فرضت نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية والتوقعات بفوز حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، بالغالبية النيابية في نهاية المرحلتين المقبلتين، نفسها على دوائر الجماعة التي تؤكد قيادات فيها ل «الحياة» أنها «مرعوبة ومرتبكة من ثقل المسؤولية». ورغم خبرة «الإخوان» بالعمل السياسي، إلا أنها المرة الأولى التي يسيطرون فيها على مفاصل البرلمان. وأوضحت هذه القيادات أن «الغالبية النيابية تفرض مسؤوليات جساماً، سواء داخل البرلمان من تشكيل اللجان البرلمانية أو انتخاب رئيس له، وهو ما يسعى الإخوان إلى أن يكون توافقياً وليس محسوباً على تيار بعينه، ناهيك عن المسؤولية الشعبية». وأقرت بأن الجماعة «تتحاشى الدخول في أي صدامات مع أي قوى في مصر، خصوصاً في هذه المرحلة، لذا ستسعى إلى توفيق أوضاعها مع الجميع». لكن هذه القيادات كشفت أن «هناك اتجاهاً واسعاً داخل الإخوان بضرورة تطبيق النظام شبه الرئاسي على غرار التجربة الفرنسية عند وضع الدستور الجديد للبلاد، إذ أن هذا النظام يخفف من الأعباء على البرلمان، ليتحملها معه الرئيس المقبل، فمن الصعب أن تنقل البلد من نظام رئاسي صرف إلى نظام برلماني صرف». وللنظام شبه الرئاسي الذي يعرف أيضاً بالنظام الرئاسي - البرلماني، درجات من الشراكة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في تسيير شؤون الدولة تختلف من بلد إلى آخر. ويختلف عن النظام البرلماني في أن الرئيس ينتخب مباشرة من الشعب، لكنه، بخلاف النظام الرئاسي، يمنح رئيس الحكومة الذي يتم اختياره من الغالبية النيابية صلاحيات كبيرة. وفي ما يخص الجدل الحاصل على الساحة السياسية في شأن تشكيل اللجنة التأسيسية التي ستخوَّل وضع الدستور، أوضحت المصادر أن «القيادات الإخوانية تعي تماماً أن كل طوائف المجتمع يجب أن تمثل في هذه اللجنة، فسيكون هناك ممثلون عن النقابات المهنية والقضاء والسياسيين بكل انتماءاتهم». وينسجم حديث هذه القيادات مع تأكيدات نائب المرشد العام ل «الإخوان» الدكتور محمود عزت الذي قال ل «الحياة» إن «إصلاح ما أفسده النظام السابق مهمة المصريين جميعاً، وليس الإخوان فقط»، مشدداً على أن جماعته «ليست بمعزل عن الجميع، وتسعى إلى توافق كل القوى السياسية لبناء مصر الحديثة». ولا يرى عزت مفاجأة في تقدم «الإخوان»، مشيراً إلى أنهم «حصلوا على ثقة غالبية الناخبين في انتخابات حرة، أقبل عليها الناس بكثافة»، لكن الرجل القوي داخل مكتب الإرشاد يقلل من الاستقطاب الحاد الحاصل على الساحة السياسية بين الإسلاميين والليبراليين، محملاً وسائل الإعلام مسؤولية «تسخين الأجواء». وأوضح أن «هذه أولى تجارب الانتخابات، ويجب على الجميع أن يتعلم منها... والمهم أن نخرج مما نحن فيه الآن إلى مرحلة بناء دولة حديثة تقوم على قواعد الديموقراطية واحترام سيادة الشعب». وعن المخاوف من تفرد الإسلاميين بوضع الدستور، أكد عزت أن «الدستور يضعه الشعب، ولابد من أن يشارك بكل طوائفه السياسية والاجتماعية والدينية في صياغته». لكنه رفض وضع أي معايير لاختيار اللجنة التأسيسية، معتبراً ذلك «عدواناً على إرادة الشعب». وأوضح أن «الشعب المصري اختار كل الاتجاهات داخل البرلمان، ومن هنا فإن إرادة الشعب هي الضمانة الوحيدة لتمثيل الجميع في اللجنة التأسيسية».