرج في إطار التحليل، وإنما في إطار الاتهام المباشر من دون تقدير العواقب». واضاف البيان: «إن حزب الله إذ يستنكر هذه الاتهامات السياسية، فإنه يحذّر من خطورة هذا السلوك وما يترتب عليه من تداعيات وأخطار تضر بالبلد وأهله».