بدأ الناخبون في روسيا الإدلاء بأصواتهم امس الاحد في انتخابات رئاسية من شبه المؤكد ان تسفر عن فوز (رئيس الوزراء الحالي والرئيس السابق لفترتين) فلاديمير بوتين بفترة رئاسة ثالثة على الرغم من تحدّي المعارضين شرعية انتخابات يقولون انه تمّ التلاعب فيها لصالح بوتين. ويأمل انصار بوتين بتحقيق فوز قوي يؤدي الى ابطال فعالية حركة احتجاج في المدن صوّرت بوتين الضابط السابق في جهاز المخابرات الروسية «كيه جي بي» كزعيم مستبد يحكم من خلال السماح لنخبة فاسدة بنهب ثروات روسيا اكبر منتج للطاقة في العالم. وحكم بوتين روسيا رئيسًا من عام 2000 حتى عام 2008 ثم رئيس وزراء بعد ذلك. واظهر آخر استطلاع رأي رئيسي قبل الانتخابات ان من المرجّح ان يفوز بوتين بنسبة تتراوح بين 59 و66 في المائة من الاصوات ومن ثمّ يتفادى خوض جولة اعادة من شأنها ان تؤدي الى تقويض سلطته. والفوز شبه مؤكّد بالنسبة لبوتين «59 عامًا» وهو حاكم اشاد به التليفزيون الرسمي ويخوض الانتخابات في مواجهة اربعة ساسة شقوا طريقهم في عالم السياسة من خلال خسارة الانتخابات لدخول الكرملين باستثناء الملياردير ميخائيل بروخوروف. واشارت منظمة غولوس الروسية غير الحكومية في تقرير يوم الخميس الى ان الحملة الانتخابية تميّزت باستخدام بوتين الكثيف لموارد الدولة وبالضغوط والتخويف استهدفت خصوصًا المعارضة ووسائل الاعلام المستقلة. وهذه المنظمة التي اصبحت مستهدفة من السلطات منذ تنديدها بعمليات تزوير كثيفة في الانتخابات التشريعية في ديسمبر الماضي، اكدت ان لديها اكثر من 2500 مراسل في البلاد. واعلن الحزب الشيوعي انه نشر آلاف المراقبين في مراكز الاقتراع. كانت الشهادات واشرطة الفيديو التي نشرت على الانترنت عن حشو صناديق وعمليات تزوير اخرى مفترضة اسهمت في تصاعد موجة الاحتجاجات غير المسبوقة التي يواجهها النظام الروسي منذ ثلاثة اشهر. ولاحظ احد صحافيي وكالة فرانس برس صباح امس الاحد في مكاتب التصويت في موسكو وجود العديد من المراقبين. وكانت الشهادات واشرطة الفيديو التي نشرت على الانترنت عن حشو صناديق وعمليات تزوير اخرى مفترضة اسهمت في تصاعد موجة الاحتجاجات غير المسبوقة التي يواجهها النظام الروسي منذ ثلاثة اشهر. وقد واجه بوتين هذه الاحتجاجات بلهجة شديدة تارة والمرونة تارة اخرى، متهمًا المعارضة والمراقبين بخدمة مصالح الخارج حينًا واعلانه نصب كاميرات في كل مركز اقتراع تمكّن من مراقبة عمليات التصويت على الانترنت. وبحسب السلطات نصبت 180 الف كاميرا في غضون اسابيع تنقل مباشرة سير عمليات الاقتراع. لكن بعثة منظمة الامن والتعاون في اوروبا لمراقبة الانتخابات في روسيا شكّكت في فاعلية مثل هذه المبادرة.. واشار الحزب الشيوعي الى تسجيل عمليات تزوير اولى امس الاحد في فلاديفوستوك. وكانت الاحتجاجات قد اندلعت بسبب انتخابات برلمانية متنازع عليها جرت في الرابع من ديسمبر ولكن الغضب تركّز على بوتين الذي اعدّ اعلان خوضه انتخابات الرئاسة في 24 سبتمبر بأسلوب غير متقن بدا من خلاله وكأنه يبلغ الروس بأنه سيحكم البلاد لمدة ست سنوات اخرى. وقال بوتين في تصريحات نشرت الجمعة انه واثق من قدرته على الحفاظ على السيطرة والدعم الشعبي بدون التضييق على المعارضة أو الاستجابة لمطالبها. وردًا على سؤال في اجتماع مع رؤساء تحرير صحف أجنبية حول ما اذا كان سيقمع المعارضة بعد الانتخابات قال بوتين: لماذا أحتاج لهذا..؟! وكثيرًا ما استخدمت السلطات الروسية أساليب عنيفة للتعامل مع المعارضين لكنها تحلت بضبط النفس مع الاحتجاجات التي خرجت في الآونة الاخيرة وأجرت محادثات مع قيادات للاتفاق على أماكن الاحتجاجات.. وانتشرت الشرطة بصورة كبيرة لكن تدخّلها كان نادرًا. ويخشى بعض النشطين من تغيّر الصورة بعد الانتخابات ويخشون قمع المعارضة السياسية في البلاد. وفي لندن قالت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية المحافظة في عددها الصادر امس الأحد إنه ما لم يقع زلزال يهزّ روسيا فإن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين سيعود إلى قصر الكرملين رئيسًا. ويأتي ذلك بمناسبة انتخابات الرئاسة التي تجرى في روسيا، حيث يعتبر فوز بوتين رجل موسكو القوي في هذه الانتخابات أمرًا في حكم المؤكد. غير أن الصحيفة أشارت إلى أن فوز بوتين في هذه الانتخابات سيكون بمثابة استفادة للرئيس الروسي السابق من النظام «الفاسد» الذي أرساه. وأضافت الصحيفة «لكن أوراق اللعب تغيّرت والكل يعرف هذه القصة جيدًا، فكما هو الحال في دول أخرى فإن الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر نقلت آراء لم تستطع الرقابة منعها». وتابعت الصحيفة أن هذه الآراء أفادت بأن مواطني روسيا يطالبون بإنهاء الفساد والسلوك الإجرامي الذي يميّز طريقة الحكم في روسيا. واختتمت الصحيفة تعليقها قائلة إنه على الرغم من أن بوتين سيكون «آخر الديناصورات الروس» إلا أن ذلك لن يوقف المطالب الداعية إلى روسيا جديدة ديمقراطية «بل على العكس سيقوّيها».