حذر الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الغرب امس، من انتقاد النظام السياسي الروسي بعدما تحدث مراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن حصول «انتهاكات» في الانتخابات الاشتراعية التي فاز بها الحزب الحاكم بقيادة رئيس الوزراء فلاديمير بوتين بالغالبية في مجلس النواب الأحد. ونقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عن مدفيديف قوله إن ما هو مرتبط بالأحزاب السياسية «يخضع لصلاحيات السلطات الروسية وليس لصلاحيات المنظمات الدولية». وأضاف أن «مراقبة الانتخابات والانتهاكات أمر، ووضع النظام السياسي أمر آخر». وفاز حزب «روسيا الموحدة» بزعامة بوتين، حليف مدفيديف، في الانتخابات وحصل على الغالبية المطلقة في البرلمان اثر اقتراع تخللته خروق وعمليات تزوير، كما أفاد مراقبون روس وأجانب وزعماء المعارضة، الأمر الذي نفته السلطات. ودخلت واشنطن على الخط، مبدية قلقها مما وصفته بتجاوزات مثيرة للقلق في الانتخابات وطالبت بالتحقيق فيها. «الشتاء الروسي» وشهدت موسكو ومدن أخرى روسية، أجواء توتر غير مسبوقة منذ تسعينات القرن الماضي، بعد نزول آلاف إلى الشوارع، احتجاجاً على ما وصفوه ب «تزوير إرادة الشعب». وزجت السلطات بأعداد كبيرة من رجال الشرطة. وتمركزت في وسط العاصمة شاحنات عسكرية تزامناً مع تجمع آلاف المتظاهرين مساء امس، لليوم الثاني على التوالي، في مشهد سارعت وسائل إعلام معارضة إلى إطلاق تسمية «الشتاء الروسي» عليه تيمناً ب «الربيع العربي». وكان الآلاف من أنصار المعارضة تجمعوا مساء الإثنين في ساحة تبعد كيلومترات قليلة عن الكرملين، ورفعوا شعارات تتهم حزب «روسيا الموحدة» ب «سرقة» أصوات الروس، وتنتقد ما وصف بأنه «عمليات تزوير واسعة» جرت خلال انتخابات الهيئة الاشتراعية الأحد، وحاول المتظاهرون تجاوز الحواجز التي أقامتها السلطات المختصة في مسعى للوصول إلى الساحة الحمراء رغم تشديد الإجراءات الأمنية والانتشار الكثيف لرجال الشرطة وقوات مكافحة الشغب. واعتقلت الشرطة خلال مواجهات حوالى 300 شخص، بينهم أحد زعماء حركة «تضامن» إيليا ياشين والمدون المعروف بمواقفه المعادية لسياسات الكرملين أليكسي نافالني الذي دعا المتظاهرين إلى «مقاومة» عناصر الشرطة. وعلى رغم أن غالبية المشاركين في الاعتصام الأول من نوعه لجهة ضخامته منذ العام 1994، هم من أنصار اليمين الليبرالي الروسي، لكن القياديين في الحزب الشيوعي الروسي فاليري راشكين وسيرغي أوبوخوف عبرا عن تضامنهما مع الحراك الجاري وأعربا عن استنكارهما «طريقة تعامل السلطات مع المتظاهرين الذين احتجوا على سرقة أصوات الناخبين». وقال راشكين إن الشيوعيين الروس «لا يؤيدون الثورات الملونة ولكن لا يمكن سلب المواطنين حقهم في التظاهر ضد ممارسات السلطة». ونقلت وسائل إعلام روسية قريبة من المعارضة شهادات أشارت إلى أن عدداً كبيراً من أنصار المعارضة تجمعوا طوال الليل حول مركز الاحتجاز الذي تم نقل الناشطين إليه. اللافت أن المشهد ذاته تكرر في مدن أخرى بينها سان بطرسبورغ. تظاهرات مضادة وفي تطور بدا أنه استعداد للأسوأ، زجت موسكو منذ صباح أمس، أعداداً ضخمة من رجال الشرطة وقوات حفظ النظام، كما لوحظ توجه أرتال من الشاحنات والآليات العسكرية من أطراف المدينة إلى وسطها، لكن ذلك لم يمنع المعارضة من الإعلان عن عودة ناشطيها للاعتصام مساء أمس، ما أنذر بليلة ثانية من المواجهات والاعتقالات، خصوصاً بعدما أعلن عن توجه آلاف من أنصار رئيس الوزراء فلاديمير بوتين إلى وسط المدينة للاحتفال بالفوز. وقال ديمتري بيسكوف الناطق باسم رئيس الوزراء إن السلطات المختصة «ستواجه التظاهرات غير المرخصة بالطرق المناسبة». منظمة الأمن والتعاون تزامن ذلك مع توالي ردود الفعل الدولية على نتائج الانتخابات، وبعد إعلان مراقبين مستقلين أنهم رصدوا «انتهاكات بالجملة» دفعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للتعبير عن قلقها، أعلن مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن الانتخابات الروسية « شهدت انتهاكات كثيرة خلال فرز الأصوات، يتعلق أبرزها بعمليات حشو صناديق الاقتراع». ولفت بيان أصدرته المنظمة إلى أن «الانتخابات كانت منظمة في شكل جيد لكن العملية تدهورت في شكل ملحوظ خلال فرز الأصوات الذي شهد انتهاكات كثيرة للعملية، خصوصاً مع إشارات جدية إلى حصول حشو لصناديق الاقتراع». وأضافت المنظمة أن «المنافسة السياسية «كانت» محدودة وغير منصفة» خلال الحملة الانتخابية وأشارت إلى «عدم استقلالية» السلطات الانتخابية ووسائل الإعلام. لكن المنظمة أشارت إلى انه «على رغم هذه الجوانب الناقصة، فإن الناخبين مارسوا حقهم في التعبير عن رأيهم». وشدد بتروس افثيميو احد مسؤولي بعثة المراقبة في بيان على أن «لا بد من إجراء تغييرات لضمان احترام حرية الشعب». وأضاف: «لاحظت خصوصاً تدخلاً من جانب الدولة على كل مستويات الحياة السياسية بالإضافة إلى غياب الشروط اللازمة لحصول منافسة عادلة وعدم تمتع وسائل الإعلام بالحرية». وفاز حزب «روسيا الموحدة» بزعامة فلاديمير بوتين بنصف أصوات الناخبين، فيما حل «الشيوعي الروسي» ثانياً بأصوات نحو عشرين في المئة، وفشلت كل أحزاب اليمين الليبرالي في تجاوز حاجز السبعة في المئة الذي يؤهلها لدخول البرلمان الجديد. وأشارت اللجنة الانتخابية المركزية الروسية إلى «عدم تسجيل أي انتهاكات جدية» خلال الانتخابات.