فيما اقترح المجلس الاستشاري الذي عيّنه المجلس العسكري لمعاونته، تبكير انتخابات الرئاسة في مصر شهراً ليُفتح باب الترشيح في أول آذار (مارس) المقبل على أن تجرى الانتخابات في منتصف أيار (مايو) المقبل ويعلن اسم الرئيس الجديد في مطلع شهر حزيران (يونيو) بدل نهايته، بدا أن جماعة «الإخوان المسلمين» تسير في مسارات عدة. فبعيداً من تحركات حزبها «الحرية والعدالة» لنيل الغالبية في مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان)، ومن ثم الهيمنة على الجمعية التأسيسية التي سيوكل لها وضع الدستور الجديد للبلاد، علمت «الحياة» أن الجماعة انتهت من مشروع دستور جديد للبلاد يعتمد على النظام «الرئاسي - البرلماني» أو ما يسمى ب «المختلط»، وأن الدستور الجديد لن يمنح امتيازات استثنائية للمؤسسة العسكرية. وكشفت مصادر قيادية في «الإخوان» ل «الحياة» أن خبراء الجماعة انتهوا من وضع مشروع دستور جديد للبلاد، وأنها ستبدأ في عرض هذا المشروع على عدد من الخبراء الدستوريين لمناقشته قبل صوغه في شكله النهائي. وأوضحت المصادر أن الدستور الجديد اعتمد في الأساس على الأبواب الأربعة لدستور 1971 والذي كان عطّله الجيش عقب تسلمه السلطة. وتتضمن هذه الأبواب (الخاصة بالحريات العامة) النص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، غير أن الجماعة أضافت مادة على هذا النص تتعلق باحتكام أصحاب الديانات الأخرى إلى شرائعهم في مسائل الأحوال الشخصية، ما اعتُبر محاولة ل «تهدئة مخاوف الأقباط». وأشارت المصادر إلى أن خبراء «الإخوان» أجروا في المقابل تعديلات جوهرية على النظام السياسي المصري بحيث سعت الجماعة إلى محاكاة النظام الفرنسي الذي يعتمد على النظام المختلط «الرئاسي - البرلماني»، كما أنها سعت إلى تقليص صلاحيات الرئيس في تعيينات المسؤولين بحيث يخول الدستور الجديد للغالبية النيابية تشكيل الحكومة، كما أنها ستلجأ إلى انتخاب المحافظين وليس تعيينهم عبر الرئيس مثلما كان الحال في النظام السابق. أما بخصوص مستقبل الجيش في النظام السياسي، فقد أكدت المصادر أن «الجيش مؤسسة داخل الدولة يملكها الشعب وليس فوق الدولة». وشددت على أن البرلمان «سيراقب موازنة المؤسسة العسكرية». وقالت: «ستتم مناقشة البنود التفصيلية لموازنة الجيش داخل لجنة الأمن القومي في البرلمان على أن تعرض الأرقام النهائية للموازنة على البرلمان حين تتم مناقشة موازنة الدولة». وأكدت أن المؤسسة العسكرية لن تحصل على امتيازات خاصة في الدستور الجديد، لكن في الوقت نفسه يجب مراعاة «خصوصية» المسائل العسكرية وعدم علانيتها «إذ أنها أمور تمس الأمن القومي المصري». وأكدت المصادر أن مشروع الدستور الجديد سيزيل القيود الموضوعة على وسائل الإعلام، بحيث يكون مبنى الإذاعة والتلفزيون والصحف القومية تابعة إلى هيئة مستقلة، كما أنه سيرسخ حرية أكبر في إطلاق الأحزاب السياسية. ولفتت إلى أن خبراء الجماعة اعتمدوا حين صاغوا مشروع الدستور على وثائق دستورية كان وضعها قبل فترة الأزهر الشريف والتحالف السياسي الذي قامت به جماعة «الإخوان» والمسمى «التحالف الديموقراطي». وأعلنت أن الجماعة تستعد لعقد ورش عمل تضم عدداً من الخبراء الدستوريين والنخب السياسية من خارج «الإخوان المسلمين» لمناقشة مشروع الدستور، قبل أن تعكف على صوغه في شكل نهائي لتقديمه إلى اللجنة التأسيسية التي سيختارها البرلمان لوضع الدستور الجديد للبلاد. وشددت المصادر على أن جماعة «الإخوان» تسعى إلى نيل توافق عام على مشروعها الدستوري، وأنها تبدي استعداداً للاستجابة إلى الملاحظات التي قد تبديها القوى السياسية على مشروعها. من جهة أخرى، اقترح المجلس الاستشاري التبكير في إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية. وقال الناطق باسمه طارق الخولي ل «الحياة» إن المجلس خلص إلى توصية المجلس العسكري بتحديد الأول من آذار (مارس) موعداً لفتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية على أن تجرى الانتخابات في منتصف أيار (مايو) المقبل ويعلن اسم الرئيس الجديد في مطلع حزيران (يونيو). وأضاف أن المجلس أعد مذكرة من ورقتين سيرسلها إلى المجلس العسكري تحمل تصورات أعضائه بخصوص إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية وسبل نقل السلطة. وأوضح أن المجلس اقترح أن تجرى الانتخابات في 16 أيار (مايو) المقبل على أن تجرى الإعادة في حال عدم حصول أي من المرشحين على الغالبية المطلقة في 23 أيار (مايو) لتنقل السلطة إلى الرئيس المنتخب في مطلع شهر حزيران (يونيو) بدل نهايته. وكان عدد من نواب البرلمان قدموا طلبات إحاطة ومشاريع قوانين من أجل اتخاذ قرار بالتبكير بانتخابات الرئاسة.